حاشیه بر سنن ابی داود
حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية)
ناشر
دار الكتب العلمية
شماره نسخه
الثانية
سال انتشار
1415 - 1995
محل انتشار
بيروت
ژانرها
وقد تظاهرت السنة عن النبي بفعله في مواضع متعددة وكذلك أصحابه مع ورود الخبر السار عليهم بغتة وكانوا يسجدون عقبه ولم يؤمروا بوضوء ولم يخبروا أنه لا يفعل إلا بوضوء
ومعلوم أن هذه الأمور تدهم العبد وهو على غير طهارة فلو تركها لفاتت مصلحتها
قالوا ومن الممتنع أن يكون الله تعالى قد أذن في هذا السجود وأثنى على فاعله وأطلق ذلك وتكون الطهارة شرطا فيه ولا يسنها ولا يأمر بها رسول الله أصحابه ولا روي عنه في ذلك حرف واحد
وقياسه على الصلاة ممتنع لوجهين أحدهما أن الفارق بينه وبين الصلاة أظهر وأكثر من الجامع إذ لا قراءة فيه ولا ركوع لا فرضا ولا سنة ثابتة بالتسليم
ويجوز أن يكون القارىء خلف الإمام فيه ولا مصافة فيه
وليس إلحاق محل النزاع بصور الاتفاق أولى من إلحاقه بصور الافتراق
الثاني أن هذا القياس إنما يمتنع لو كان صحيحا إذا لم يكن الشيء المقيس قد فعل على عهد النبي ثم تقع الحادثة فيحتاج المجتهد أن يلحقها بما وقع على عهده من الحوادث أو شملها نصه وأما مع سجوده وسجود أصحابه وإطلاق الإذن في ذلك من غير تقييد بوضوء فيمتنع التقييد به
فإن قيل فقد روى البيهقي من حديث الليث عن نافع عن بن عمر أنه قال لا يسجد الرجل إلا وهو طاهر وهذا يخالف ما رويتموه عن بن عمر مع أن في بعض الروايات وكان بن عمر يسجد على وضوء وهذا هو اللائق به لأجل رواية الليث
قيل أما أثر الليث فضعيف
وأما رواية من روى كان يسجد على وضوء فغلط لأن تبويب البخاري واستدلاله وقوله والمشرك ليس له وضوء يدل على أن الرواية بلفظ غير وعليها أكثر الرواة
ولعل الناسخ استشكل ذلك فظن أن لفظه غير غلط فأسقطها ولاسيما إن كان قد اغتر بالأثر الضعيف المروي عن الليث وهذا هو الظاهر فإن إسقاط الكلمة للاستشكال كثير جدا وأما زيادة غير في مثل هذا الموضع فلا يظن زيادتها غلطا ثم تتفق عليها النسخ المختلفة أو أكثرها @
صفحه ۶۹