فأدخلت على الرشيد فإذا هو جالس على كرسي من ذهب،
حاسرا(1) عن ذراعيه، وبيده السيف، فلما رآني قال: يا ابن حبيب، ما تلقاني أحد بالرد، ودفع قولي مثل ما تلقيتني به.
فقلت: يا أمير المؤمنين، إن الذي حاولت عليه، فيه ازدراء على رسول الله وعلى ما جاء به.
فقال: كيف ويحك؟!
قلت: لأنه إذا كان أصحابه كذابين، فالشريعة باطلة والفرائض والأحكام كلها غير مقبولة، لأنهم رواتها، ولا تعرف إلا بواسطتهم، فرجع الرشيد إلى نفسه.
وقال: الآن أحييتني أحياك الله، ثم أمر لي بعشرة الآف درهم(2).
وثالثها: وهو أقواها، إن اشتراط فقاهة الراوي لقبول الحديث المخالف للقياس إنما هو مشرب بعض الحنفية، وإنما يرى أكثر كتب المتأخرين مشحونة به، لأن فخر الإسلام عليا البزدوي(3) مشى عليه في أصوله(4)، فتبعه المتأخرون لكونهم لا يمشون إلا حيث مشى فخر الإسلام، ويظنون أن كل ما نص عليه طريق إلى دار السلام.
صفحه ۶۲