وقال أيضا رحمه الله في آخر باب الجنابة: "واختلفوا أيضا في قراءة القرآن للجنب، فذهب الجمهور إلى منع ذلك لحديث علي فذكره، إلى أن قال: وذهب آخرون إلى إباحة ذلك قالوا: إن حديث علي لا يوجب شيئا، لأنه ظن من الراوي، ومن أين يعلم أحد أن ترك القراءة كان لموضع الجنابة إلا إن أخبره بذلك عليه السلام، والجمهور قالوا: لم يكن علي قال هذا عن توهم وظن، إنما قاله عن تحقق، وقوم جعلوا الحائض في هذا بمنزلة الجنب، وقوم فرقوا بينهما وأجازوا للحائض القراءة استحبابا لطول مقامها، وهي عندي أعذر من الجنب المضيع للغسل إذ هي لا تصل إلى الطهارة ولو اغتسلت فهي معذورة، والله أعلم، انتهى".
وقال أيضا عند آخر الكلام على ممنوعات الحيض: "وفي الأثر وليس على الحائض في ذكر الله وقراءة القرآن واستقبال القبلة بأس، ولا تمنع من ذكر الله،<1/24> وقال بعضهم: يكره لها قراءة القرآن، والأول أحب إلى العلماء لأنهم مجمعون على أنها تذكر الله، والذي خلق القرآن أعظم من القرآن، ولا يدنس الذكر بدنس الأجساد إلى آخره"، ولم يذكر رحمه الله الترخيص في مس المصحف للجنب ولا للحائض، وأما القراءة لمن لم يكن جنبا فالظاهر اختيار جوازها كما يؤخذ من كلامهم على ما لقارئ القرآن من الأجر، وهو أنه إذا كان في الصلاة فله بكل حرف خمسون حسنة، وإذا كان خارجا من الصلاة فله بكل حرف عشر حسنات إذا كان على الوضوء، وإذا كان على غير الوضوء فله بكل حرف حسنة، وإذا كان الأمر كذلك يكون النهي عن القراءة حتى يكون متوضئا محمولا على التنزيه لا على التحريم، والله أعلم، فليحرر.
صفحه ۲۳