للمتفكرين، من حيث كان النصر مع القلة، والخذلان مع الكثرة، وهذا موضع العبرة. وقال صاحب هذا القول: (وقد يجوز أيضا أن يكون الله سبحانه قلل المؤمنين في أعين المشركين، لتشديد المحنة عليهم). والقول الأول أسد وأقوم.
2 - وقول آخر: وهو أن يكون المراد بذلك أن المسلمين يرون المشركين مثليهم، وذلك أن المسلمين كانوا ببدر ثلاثمائة وأربعة عشر رجلا، وكان المشركون تسعمائة وخمسين رجلا، فقلل الله سبحانه المشركين في أعين المسلمين، حتى رأوهم مثليهم في العدد: [ستمائة ونيفا وعشرين رجلا]، فهذا موافق لقوله سبحانه: [وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم]، والغرض في تقليلهم في أعين المشركين أن يطمع المشركون فيهم، فيقدموا عليهم، فإذا لابسوهم أظفرهم الله بهم، وأطال أيديهم في قتلهم، فكان ذلك [أجدى] (1) عليهم من أن يهابوهم فيحجموا عنهم، فلا يصلوا إلى شفاء النفوس من قتلهم، وأحراز الغنائم من أموالهم، وهذا على قول ابن مسعود والحسن البصري، لان الفئة الرائية عندهما هم المسلمون، والمرئبين هم الكافرون.
3 - وقول آخر (ومثله محكي عن ابن عباس). قال: [هذه الآية خطاب ينصرف إلى اليهود، والدليل على ذلك قوله تعالى في الآية التي قبلها: (قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم
صفحه ۳۴