ﷺ َ - بَاب الْغسْل ﷺ َ -
هُوَ بِفَتْح الْغَيْن مصدر غسل الشىء وَبِمَعْنى الِاغْتِسَال كَقَوْلِه غسل الْجُمُعَة سنة وَبِضَمِّهَا مُشْتَرك بَينهمَا وَبَين المَاء الذى يغْتَسل بِهِ فَفِيهِ على الأول لُغَتَانِ وَهُوَ أفْصح وَأشهر لُغَة وَالضَّم وَهُوَ مَا يَسْتَعْمِلهُ الْفُقَهَاء أَو أَكْثَرهم وَأم بِالْكَسْرِ فاسم لما يغسل بِهِ من سدر وَنَحْوه وَهُوَ بالمعنيين الْأَوليين لُغَة سيلان المَاء على شىء وَشرعا سيلانه على جَمِيع الْبدن بنية (مُوجبَة المنى حِين يخرج) أى يُوجب الْغسْل خُرُوج منى الشَّخْص نَفسه أول مرّة رجل أَو امْرَأَة وَلَو بعد أَن بَال ثمَّ اغْتسل من الْجَنَابَة لخَبر مُسلم (إِنَّمَا المَاء من المَاء) وَلخَبَر الصَّحِيحَيْنِ عَن أم سَلمَة قَالَت جَاءَت أم سليم إِلَى النَّبِي ﷺ فَقَالَت (إِن الله لَا يستحى من الْحق هَل على الْمَرْأَة من غسل إِذا هى احْتَلَمت قَالَ نعم إِذا رَأَتْ المَاء) سَوَاء أخرج من مَحَله الْمُعْتَاد أم من صلب الرجل أم أَسْفَل مِنْهُ أم من بَين ترائب الْمَرْأَة مَعَ انسداد الأصلى فيهمَا فَإِن لم يستحكم بِأَن خرج لمَرض لم يجب الْغسْل بِلَا خلاف وَالْمرَاد بِخُرُوج المنى فِي حق الرجل وَالْبكْر بروزة عَن الْفرج إِلَى الظَّاهِر وَفِي حق الثّيّب وُصُوله إِلَى مَا يجب غسله فى الأستنجاء أما لَو خرج مِنْهُ منى غَيره بعد غسله عَلَيْهِ فَلَا غسل عَلَيْهِ (وَالْمَوْت) يُوجِبهُ أَيْضا فِي حق الْمُسلم غير الشَّهِيد والسقط إِذا ظهر فِيهِ مبدأ خلق آدمى يجب غسله وَإِن لم تظهر فِيهِ أَمارَة الْحَيَاة (والكمرة) بِفَتْح الْكَاف وَسُكُون الْمِيم الْحَشَفَة (حَيْثُ تولج) ببنائه للْمَفْعُول أَو قدرهَا من فاقدها (فرجا) وَلَو دبرا وَلَو بِلَا قصد وَإِن كَانَ الذّكر أشل أَو غير منتشر أَو ملفوفا عَلَيْهِ خرقَة وَلَو غَلِيظَة وَسَوَاء أَكَانَ كل من الذّكر والفرج من آدمى أم من غَيره صَغِيرا أَو كَبِيرا لقَوْله تَعَالَى ﴿وَإِن كُنْتُم جنبا فاطهروا﴾ وَلخَبَر الصَّحِيحَيْنِ وَإِذا التقى الختانان فقد وَجب الْغسْل وَفِي رِوَايَة لمُسلم وَإِن لم ينزل وَذكر الْخِتَان جرى على الْغَالِب بِدَلِيل إِيجَاب الْغسْل بإيلاج ذكر لَا حَشَفَة لَهُ لِأَنَّهُ جماع فِي فرج فَكَانَ فِي معنى الْمَنْصُوص عَلَيْهِ وَلَيْسَ المُرَاد يالتقاء الختانين انضمامهما لعدم إِيجَابه الْغسْل باللإجماع بل تحاذيهما يُقَال التقى الفارسان إِذا لم تحاذيا وَإِن لم ينضما وَذَلِكَ إِنَّمَا يحصل بتغييب الْحَشَفَة فِي الْفرج إِذْ الْخِتَان مَحل الْقطع وختان الْمَرْأَة فَوق مخرج الْبَوْل ومخرج الْبَوْل فَوق مدْخل الذّكر (وَلَو مَيتا) بِسُكُون الْيَاء أى وَاو وَلَو كَانَ صَاحب الكمرة أَو الْفرج مَيتا بِأَن استدخل الْحَيّ حشفته أَو اولج فِي فرجه فَإِنَّهُ يُوجب الْغسْل على الْحَيّ (بِلَا إِعَادَة) لغسل الْمَيِّت لانْقِطَاع تَكْلِيفه وَإِنَّمَا غسله بِالْمَوْتِ تنظيفا وإكراما لَهُ وَأفهم كَلَامه وجوب الْغسْل على الْفَاعِل وَالْمَفْعُول فِيمَا عدا الْمَيِّت أَي والبهيمة وَهُوَ كَذَلِك (وَالْحيض) لآيَة ﴿فاعتزلوا النِّسَاء فِي الْمَحِيض﴾ أى الْحيض وَلخَبَر الصَّحِيحَيْنِ (أَنه ