فموت الفتى خير له من حياته ... بدار هوان، بين واش وحاسد فأما الأولى: وهي انفراج الهم.
فإن الله أجرى العادة، أن الملازم لمكان واحد، وطعام واحد يسأم منه، لا سيما إذا كان في هم كثير، انتقل عن تلك الحالة أو تشاغل بغيرها، تصرف عنه الهم على التدريج، وانبعثت روحانيته لما يروم.
قال يحيى بن عدي: إن الطبيعة تمل الشيء الواحد إذا دام عليها، ولذلك اتخذت ألوان الطعام، وأطلق التزويج بأربع نسوة (¬1)، ورسم التنزه والتحول من مكان إلى مكان، والإكثار (¬2) من الإخوان، والتفنن في الآداب، والجمع بين الجد والهزل.
قال الحريري:
وجدت بها ما يملأ العين قرة ... ويسلي عن الأوطان كل غريب
وأما الثانية: وهي اكتساب المعيشة.
فإنها لا تكون إلا بالتحرك، للحديث السابق: "سافروا تغنموا" (¬3)، وفي التوراة: "ابن آدم خلقت من الحركة فتحرك، وإني معك". وقالت العرب: "البركات مع الحركات"، وقالوا: "أسفر الرجل عن الظفر"، وقيل: "من ضعف عمله اتكل على رزق غيره". وقال علي رضي الله عنه: "الرزق مقدمة اللون".
وقال أحمد ابن أبي داؤد: "الاستعجال قرين الاحتياج". ومن الكلم النوابع: "صعود الإكام (¬4) وهبوط الغيطان قرين القعود بين الحيطان". ولله در السراج الوراق حيث يقول:
صفحه ۱۱