قوله: «لا يقرؤون القرآن ولا يطؤون مصحفا» وفي بعض النسخ وفي نسخ الإيضاح: (لايقرؤون القرآن ولا يطؤون مصحفا) بالنون، ولا منافاة بينهما، لأنه وإن كان خبرا فمعناه الإنشاء، على حد {وإذ اخذنا ميثاق بني إسرآئيل <1/23> لا تعبدون إلا الله}[البقرة:83]، وظاهر هذا الحديث عدم التفرقة بين الأحداث الثلاثة. وظاهر كلام الإيضاح يدل على التفرقة بينهما، وعلى التفرقة بين القراءة واللمس، وإن هذا النهي ليس متفقا عليه، فإنه ذكر في آخر باب الوضوء في مسألة ما تفعل له هذه الطهارة اختلافا بين العلماء هل يشترط لمس المصحف أولا، وذكر أن سبب الخلاف تردد المفهوم من قوله تعالى: {لا يمسه, إلا المطهرون} [الواقعة:79] بين أن يكون المطهرون بني آدم وبين أن يكون الملائكة وبين أن يكون هذا الخبر مفهومه النهي وبين أن يكون خبرا لا نهيا، إلى أن قال: بعد ذكر هذا الحديث مقويا لمن فهم من الآية بني آدم والنهي ما نصه: "ومن فهم من لفظ المطهرين الملائكة وفهم من الآية الخبر، قال ليس في الآية دليل على اشتراط هذه الطهارة في مس المصحف، وإذا لم يكن دليل لا من كتاب ولا من سنة ثابتة بقي الأمر على البراء الأصلية وهي الإباحة، انتهى.
أقول لكن قوله: «ولا من سنة ثابتة» مع ثبوت رواية جابر لهذا الحديث تأمل، وذكر أيضا في الإيضاح الخلاف هل من شرط القراءة هذه الطهارة أم لا، وذكر أن سبب الخلاف تعارض حديث جابر المذكور، وحديث علي أنه كان صلى الله عليه وسلم لا يمتنع من قراءة القرآن إلا إذا كان جنبا، انتهى.
صفحه ۲۲