حاشیه بر تفسیر بیضاوی
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
ژانرها
أو بالذي جعل لكم إن استأنفت به على أنه نهي وقع خبرا على تأويل مقول فيه لا تجعلوا، والفاء للسببية أدخلت عليه لتضمن المبتدأ معنى الشرط، والمعنى أن من حفكم بهذه النعم الجسام والآيات العظام ينبغي أن لا يشرك به. والند المثل المناوي قال جرير:
أتيما تجعلون إلي ندا ... وما تيم لذي حسب نديد
تتقوا فلا تجعلوا لله أندادا. قوله: (أو بالذي جعل لكم) عطف على قوله: «باعبدوا» أو على قوله: «بلعل» وهذا الاحتمال مشروط بأن استأنفت به أي بقوله: الذي جعل لكم الأرض ورفعته على الابتداء وجعلت قوله: فلا تجعلوا نهيا واقعا خبرا له على تأويل مقول فيه لا تجعلوا. قوله: (والمعنى أن من حفكم بهذه النعم) أي جعلكم محاطين بها من قولهم: حفوا حوله أي أحاطوا به وحفه بالشيء أي أحاطه. قال الشاعر يصف حديقة سيجت بشجر السرو:
حفت بسرو كالقيان تلحفت ... خضر الحرير على قوام معتدل
وكأنها والريح جاء يميلها ... فتمايلت تهتز نشوان ثمل
قوله: (الند المثل) المنادة المماثلة والاتحاد في الماهية النوعية، والمناواة والمعاداة والمخالفة في الأفعال من ناوأه عاداه وقام كل واحد منهما إلى صاحبه ليخالفه في مراده.
وقيل: الند المثل اللغوي أي المماثل في الأوصاف من غير أن تعتبر بينهما المنازعة والمقاومة. وقال: الإمام: الند المثل المنازع يقال: ناددت الرجل أي نافرته من ند البعير نديد أو ندادا وندودا أي نفر وذهب على حمية شاردا، كأن كل واحد من الندين يناد صاحبه أي ينافره ويعانده. فإن قيل: إنهم لم يقولوا إن الأصنام التي يعبدونها تنازع الله تعالى وإنما يعبدونها لاعتقادهم أنها شفعاؤهم عند الله تعالى فكيف يصح تسميتها ندا له تعالى؟ قلنا: لما عبدوها وسموها آلهة شبهت حالهم بحال من يعتقد أنها آلهة قادرة على منازعته تعالى، فقيل لهم ذلك على سبيل التهكم وكما تهكم بلفظ الند شنع عليهم بأن جعلوا أندادا كثيرة لمن لا يصلح أن يكون له ند قط إلى هنا كلام الإمام. يعني أن الأصنام ليست أندادا لله تعالى لا حقيقة وهو ظاهر ولا بحسب اعتقادهم لاعتقادهم أنها وسائل مقتربة إليه تعالى في اعتقادهم لا أنداد معادية، إلا أنه تعالى سماها أندادا بحسب زعمهم على سبيل الاستعارة التمثيلية من حيث إنهم لما تركوا عبادته تعالى إلى عبادتها وسموها آلهة شبهت حالهم بحال من يعتقد فيها أنها آلهة مثله تعالى قادرة على مخالفته ومضادته فعبر عنهم بما يعبر به عمن يعتقد فيها ويقول إنها أنداد له تعالى فهو أعني ذلك القول والاعتقاد لقوله تعالى: فلا تجعلوا لله أندادا وقوله: أي قول الإمام. فقيل لهم ذلك على سبيل التهكم. وكذا قول المصنف
صفحه ۳۸۳