الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين) (1) 4 - وقال بعضهم: معنى ذلك: ثبتنا بألطافك وزدنا من عصمك (2) وتوفيقك، كي لا نزيغ بعد إذ هديتنا، فنكون زائغين في حكمك، ونستحق أن تسمينا بالزيغ وتدعونا به وتنسبنا إليه، لأنه يجوز أن يقال: إن الله سبحانه أزاغهم إذ سماهم بالزيغ، وإن كانوا هم الفاعلين له، على مجاز اللغة، لا أنه تعالى أدخلهم في الزيغ وقادهم إلى الاعوجاج والميل، ولكنهم لما زاغوا عن أوامره وعدوا ما فرض الله من فرائضه، جاز أن يقال: قد أزاغهم، كما قال سبحانه في ذكر السورة: (فزادتهم رجسا إلى رجسهم) (3)، وكقول نوح (ع) (فلم يزدهم دعائي إلا فرارا) (4). أو يكون لما منعهم تعالى ألطافه وفوائده جاز أن يقال: إنه أزاغهم، مجازا، وإن كان تعالى لم يرد إزاغتهم.
ونظير ذلك من الكلام قولك لمن أطال أظافيره: قد جعلت أضافيرك سلاحا [أي لم تقلمها]، فصارت شكة (5) تحز وشوكة تخز، وهو لم يرد بلوغ أظافيره إلى ذلك الحد، وفي التعارف: إن الرجل إذا ترك سيفه ولم يحادثه (6) بالصقال والارهاف فكل حده وطبع فرنده، قيل له: إنك قد أفسدت سيفك، ولا يراد بذلك: انك قصدت افساده واعتمدت اكلاله، وكيف يتهم بذلك وهو أشد الناس
صفحه ۱۹