سار جونزاليس بمحاذاة الطريق السريع الدائري، ولم يجذب شيء بعينه انتباهه لكنه كان غير راغب قطعا في العودة إلى المبنى السكني الخاوي وإلى العزلة والقلق اللذين ينتظرانه هناك.
وجد نفسه في الساحة الرئيسية؛ حيث اصطحبته ليزي هو وديانا في ليلتهما الأولى في هالو. اجتاز الميدان، مرورا بلافتة مكتوب عليها «المقهى الافتراضي»، ثم وقف بلا حراك، يشاهد تدفق الناس من حوله. كان البعض يسير بمفرده، بخطوات سريعة نحو هدف محدد، أو ببطء وهم غارقون في التفكير، بينما سار البعض الآخر في جماعات، يتحدثون في حبور أو جدية، فكر جونزاليس: «هراء،» وهو يتساءل عما سيقوله هاي ميكس عن هؤلاء الأشخاص وحركاتهم، ما الذي كان يعنيه كل هذا؟ «جونزاليس.» سمع صوتا ينادي اسمه على نحو رتيب حاد، وحين استدار رأى التوءمين.
بينما اقتربتا منه، كانت إحداهما تتمتم بكلام مبهم سريع، وكانت ترتدي معطفا أسود اللون وتحدق بحزن في الأرض. أما الأخرى فكانت تبتسم، وكان وجهها مغطى بدهان أبيض وترتدي بلوزة بيضاء وتنورة غريبة الشكل من قماش لبني اللون جرى قصت وحيكت على نحو غير متقن من دون الاكتراث للمقاسات أو الغرز، وعلى مقدمتها كان ثمة شكل غير متقن لأرنب مرسوم بدهان أحمر زاه.
قالت التوءم المبتسمة، تلك التي كانت بشرتها السمراء ملطخة باللون الأبيض، بنبرة واضحة وإيقاع رسمي: «اليوم هي أليس.» ثم رقصت على قدم واحدة في خرق، وتنورتها تتلاطم حولها. وأضافت: «وشقيقتها هي يوريديس.» ثم أشارت إلى الفتاة الأخرى التي دفنت وجهها في يديها. قالت: «أليس هي العذوبة والابتسامات، والخطوات الصغيرة وقماش القرينول المنشى، بينما يوريديس هي الحزن والتراخي الكسول والحرير الأسود. وهما معا تحددان أبعاد الحلم.» ثم خطت إلى الخلف وابتسمت، وابتسمت شقيقتها معها. سألته: «هل تعاني من مشكلات يا سيد جونزاليس؟ تعتقد الجمعية أن الأمر كذلك. ونؤمن أنك ضائع بين عالمين. أهذا صحيح؟»
قال: «ربما أنا كذلك.»
قالت: «حسنا إذن.» ثم وضعت سبابة يدها اليمنى على شفتيها المزمومتين وأخذت عيناها تدوران يمنة ويسرة، وقالت: «أنا أفكر.» ثم بعد انقضاء بضع ثوان أضافت: «أعلم ما عليك فعله.»
سألها جونزاليس: «وما ذلك؟»
قالت: «اتبعنا.» أومأت الفتاة الأخرى، وتحدثت بكلام غير مفهوم، ونظرت إلى جونزاليس عبر قناع من الحزن الشديد، كما لو كانت على وشك الانخراط في بكاء لا نهاية له.
سألهما جونزاليس: «إلى أين؟»
قالت التوءم أليس: «لا تكن غبيا. إلى أين ستأخذك أليس ويوريديس؟»
صفحه نامشخص