وقال تعالى: (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) (١) .
عن ابن مسعود ﵁ قال: "خط لنا رسول الله ﷺ يومًا خطًا ثم قال: هذه سبيل الله ثم خط خطوطًا عن يمينه وخطوطًا عن يساره ثم قال: هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليها ثم قرأ هذه الآية" (٢» .
قال القرطبي: "وهذه السبل تعم اليهودية والنصرانية والمجوسية، وسائر أهل الملل وأهل البدع والضلالات من أهل الأهواء والشذوذ في الفروع، وغير ذلك من أهل التعمق في الجدل والخوض في الكلام" (٣) . ولكن لما كان أمر الله قدرًا مقدورًا، ولا تبديل لكلمات الله، فقد افترقت الأمة كما أخبر عن ذلك ﷿ وكما حذر رسول الله ﷺ.
قال تعالى: (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة. ولايزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم) (٤) . وقال ﷺ: "لتركبن سنن من كان قبلكم شبرًا بشبر وذراعًا بذراع حتى لو أن أحدهم دخل جحر ضب لدخلتم حتى لو أن أحدهم جامع امرأته بالطريق لفعلتموه" (٥) .
كما قال ﷺ: "إن بني إسرائيل افترقت على إحدى وسبعين فرقة وإن أمتي ستفترق على اثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة" (٦) .
_________
(١) الأنعام ١٥٣.
(٢) رواه ابن ماجه والدرامي واللفظ له.
(٣) القرطبي جـ٧ص١٣٨.
(٤) هود ١١٩. وقد قيل في معنى قوله تعالى (ولايزالون مختلفين) وجهين أنها في المختلفين في أصل الدين كاليهود والنصارى، والآخر أنها في أهل البدع المتفقين في أصل الدين المختلفين في الآراء. وعلى هذا يكون "إلا من رحم ربك" هم أهل السّنة. راجع الاعتصام للشاطبي جـ٢ص١٦٦ إلى ص١٧٢.
(٥) أخرجه الحاكم.
(٦) رواه ابن ماجه بسنده عن أنس. وللحديث روايات أخرى اختلفت في عدد الفرق وقد حاول الشاطبي التوفيق بين هذه الروايات كلها راجع الاعتصام جـ٢ص٢٤٠.
1 / 3