Haashiyat al-‘Attaar ‘Ala Jam‘ al-Jawami‘
حاشية العطار على جمع الجوامع
ناشر
دار الكتب العلمية
شماره نسخه
بدون طبعة وبدون تاريخ
ژانرها
اصول فقه
أَيْ وَهُوَ الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى لِإِنْعَامِهِ بِالْخَلْقِ وَالرِّزْقِ وَالصِّحَّةِ وَغَيْرِهَا بِالْقَلْبِ بِأَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ تَعَالَى
ــ
[حاشية العطار]
تَعَالَى وَتَقَدَّسَ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِشُكْرِ شَاكِرٍ أَوْ عِبَادَةِ عَابِدٍ كَيْفَ وَقَدْ ثَبَتَ لَهُ الْغِنَى الْمُدَلْمَقُ إذْ لَوْ انْتَفَعَ بِذَلِكَ لَزِمَ افْتِقَارُهُ إلَى خَلْقِهِ وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ فَكَذَا الْمَلْزُومُ.
وَأَمَّا فَلِأَنَّ النِّعْمَةَ الْوَاصِلَةَ إلَى الشَّاكِرِ بِالنِّسْبَةِ إلَى مُسْدِيهَا وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى كَلَا شَيْءٍ؛ لِأَنَّ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا لَا تُسَاوِي عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ فَلَا يَسْتَوْجِبُ شُكْرًا فَلَوْلَا أَنَّ اللَّهَ أَمَرَنَا بِالشُّكْرِ عَلَى النِّعَمِ مُطْلَقًا لَمْ يَكُنْ الشُّكْرُ وَاجِبًا فَيَكُونَ الشُّكْرُ وَاجِبًا بِالشَّرْعِ لَا بِالْعَقْلِ وَلَا يَخْفَى ضَعْفُ الشِّقِّ الثَّانِي أَعْنِي قَوْلَهُ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ النِّعْمَةَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: أَيْ وَهُوَ الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى) قَالَ الْكَمَالُ كَلَامُ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّ مَوْضُوعَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُوَ الشُّكْرُ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَهُوَ فِعْلٌ يُنْبِئُ عَنْ تَعْظِيمِ الْمُنْعِمِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُنْعِمٌ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ مَوْضُوعَهَا الشُّكْرُ بِالْمَعْنَى الْعُرْفِيِّ وَهُوَ صَرْفُ الْعَبْدِ جَمِيعَ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِ إلَى مَا خُلِقَ لِأَجْلِهِ كَصَرْفِ النَّظَرِ إلَى مَصْنُوعَاتِهِ وَالسَّمْعِ إلَى تَلَقِّي أَوَامِرِهِ وَإِنْذَارِهِ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ. قَالَ سم بَعْدَ تَسْلِيمِ الشَّارِحِ إنَّ مَوْضُوعَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْمَعْنَى الْعُرْفِيُّ يَكُونُ غَايَةَ الْأَمْرِ أَنَّ الشَّارِحَ فَرَضَ الْخِلَافَ فِي بَعْضِ صُوَرِ مَحَلِّ النِّزَاعِ فَإِنَّ الشُّكْرَ بِالْمَعْنَى الَّذِي بَيَّنَهُ مِنْ جُمْلَةِ صُوَرِ الشُّكْرِ الْعُرْفِيِّ وَلَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ.
وَأَمَّا حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى الشُّكْرِ الْعُرْفِيِّ بِجَعْلِ أَوْ فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَإِدْخَالِ بَقِيَّةِ أَنْوَاعِ صَرْفِ الْعَبْدِ جَمِيعَ مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِ لِلطَّاعَةِ فِي قَوْلِهِ أَوْ غَيْرِهِ أَيْ أَوْ الثَّنَاءُ بِغَيْرِهِ فَيَمْنَعُهُ الشَّارِحُ اُعْتُبِرَ فِي مَعْنَى الشُّكْرِ الَّذِي ذَكَرَهُ أَنْ يَكُونَ الثَّنَاءُ لِأَجْلِ الْإِنْعَامِ وَالْعُرْفِيُّ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ ذَلِكَ اهـ.
