حاشیه بر سنن ابی داود
حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية)
ناشر
دار الكتب العلمية
شماره نسخه
الثانية
سال انتشار
1415 - 1995
محل انتشار
بيروت
ژانرها
فإن كان المفهوم مفهوم شرط فهو قوى لأن المشروط عدم عند عدم شرطه وإلا لم يكن شرطا له
وأما تقديمه على العموم فلأن دلالته خاصة فلو قدم العموم عليه بطلت دلالته جملة وإذا خص به العموم عمل بالعموم فيما عدا المفهوم والعمل بالدليلين أولى من إلغاء أحدهما كيف وقد تأيد المفهوم بحديث الأمر بغسل الإناء من ولوغ الكلب وإراقته وبحديث النهي عن غمس اليد في الإناء قبل غسلها عند القيام من نوم الليل
وأما تقديمه على القياس الجلي فواضح لأن القياس عموم معنوي فإذا ثبت تقديمه على العموم اللفظي فتقديمه على المعنوي بطريق الأولى ويكون خروج صور المفهوم من مقتضى القياس كخروجها من مقتضى لفظ العموم
وأما كون المفهوم عاما فلأنه إنما دل على نفي الحكم عما عدا المنطوق بطريق سكوته عنه ومعلوم أن نسبة المسكوت إلى جميع الصور واحدة فلا يجوز نفي الحكم عن بعضها دون بعض للتحكم
ولا إثبات حكم المنطوق لها لأبطال فائدة التخصيص فتعين بقيد عن جميعها
وأما قولكم إن العدد خرج مخرج التحديد فلأنه عدد صدر من الشارع فكان تحديدا وتقييدا كالخمسة الأوسق والأربعين من الغنم والخمس من الإبل والثلاثين من البقر وغير ذلك إذ لا بد للعدد من فائدة ولا فائدة له إلا التحديد
وأما الجواب عن بعض المعارض فليس معكم إلا عموم لفظي أو عموم معنوي وهو القياس وقد بينا تقديم المفهوم عليهما
وأما جعل الشيء نصفا فلأنه قد شك فيه فجعلناه نصفا احتياطيا والظاهر أنه لا يكون أكثر منه ويحتمل النصف فما دون فتقديره بالنصف أولى
وأما كون ما أوجب به الاحتياط يصير فرضا فلأن هذا حقيقة الاحتياط كإمساك جزء من الليل مع النهار وغسل جزء من الرأس مع الوجه
فهذا تمام تقرير هذا الحديث سندا ومتنا ووجه الاحتجاج به
قال المانعون من التحديد بالقلتين أما قولكم إنه قد صح سنده فلا يفيد الحكم بصحته لأن صحه السند شرط أو جزء سبب للعلم بالصحة لا موجب تام فلا يلزم من مجرد صحة السند صحة الحديث ما لم ينتف عنه الشذوذ والعلة ولم ينتفيا عن هذا الحديث
صفحه ۷۷