Abū Muḥammad ʿAbd Allāh Ibn Rušd, Hal yataṣṣilu bi-l-ʿaql al-hayūlānī al-ʿaql al-faʿʿāl wa-huwa multabis bi-l-ǧism (هل يتصل بالعقل الهيولاني العقل الفعال وهو ملتبس بالجسم).
صفحه ۲۹۸
[1] الفرض في هذا القول ان نبين جميع الطرق الواضحة والبراهيم الواثيقة التي توقف على المطلب الكبير والسعادة العظمى وهو هل يتصل بالعقل الهيولاني العقل الفعال وهو ملتبس بالجسم حتى يكون في هذه الحال فصل الانسان هو جوهره من كل جهة على شأن المفارقة ان تكون عليه
[2] وهذا المطلب هو الذي كان وعد به الحكيم في كتاب النفس ولم يصل الينا قوله في ذلك
[3] وما اثبته في هذه المقالة فانما اخذته عن مولاي وسيدي ادام الله حياته فان كان صوابا نسب اليهم وان كان خصاء نسب الي
[4] وانا اعترف ان مقامي ليس هذا المقام لاكن حملني على ذلك امتثال امرهم اذ كانوا قد امروني بذلك عند المذاكره في هذا المطلب ولما رجوت ايضا في ذلك من الاجر
[5] ولما كانوا ادام الله حياتهم قد كتبوا في هذا المعنى في مواضع رايت ان تكون هذه المقالة جامعة لكل ما قيل فيه بل وفيها اشياء لم تكتب بعد. ومهما تجددت مذاكرة او وقع نظر فيه اثبته في هذه المقالة.
[6] ونحن نتسلم هاهنا ما يجب تسلمه مما تبينن في كتاب النفس اذ كان هذا المطلوب هو الغاية من كل ما قيل في ذلك الكتاب
[7] فنقول ان هذا المطلوب بين بثلاثة طرق.
صفحه ۲۹۸
[8] الطريق الاول
هو الذي حكاه الاسكندر في مقالته في العقل وذكر انها الطريق الذي سلكها الحكيم في هذا المعنى وهو هذه قال انه تبين هنالك اعني في كتاب النفس ان الامر في العقل شبيه بالامر في الحس فكما ان في الحس ثلاثة اشياء قوة قابلة وهو القوة الحساسة وشيء خارج النفس بالفعل وهو المحسوس المدرك والثالث هو المعنى الذي يحصل في القوة الحساسة من ذلك الشيء المدرك فكذا يجب ان يكون الامر في العقل اعني انه يكون ايضا فيه ثلاثة اشياء قوة قابلة وهو العقل الهيولاني وهو نظير للقوة الحساسة في الحس وشيء اخر يحصل في هذه القوة هو نظير المعنى الذي يحصل في القوة الحساسة من الشيء المحسوس وهذا هو العقل النظري وهوالعقل الذي بالملكة وشيء ثالث خارج النفس بالفعل هو الذي يتنزل من هذا الادراك العقلي منزلة المحسوس من الادراك الحسي حتى يكون ذلك الادراك الذي للعقل الهيولاني انما هو لذلك العقل الذي هو نظيز المحسوس
[9] ولما كان ليس جارخ النفس شيء هو بالعقل من نوع العقل وانما خارج النفس صورة في مادة هي عقل بالقوة لا عقل بالفعل وجب ضرورة ان يكون الذي ينظر اليه الهيولاني بالحقيقة هو عقل بالفعل نظير الشيء الذي تنظر اليه القوة الحساسة في الحس
[10] واذا كان هذا هكذا فالعقل الهيولاني انما ينظر الى العقل الفعال الذي هو عقل بالفعل الا انه يعقله اولا بوجود ناقص وهو العقل الذي بالملكة الذي هو ضور الموجودات الهيولاني ويعقله بأخرة على التمام والكمال فاذا كان انما ينظر اليه من هذه الجهة سمي مستفادا
[11] وهذا العقل الذي بالملكة وهو صور الموجودات الهيولانية كأنه وسط بين الموجودات الهيولانية وبين العقل الفعال فهو من جهة الموجودات بوجود اشرف من الوجود الهيولاني ومن جهة العقل الفعال بوجود انقص من وجوده النام الذي ليس فيه قوة اصلا
[12] فهذه هي الطريقة التي سلكها الاسكندر كما قلنا وذكر انها طريقة الحكيم وهي في غاية الوثاقة.
