[31] ومن هنا تلوح لك صحة ما قاله تامسطيوس برهانا على ان العقل الهيولاني يعقل المفارقة وذلك انه قال ان العقل الهيولاني اذا مان يعقل ما ليس في نفسه عقلا فأحرى ان يعقل ما هو في نحسه عقل
[32] وكذلك ايضا صحة ما قاله الاسكندر في ذلك حين شبه هذه القوة التي في العقل الهيولاني بقوة المشي التي توجد في الطفل فانه قال فكما ان هذه القوة تصير بأخرة في طفل الى المشي كذلك هذه القوة التي في العقل تصير بأخرة الى ان تعقل المفارق
[33] وهذا العقل الذي بالفعل الذي يدركه الانسان بأخرة وهو الذي يسمى المستفاد هو التمام والكمال والفعل الذي كانت الهيولى الاولى قوية عليه ولذلك كلما حدثت فيها صورة حدث فيها كمال وقوة وامكان على صورة اخرى حتى توفق من كمال الى كمال ومن صورة الى صورة اشرف واقرب الى الفعل حتى انتهت الى مثل هذا الكمال والفعل الذي لا تشويه قوة اصلا.
[34] ولما كان الانسان هو الذي خص بهذا الكمال كان هو اشرف الموجودات التي هاهنا اذ كان هو الرباط والنظام الذي بين الموجودات المحسوسة الناقصة اعني التي تشوب فعلها ابدا القوة وبين الموجودات الشريفة التي لا تشوب فعلها قوة اصلا هوي العقول المفارقة
[35] ووجب أن يكون كلما في هذا العالم انما هو من اجل الانسان وخادم له اذ كان الكمال الاول الذي كان بالقوة في الهيولى الاولى انما ظهر فيه
[36] فما أظلم من يحول بين الانسان وبين العلم الذي هو طريق الى حصول هذا الكمال اذ لا يشك ان الفاعل لذلك ايضا يضاد الخالق سبحانه ويخالفه فيما قصده من وجود هذا الكمال كما انه ما اسعد من بذل عمره في مثل هذه الطاعة وتقرب اليه سبحانه بمثل هذه القربة.
[37] فهذا ما رأيت ان أثبته في هذه المقالة وان تجدد في ذلك شيء اثبته ان شاء الله يوفق لما يرضاه بمنه ويمنه لا الاه سواه.
[38] كملت المقالة وبها كمل جميع الكتاب بحمد الله وحسن عونه (.......) على يدي الفقير الى رحمة ربه الراجي الى اجرته على بن ابرهيم بن احمد بن ثابت التجيني انتسخهما بخط يده الفانية للفقيه الطبيب الافضل ابن اسحاق القارجي وكان الفراغ منهما في يوم الخميس التاسع والعشرين لجمادى الثانية من سنة سبع وثلاثين وستمائة وذلك يبرشانة.
صفحه ۳۰۶