حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني
حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني
پژوهشگر
يوسف الشيخ محمد البقاعي
ناشر
دار الفكر
شماره نسخه
الأولى
محل انتشار
بيروت
ژانرها
فقه مالکی
نَبِيِّهِ ﷺ) وَلَمَّا كَانَتْ رِسَالَةُ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ مَانِعَةً مِنْ ظُهُورِ نُبُوَّةٍ وَرِسَالَةٍ بَعْدَهُ شُبِّهَتْ بِالْخَتْمِ الْمَانِعِ مِنْ ظُهُورِ مَا خُتِمَ عَلَيْهِ، فَكَانَ خِتَامَهُمْ ﷺ مَنْ كَذَّبَ بِذَلِكَ أَوْ شَكَّ فِيهِ فَهُوَ كَافِرٌ ثُمَّ فَسَّرَ خَتْمَ الرِّسَالَةِ بِقَوْلِهِ (فَجَعَلَهُ) أَيْ صَيَّرَ اللَّهُ النَّبِيَّ ﷺ (آخِرَ الْمُرْسَلِينَ بَشِيرًا) مِنْ الْبِشَارَةِ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا إذَا أُطْلِقَتْ لَا تَكُونُ إلَّا بِالْخَيْرِ، فَإِذَا قُيِّدَتْ جَازَ أَنْ تَكُونَ بِالشَّرِّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [آل عمران: ٢١] (وَ) جَعَلَهُ (نَذِيرًا) مِنْ النِّذَارَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ وَهِيَ لِلْعَاصِينَ، وَالْبِشَارَةُ لِلطَّائِعِينَ (وَدَاعِيًّا) مِنْ الدَّعْوَةِ وَهِيَ لِجَمِيعِ الْمُكَلَّفِينَ وَالدُّعَاءُ (إلَى اللَّهِ) تَعَالَى بِتَبْلِيغِ التَّوْحِيدِ وَمُكَافَحَةِ الْكَفَرَةِ، (بِإِذْنِهِ) أَيْ بِأَمْرِهِ أَيْ إلَى أَمْرِهِ (وَسِرَاجًا مُنِيرًا) وَالْأَصْلُ فِيمَا ذُكِرَ
ــ
[حاشية العدوي]
وَنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ[قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَتْ رِسَالَةُ إلَخْ] الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: وَلَمَّا كَانَتْ رِسَالَةُ نَبِيِّنَا ﷺ وَنِذَارَتُهُ وَنُبُوَّتُهُ مَانِعَةً مِنْ ظُهُورِ رِسَالَةٍ وَنِذَارَةٍ وَنُبُوَّةٍ بَعْدَهُ شُبِّهَتْ بِالْخَتْمِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِعَارَةِ بِالْكِنَايَةِ وَإِثْبَاتِ خَتْمِ تَخْيِيلٍ، أَيْ وَشُبِّهَتْ الرِّسَالَاتُ وَالنِّذَارَاتُ وَالنُّبُوَّاتُ بِشَيْءٍ نَفِيسٍ مَخْتُومٍ عَلَيْهِ، وَاسْتُعِيرَ اسْمُ الْمُشَبَّهِ بِهِ لِلْمُشَبَّهِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ بِالْكِنَايَةِ، وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ خَتْمَ قَرِينَةُ الِاسْتِعَارَتَيْنِ الْمَكْنِيَّتَيْنِ.
وَقَوْلُهُ: بِالْخَتْمِ الْأَوْلَى الْخَاتَمُ الَّذِي هُوَ الْآلَةُ؛ لِأَنَّهُ الْمُشَبَّهُ بِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: تُعُورِفَ الْخَتْمُ فِي الْخَاتَمِ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: الْمَانِعُ مِنْ ظُهُورٍ] أَيْ بِاعْتِبَارِ أَثَرِ تِلْكَ الْآلَةِ. [قَوْلُهُ: خِتَامَهُمْ] أَيْ تَمَامَهُمْ أَيْ مُتَمِّمَهُمْ رِسَالَةً وَنِذَارَةً وَنُبُوَّةً أَيْ فَلَزِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْمُصْطَفَى مُتَمِّمُهُمْ. [قَوْلُهُ: ثُمَّ فُسِّرَ خَتْمُ الرِّسَالَةِ] أَيْ جِنْسُ الرِّسَالَةِ أَيْ الْجِنْسُ فِي جَمِيعِ الْأَفْرَادِ، فَالْمَخْتُومُ جَمْعُ الرِّسَالَاتِ لَا رِسَالَةٌ وَاحِدَةٌ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ وَالنِّذَارَةُ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ تَفْسِيرٌ بِاللَّازِمِ.
