كلام الله سبحانه وتعالى والوفاق على إثباتها في المصاحف مع المبالغة في تجريد القرآن حتى لم تكتب آمين. والباء متعلقة بمحذوف تقديره بسم الله أقرأ، لأن الذي يتلوه مقروء وكذلك يضمر كل فاعل ما يجعل التسمية مبدأ له، وذلك أولى من أن يضمر أبدأ لعدم كقولهم: حضرمي وعبقسي وعبشمي في النسبة إلى حضر موت وعبد قيس وعبد شمس قال الشاعر:
وتضحكك مني شيخة عبشمية ... كأن لم ترى قبلي اسيرا يمانيا
ولكونه على خلاف القياس قال بعض أهل اللغة في مثلها إنه لغة مولدة وأكثر أهل اللغة نقلها ولم يقل إنها مولدة. قال عمرو بن أبي ربيعة:
لقد بسملت ليلى غداة لقيتها ... فيا حبذا ذاك الحديث المبسمل
قوله: (والباء متعلقة بمحذوف) لما كانت الباء من الحروف الجارة الموضوعة لإفضاء معاني الأفعال أو شبهها إلى الأسماء وجب في جميع مواضع ذكرها أن يوجد فعل أو شبهه يتعلق به الحرف المذكور فإن استعملت في كلام لم يذكر فيه ما يتعلق به ذلك الحرف يقدر فعل عام إذا لم توجد قرينة الخصوص وإلا فلا بد من تقدير فعل خاص عملا بمقتضى القرينة لأن الحذف لا يجوز إلا إذا كان في الكلام ما يدل على المحذوف والحروف الجارة تدل بأنفسها على متعلقاتها العامة، وإذا كان المتعلق المحذوف فعلا خاصا فلا بد من قرينة تدل على خصوصية ذلك الفعل وليس في لفظ بسم الله فعل مذكور تتعلق به الباء فعلمنا أنه محذوف وهو اقرأ، والقرينة المعينة لهذا المحذوف الخاص هو الفعل الذي يتلو التسمية في الذكر ويتحقق بعدها وهو ههنا القراءة وتقدير الكلام بسم الله اقرأ لأن الذي يتلوه مقروء أي نظم يتعلق به فعل القراءة لكون القراءة التالية للتسمية الواردة بعدها قرينة حالية دالة على أن الفعل المقدر من جنس القراءة مشتق منها وكذا كل من حاول فعلا غير القراءة فسمى الله تعالى فشرع فيه يقدر من الفعل ما يشتق من ذلك الفعل المشروع فيه كالمسافر إذا حاول النزول فقال: بسم الله كان التقدير بسم الله أنزل فإذا حاول الارتحال فقال: بسم الله كان التقدير بسم الله ارتحل وكذا نظائرهما. قوله: (وكذلك يضمر كل فاعل) أي وكما أن فاعل القراءة يضمر الفعل المشتق منها وهو اقرأ يضمر كل فاعل ما يجعل التسمية مبدأ له، وفي هذه العبارة نوع مساهلة لأن الفعل الذي جعلت التسمية مبدأ له هو الفعل الحقيقي الذي يراد تحصيله كالأكل والشرب ولا شك أن الفاعل لا يضمره بل يضمر ما يدل عليه ويشتق منه وهو الفعل الاصطلاحي فالأظهر أن يقال: يضمر اللفظ الدال على ما تجعل التسمية مبدأ له.
قوله: (وذلك أولى) أي إضمار ما تجعل التسمية مبدأ له أولى من إضمار ابدأ كما ذهب إليه
صفحه ۳۱