ثُمَّ إنَّ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ الثَّنَاءُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ أَوْ عُمُومٌ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِ الرَّأْيَيْنِ فَإِنَّ إطْلَاقَ الثَّنَاءِ عَلَى عَمَلِ اللِّسَانِ حَقِيقَةٌ وَعَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْقَلْبِ وَالْجَوَارِحِ مَجَازٌ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّهُ الذِّكْرُ بِخَيْرٍ فَيَخْتَصُّ بِاللِّسَانِ فَإِنْ مَشَيْنَا عَلَى أَنَّهُ الْإِتْيَانُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى التَّعْظِيمِ سَوَاءٌ كَانَ بِاللِّسَانِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَلَا تَجَوُّزَ وَيَرِدُ عَلَى الْأَوَّلِ لُزُومُ وُقُوعِ الْمَجَازِ فِي التَّعْرِيفِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ وَيُدْفَعُ بِأَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ وَاضِحَةٌ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ هُنَا وَهِيَ تَقْسِيمُهُ إلَى الْأَقْسَامِ الْمَذْكُورَةِ وَقَوْلُ سم إنَّ الشَّارِحَ فَرَضَ الْخِلَافَ إلَخْ لَمْ يَظْهَرْ وَجْهُهُ فَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ إنَّ الشَّارِحَ صَوَّرَ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ بِغَيْرِ وَجْهِهِ.
(قَوْلُهُ: لِإِنْعَامِهِ) تَعْلِيلٌ لِلثَّنَاءِ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ لِاعْتِبَارِهِ فِي مَفْهُومِ الشُّكْرَ فَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ لَفْظِ الشُّكْرِ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الشِّهَابِ إنَّ الشَّارِحَ أَخَذَهُ مِنْ تَرْتِيبِ الشُّكْرِ عَلَى النِّعَمِ إذْ تَرَتُّبُ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ يُشْعِرُ بِعِلِّيَّةِ الْوَصْفِ لِلْحُكْمِ.
(قَوْلُهُ: بِالْخَلْقِ) قَالَ الشِّهَابُ حَقِيقَةُ الْخَلْقِ الْإِيجَادُ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْإِنْعَامِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُنْعَمًا بِهِ فَلْيُحْمَلْ عَلَى أَنَّهُ بِمَعْنَى الْمَخْلُوقِ اهـ.
وَأَجَابَ سم بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَلْقِ الْمَعْنَى الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ وَكَذَا الرِّزْقُ إنْ ضُبِطَ بِالْفَتْحِ وَاسْتِعْمَالُ الْمَصْدَرِ فِي الْحَاصِلِ بِهِ أَمْرٌ شَائِعٌ. اهـ.
وَلَك أَنْ تَقُولَ إنَّ بِالْخَلْقِ مُتَعَلِّقٌ بِالثَّنَاءِ وَقَوْلُهُ الرِّزْقِ بِكَسْرِ الرَّاءِ لِإِعْطَائِهِ الرِّزْقَ وَكَذَا الصِّحَّةُ أَيْ يُثْنَى عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْأَفْعَالِ.
(قَوْلُهُ: بِالْقَلْبِ) مُتَعَلِّقٌ بِالثَّنَاءِ وَقَوْلُهُ بِأَنْ يَعْتَقِدَ تَفْسِيرٌ لِلثَّنَاءِ بِالْقَلْبِ وَتَعَلُّقُ الْإِيجَابِ الَّذِي شَرَطَهُ كَوْنُ مُتَعَلِّقِهِ فِعْلًا اخْتِيَارِيًّا بِالِاعْتِقَادِ الَّذِي هُوَ كَيْفٌ عَلَى التَّحْقِيقِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَعَلُّقُهُ بِأَسْبَابِهِ الْمَقْدُورَةِ كَالنَّظَرِ، ثُمَّ فِي قَوْلِهِ بِأَنْ يَعْتَقِدَ إلَخْ إشْعَارٌ بِأَنَّ الْمُنْعَمَ عَلَيْهِ إذَا أَثْنَى بِقَلْبِهِ عَلَى الْمُنْعِمِ بِغَيْرِ
1 / 86