[قَوْلُهُ: آخِرَ الْمُرْسَلِينَ] مُقْتَضَى الظَّاهِرِ أَنْ يَقُولَ: فَجَعَلَهُ آخِرَ الْمُرْسَلِينَ وَالْمُنْذِرِينَ وَالنَّبِيِّينَ رَسُولًا وَمُنْذِرًا وَنَبِيًّا إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَاحَظَ بِقَوْلِهِ بَشِيرًا إلَخْ. الْإِشَارَةُ إلَى الْآيَةِ [قَوْلُهُ: بَشِيرًا] أَيْ مُخْبِرًا لِلطَّائِعِينَ بِالْخَيْرِ مِنْ الْبِشَارَةِ، وَهِيَ الْخَبَرُ السَّارُّ، وَسُمِّيَ بِالْبِشَارَةِ؛ لِأَنَّ بَشَرَةَ الْإِنْسَانِ أَيْ جِلْدَهُ تَحْسُنُ عِنْدَهُ [قَوْلُهُ: إذَا أُطْلِقَتْ] أَيْ هَذِهِ الْمَادَّةُ وَلَوْ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَبَشِّرْهُمْ﴾ [آل عمران: ٢١] [قَوْلُهُ: جَازَ أَنْ تَكُونَ بِالشَّرِّ] وَهَذَا الِاسْتِعْمَالُ عَلَى جِهَةِ الْمَجَازِ وَالْعَلَاقَةُ بَيْنَ الْبِشَارَةِ وَالنِّذَارَةِ مُطْلَقُ التَّأَثُّرِ؛ لِأَنَّ الْمُبَشَّرَ يَحْمَرُّ وَجْهُهُ وَالْمُنْذَرُ يَصْفَرُّ وَجْهُهُ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ.
[قَوْلُهُ: وَجَعَلَهُ نَذِيرًا] لَا حَاجَةَ لِتَقْدِيرٍ جَعَلَهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: بَشِيرًا الْوَاقِعُ حَالًا إلَّا أَنْ يُقَالَ قَصَدَ حَلَّ الْمَعْنَى وَجَانِبَهُ. [قَوْلُهُ: وَهِيَ لِلْعَاصِينَ] تَقَدَّمَ أَنَّ النِّذَارَةَ هِيَ التَّحْذِيرُ مِنْ السُّوءِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ كَمَا يَكُونُ لِلْمُتَلَبِّسِ بِالسُّوءِ يَكُونُ لِغَيْرِ الْمُتَلَبِّسِ بِهِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَتَلَبَّسَ بِهِ، فَحِينَئِذٍ لَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ فَهُوَ لِلْعَاصِينَ إلَّا أَنْ يُقَالَ هِيَ لِلْعَاصِينَ بِالْقَصْدِ الْأَوْلَى، وَقَوْلُهُ: وَالْبِشَارَةُ لِلطَّائِعِينَ. يُقَالُ أَيْضًا: إنَّ الْبِشَارَةَ الْخَبَرُ السَّارُّ، وَكَمَا تَكُونُ لِلْمُتَلَبِّسِ بِالطَّاعَةِ تُقَالُ لِغَيْرِهِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَنْتَهِيَ عَنْ فِعْلِهِ وَيُجَابُ بِمَا تَقَدَّمَ.
[قَوْلُهُ: وَهِيَ لِجَمِيعِ إلَخْ] أَيْ أَنَّ الدَّعْوَةَ الَّتِي اُشْتُقَّ مِنْهَا دَاعِيًا لِجَمِيعِ الْمُكَلَّفِينَ، وَفِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَقَّ مِنْهُ لَيْسَ مَأْخُوذًا فِي مَفْهُومِهِ التَّعَلُّقُ لِجَمِيعِ الْمُكَلَّفِينَ، نَعَمْ ذَلِكَ الْمُشْتَقُّ الَّذِي هُوَ وَصْفُهُ ﷺ مُتَعَلِّقٌ بِجَمِيعِ الْمُكَلَّفِينَ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَدَاعِيًا جَمِيعَ الْمُكَلَّفِينَ. [قَوْلُهُ: وَالدُّعَاءُ] لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ قَوْلُهُ إلَى اللَّهِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ دَاعِيًا إلَى اللَّهِ أَيْ إلَى الْإِقْرَارِ بِهِ وَتَوْحِيدِهِ، وَمَا يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ مِنْ صِفَاتِهِ أَيْ أَنَّهُ ﷺ طَالِبٌ مِنْهُمْ الْإِقْبَالَ إلَيْهِ، وَيُجَابُ عَنْ الشَّارِحِ أَنَّهُ قَصَدَ حَلَّ الْمَعْنَى.
[قَوْلُهُ: بِتَبْلِيغِ التَّوْحِيدِ] الْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ أَيْ أَنَّ الدُّعَاءَ عِبَارَةٌ عَنْ تَبْلِيغِ التَّوْحِيدِ أَيْ الْأَحْكَامِ الِاعْتِقَادِيَّةِ.
[قَوْلُهُ: وَمُكَافَحَةِ الْكَفَرَةِ] أَيْ رَدِّهِمْ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ كَمَا هُوَ دَاعِي الْخَلْقِ إلَى التَّوْحِيدِ فَهُوَ دَاعِيهِمْ إلَى الْأَحْكَامِ الْفَرْعِيَّةِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُزِيدُهَا الشَّارِحُ. [قَوْلُهُ: بِإِذْنِهِ أَيْ بِأَمْرِهِ] أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ حَقِيقَةَ الْإِذْنِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَةَ وَاجِبَةٌ، وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا مَعَ الْأَمْرِ بِهَا لَا الْإِذْنِ الْمُتَبَادَرِ
1 / 72