[13] الطريق الثاني
نقول انه قد تبين في كتاب النفس ان هاهنا ثلاثة عقول عقل بالقوة العقل الهيولاني وعقل يستكمل به هذا العقل وهو العقل الذي بالملكة وعقل فعال وهو الذي يصير المعقولات التي بالقوة معقولة بالفعل
صفحه ۳۰۰
[14] وأن هذا العقل الفعال له فعلان احدهما من حيث هو مفارق وهو ان يقول ذاته على ما شأن العقول المفارقة أن تكون عليه من عقلها ذواتها وكون العاقل والمعقول منها شيئا واحدا من كل جهة والثاني ان يعقل المعقولات التي في العقل الهيولاني اعني يصيرها من القوة الى الفعل وهذا العقل اعني الفعال هو متصل بالانسان وهو مالصورة له ولذلك يفعل به الانسان متى شاء اعني يعفل
[15] وتامسطيوس يقول فيه وبه اثبت ما اكتب .
[16] ومن البين انه اذا عقل الانسان جميع المعقولات التي هي العقل الذي بالملكة ولم يبق له معقول بالقوة يصيره معقولا بالفعل انه لا يخلو في تلك الحال من احد امرين اما الا يكون له فعل البتة وهو متصل بنا واما ان يكون له فعله الثاني
[17] ومحال ان يكون متصلا بنا ولا يكون له فعل فلم يبق الا أن يكون له فعله الثاني الذي هو عقله ذاته وبالواجب ما كان فعله الاول من اجل فعله الثاني والثاني يجرى منه مجرى الغاية وذلك انه لما كانت الحكمة الالاهية والعدل الرباني يقتضى ألا يبقى نوع من انواع الموجودات ولا طور من اطوار الوجود الا ويخرج من القوة الى الفعل وكان العقل الذي بالملكة الذي هو المعقولات بالقوة طورا من اطوار الوجود الشريفة وجب ان يخرجمن القوة الى الفعل ولكونه من جنس العقل كان واجبا ان يخرجه الى القعل شيء هو عقل بالفعل متقدم عليه بضروب الشرف والوجود وهذا هو العقل الفعال.
[18] وجعل فعل هذا العقل الفعال الاول الذي هو العلوم النظريق من أجل فعله الاخير الذي ادراكه ذاته حتى يكون الحال في هذا العقل كالحال في سائر العقول المفارقة اعني أن تكون ذاتها هي غايتها وان كان لها فعل اخر فهو طريق الى حصول الذات الذي هو الفعل الخاص
[19] ولو لم يكن الامر كذلك وكان المقصود بهذا الفعل الصادر عن الفعال الذي هو العقل الذي بالملكة هو ذاته لا كونه طريقا الى شيء اخر لزم محال وهو ان يكون الاشرف وهو العقل الفعال من اجل الاخس وهو الذي بالملكة اذ الفعل غاية الفاعل والغاية اشرف مما قبل الغاية.
[20] فانظز الى هذا السر الالاهي والتلطيف الرباني ما اعجبه فسبحان الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى
صفحه ۳۰۲
[21] وهذا الذي قلته بأخرة في امر العقل هو من اشرف ما يقال فيه اذ كان من جنس الاقاويل التي يقال لها التحليل لانه هو المتقدم على جنس الاقوال التي يقال لها التركيب.
[22] الطريق الثالث
وهذا الطريق هو مأخوذ من القوة والفعل
[23] وذلك أن من البين ان القوة بما هي قوة انما تقال بالاضتفة الى الفعل ولما كان العقل الهيولاني عقلا بالقوة وجب أن يكون انما هو عقل بالقوة على عقل بالفعل ليس فيه قوة اصلا ولما كان العقل الذي بالملكة عقلا بالقوة لا عقلا بالفعل وجب ان يكون العقل الهيولاني انما هو بالقوة على عقل بالفعل ليس فيه قوة اصلا
[24] وان كان وقتا ما بالقوة على عقل ليس هو غقلا بالفعل فانما هو قوي عليه ليكون به مستعدا وقابلا بمثل هذا العقل الذي لا تشويه قوة اصلا
[25] واذا كان قويا على مثل هذا العقل وكل قوة لا بد ان تخرج الى الفعل فبالضرورة ما يلزم ان يعقل بأخرة للعقل المفارقاعني الفعال ومن هنه الجهة سمي مستفادا
[26] واما كون العقل الذي بالملكة وهو العلوم النظرية عقلا بالقوة فبين اذ كان لمعقولة التي هي الصور معقولة بالقوة بخلاف الامر في الحس فان الحس حس بالفعل لان المحسوس محسوس بالفعل ومن هذه الجهة كان الحس اشرف من هذا العقل الذي بالقوة بوجه ما اعني لكون الحس بالفعل والعقل بالقوة لاكن العقل وان كان عقلا بالقوة فهو بالجملة اشرف من الحس
[27] والسبب في ذلك ان العقل كلي والكلي بالقوة والمحسوس جزئي والجزئي بالفعل فاذا حست القوة الحساسة بمحسوس ما كان ما يحصل في القوة الحساسة هو معنى ذلك الشخص المحسوس المشار اليهبالفعل ووقع الادراك عليه
[28] واما اذا اتصل بالعقل التيولاني معقول من المعقولات وهو معنى كلي كأنك قلت مثلا صورة المثلث بما هو مثلث كان هذا المعنى انما يتناول صور اشخاص لا نهاية لها بالقوة فهي علم بالقوة اذ كان لمعلوم بالقوة ولذلك يعلم الانسار مثلا ان كل مثلث فزواياه لانه يعلم المثلث بما هو مثلث لا مثلثا معينا بالفعل كما هو في الحس
[29] ولذلك ليس اتصالنا بالعقل الغعال شسئا غير ان ندرك بالفعل شيئا مجردا بالكلية مثل ما ندركه بالحس.
[30] واذا كان هذا كله كما وصفنا فالذي للعقل الهيولاني بالذات وبما هو عقل هو أن يعقل ما هو في نفسه عقل بالفعل وما اتفق له اولا من ان يعقل شائا ليس هو في نفسه عقلا بالفعل وهو العقل الذي بالملكة هو بالعرض
صفحه ۳۰۴
[31] ومن هنا تلوح لك صحة ما قاله تامسطيوس برهانا على ان العقل الهيولاني يعقل المفارقة وذلك انه قال ان العقل الهيولاني اذا مان يعقل ما ليس في نفسه عقلا فأحرى ان يعقل ما هو في نحسه عقل
[32] وكذلك ايضا صحة ما قاله الاسكندر في ذلك حين شبه هذه القوة التي في العقل الهيولاني بقوة المشي التي توجد في الطفل فانه قال فكما ان هذه القوة تصير بأخرة في طفل الى المشي كذلك هذه القوة التي في العقل تصير بأخرة الى ان تعقل المفارق
[33] وهذا العقل الذي بالفعل الذي يدركه الانسان بأخرة وهو الذي يسمى المستفاد هو التمام والكمال والفعل الذي كانت الهيولى الاولى قوية عليه ولذلك كلما حدثت فيها صورة حدث فيها كمال وقوة وامكان على صورة اخرى حتى توفق من كمال الى كمال ومن صورة الى صورة اشرف واقرب الى الفعل حتى انتهت الى مثل هذا الكمال والفعل الذي لا تشويه قوة اصلا.
[34] ولما كان الانسان هو الذي خص بهذا الكمال كان هو اشرف الموجودات التي هاهنا اذ كان هو الرباط والنظام الذي بين الموجودات المحسوسة الناقصة اعني التي تشوب فعلها ابدا القوة وبين الموجودات الشريفة التي لا تشوب فعلها قوة اصلا هوي العقول المفارقة
[35] ووجب أن يكون كلما في هذا العالم انما هو من اجل الانسان وخادم له اذ كان الكمال الاول الذي كان بالقوة في الهيولى الاولى انما ظهر فيه
[36] فما أظلم من يحول بين الانسان وبين العلم الذي هو طريق الى حصول هذا الكمال اذ لا يشك ان الفاعل لذلك ايضا يضاد الخالق سبحانه ويخالفه فيما قصده من وجود هذا الكمال كما انه ما اسعد من بذل عمره في مثل هذه الطاعة وتقرب اليه سبحانه بمثل هذه القربة.
[37] فهذا ما رأيت ان أثبته في هذه المقالة وان تجدد في ذلك شيء اثبته ان شاء الله يوفق لما يرضاه بمنه ويمنه لا الاه سواه.
[38] كملت المقالة وبها كمل جميع الكتاب بحمد الله وحسن عونه (.......) على يدي الفقير الى رحمة ربه الراجي الى اجرته على بن ابرهيم بن احمد بن ثابت التجيني انتسخهما بخط يده الفانية للفقيه الطبيب الافضل ابن اسحاق القارجي وكان الفراغ منهما في يوم الخميس التاسع والعشرين لجمادى الثانية من سنة سبع وثلاثين وستمائة وذلك يبرشانة.
صفحه ۳۰۶