حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني
حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني
پژوهشگر
يوسف الشيخ محمد البقاعي
ناشر
دار الفكر
شماره نسخه
الأولى
محل انتشار
بيروت
ژانرها
فقه مالکی
وَالْخَيْرُ مَا يُحْمَدُ فَاعِلُهُ شَرْعًا وَالشَّرُّ عَكْسُهُ وَمَعْنَى يَرَهُ يَرَ جَزَاءَ عَمَلِهِ.
(وَ) مِمَّا يَجِبُ اعْتِقَادُهُ إثْبَاتُ الشَّفَاعَةِ لِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ فَ (يَخْرُجُ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ (مِنْهَا) أَيْ مِنْ دَارِ الْعِقَابِ بِالنَّارِ (بِشَفَاعَةِ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ) فَاعِلِ يَخْرُجُ أَيْ يَخْرُجُ الَّذِي (شَفَعَ لَهُ) النَّبِيُّ ﷺ (مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ) يَعْنِي الْعُصَاةَ مِنْ الْمُوَحِّدِينَ (مِنْ أُمَّتِهِ) ﷺ. ك: أَجْمَعَ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَقِّ عَلَى ثُبُوتِ الشَّفَاعَةِ لِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ وَلِسَائِرِ الرُّسُلِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْمُؤْمِنِينَ
ــ
[حاشية العدوي]
لَمَا اُحْتِيجَ إلَى قَوْلِهِ: وَلَا غَيْرِهِ، فَفِي الْعِبَارَةِ شِبْهُ اسْتِخْدَامٍ [قَوْلُهُ: وَإِطْلَاقُ الْمِثْقَالِ إلَخْ] أَيْ وَاسْتِعْمَالُ الْمِثْقَالِ أَيْ الْمِثْقَالِ الْمُضَافُ لِلذَّرَّةِ.
[قَوْلُهُ: مَجَازٌ] أَيْ اسْتِعَارَةٌ وَتَقْرِيرُهَا شَبَّهَ الْقَلِيلَ مِنْ الْخَيْرِ بِمِثْقَالِ الذَّرَّةِ مِنْ الْمَحْسُوسِ بِجَامِعِ الْقِلَّةِ، وَاسْتَعَارَ اسْمَ الْمُشَبَّهِ بِهِ لِلْمُشَبَّهِ اسْتِعَارَةً تَصْرِيحِيَّةً. [قَوْلُهُ: إذْ الْمَعْنَى] أَيْ وَهُوَ الْعَمَلُ. [قَوْلُهُ: لَا يُوزَنُ] أَيْ لَا يُعْقَلُ وَزْنُهُ إلَخْ. قُلْت: وَلَعَلَّ هَذَا إشَارَةً إلَى قَوْلِ مُجَاهِدٍ وَالضَّحَّاكِ وَالْأَعْمَشِ: أَنَّهُ لَا مِيزَانَ، وَيَحْمِلُونَ آيَاتِ الْمِيزَانِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَذِكْرُ الْمِيزَانِ وَالْوَزْنِ ضَرْبُ مَثَلٍ كَمَا يُقَالُ: هَذَا الْكَلَامُ فِي وَزْنِ هَذَا أَيْ يُعَادِلُهُ وَيُسَاوِيهِ، وَرُدَّ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ تَجَوُّزٌ مَعَ إمْكَانِ الْحَقِيقَةِ كَمَا قَالَ اللَّقَانِيُّ. ثُمَّ أَقُولُ: وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ لِأَهْلِ السُّنَّةِ غَيْرُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَوْزُونَ الْكُتُبُ الَّتِي اشْتَمَلَتْ عَلَى أَعْمَالِ الْعِبَادِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَسَنَاتِ تَكُونُ مُتَمَيِّزَةً بِكِتَابٍ وَالسَّيِّئَاتِ بِكِتَابٍ آخَرَ.
الثَّانِي: أَنَّ الْمَوْزُونَ نَفْسُ الْأَعْمَالِ إمَّا لِجَوَازِ أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ تِلْكَ الْأَعْمَالَ أَجْسَامًا نُورَانِيَّةً فِي الْحَسَنَاتِ وَظُلْمَانِيَّةً فِي السَّيِّئَاتِ، ثُمَّ تُطْرَحُ تِلْكَ الْأَجْسَامُ فِي الْمِيزَانِ وَلَا يَلْزَمُ قَلْبُ الْحَقِيقَةِ الْمُمْتَنِعِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُمْتَنَعُ كَمَا قَالَ اللَّقَانِيُّ مَعَ بَقَاءِ الْحَقِيقَةِ الْأُولَى بِعَيْنِهَا، وَإِمَّا لِجَوَازِ أَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ أَجْسَامًا عَلَى عَدَدِ تِلْكَ الْأَعْمَالِ مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرٍ لِلْأَعْمَالِ عَنْ الْعَرَضِيَّةِ. [قَوْلُهُ: النَّمْلَةُ الصَّغِيرَةُ] وَقِيلَ: النَّمْلَةُ الْحَمْرَاءُ أَوْ الْبَيْضَاءُ أَوْ رَأْسُهُمَا أَوْ شَيْءٌ لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ أَوْ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْكَفِّ مِنْ التُّرَابِ إذَا وُضِعَ عَلَى الْأَرْضِ. [قَوْلُهُ: مَا يُحْمَدُ فَاعِلُهُ شَرْعًا] كَانَ ذَلِكَ بِالْقَلْبِ أَوْ اللِّسَانِ أَوْ الْجَوَارِحِ [قَوْلُهُ: وَالشَّرُّ عَكْسُهُ] أَيْ وَهُوَ مَا يُذَمُّ فَاعِلُهُ شَرْعًا، فَإِنْ قُلْت: هَلَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قُلْنَا. وَعَبْدُ اللَّهِ قَدْ يَتَخَلَّفُ وَلَيْسَ بِنَقْصٍ. [قَوْلُهُ: يَرَهُ] أَيْ فِي الْآخِرَةِ، هَذَا فِي الْمُؤْمِنِ وَأَمَّا مَا عَمِلَهُ الْكَافِرُ مِنْ خَيْرٍ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ فَقِيلَ: يُجَازَى عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا بِالتَّنْعِيمِ وَمُعَافَاةِ الْبَدَنِ وَكَثْرَةِ الْوَلَدِ، وَقِيلَ: فِي دَارِ الْعَذَابِ بِتَخْفِيفِ عَذَابِ غَيْرِ الْكُفْرِ.
[قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ دَارِ الْعِقَابِ إلَخْ] الْمُنَاسِبُ لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ أَنْ يُرْجِعَ الضَّمِيرَ لِلنَّارِ فَيَقُولَ: فَيَخْرُجُ مِنْهَا أَيْ مِنْ النَّارِ. وَقَوْلُهُ: بِالنَّارِ مُتَعَلِّقٌ بِالْعِقَابِ أَيْ فِي الْأَغْلَبِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْعِقَابَ قَدْ يَكُونُ بِغَيْرِ النَّارِ كَمَا قَدَّمْنَا. [قَوْلُهُ: بِشَفَاعَةِ النَّبِيِّ ﷺ] خَصَّهُ بِالذِّكْرِ مَعَ كَوْنِ غَيْرِهِ يَشْفَعُ أَيْضًا فِي إخْرَاجِ الْمُوَحِّدِينَ مِنْ النَّارِ لِمَا قَالَهُ بَعْضُ الْعَارِفِينَ: أَوَّلُ شَافِعٍ مُحَمَّدٌ ﵊ ثُمَّ الْمُرْسَلُونَ ثُمَّ الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الْعُلَمَاءُ ثُمَّ الشُّهَدَاءُ ثُمَّ الصُّلَحَاءُ مِنْ سَائِرِ الْمُؤْمِنِينَ. [قَوْلُهُ: الْعُصَاةَ مِنْ الْمُوَحِّدِينَ] أَيْ غَالِبًا فَقَدْ وَرَدَ «أَنَّهُ ﵇ شَفَعَ فِي عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ فَإِنَّهُ نُقِلَ مِنْ غَمَرَاتٍ إلَى ضَحْضَاحٍ» . أَيْ يَسِيرٍ مِنْ نَارٍ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ يَغْلِي دِمَاغُهُ، وَفِي رِوَايَةٍ أُمُّ دِمَاغِهِ أَيْ رَأْسِهِ. [قَوْلُهُ: مِنْ أُمَّتِهِ] مِنْ تَبْعِيضِيَّةٌ لَا بَيَانِيَّةٌ وَإِلَّا لَاقْتَضَى أَنَّ كُلَّ أُمَّتِهِ أَهْلُ كَبَائِرَ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّارِحِ هَذَا أَنَّهُ لَا يَشْفَعُ فِي أَحَدٍ مِمَّنْ تَقَدَّمَ مِنْ الْأُمَمِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: غَالِبًا وَحَرِّرْ. [قَوْلُهُ: أَجْمَعَ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ إلَخْ] ذَكَرَ بَعْضُ الْأَكَابِرِ أَنَّ السَّلَفَ مَا قَبْلَ الْأَرْبَعِمِائَةِ، وَالْخَلَفُ مَا بَعْدَ الْخَمْسِمِائَةِ.
وَقَالَ الشُّمُنِّيُّ الْمُتَأَخِّرُونَ مَا بَعْدَ الْخَمْسِمِائَةِ اهـ.
وَتَأَمَّلْ. [قَوْلُهُ: مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ إلَخْ] أَيْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالسَّلَفِ وَالْخَلَفِ مَنْ تَقَدَّمَ وَمَنْ تَأَخَّرَ مُطْلَقًا حَتَّى يَشْمَلَ مَنْ كَانَ ذَا بِدْعَةٍ، بَلْ الْمُرَادُ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ بِقَيْدِ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَقُّ إذْ لَا عِبْرَةَ بِغَيْرِهِمْ. [قَوْلُهُ: وَالْحَقِّ] عَطْفُ تَفْسِيرٍ. [قَوْلُهُ: وَلِسَائِرِ الرُّسُلِ] أَرَادَ بِهِمْ مَا يَشْمَلُ الْأَنْبِيَاءَ، وَهَلْ شَفَاعَتُهُمْ خَاصَّةً بِأُمَمِهِمْ فَيَشْفَعُ كُلُّ وَاحِدٍ فِي أُمَّتِهِ لَا غَيْرُ أَوْ لَيْسَتْ بِخَاصَّةٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ.
[قَوْلُهُ: وَالْمَلَائِكَةِ] وَشَفَاعَتُهُمْ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ فِيمَا
1 / 82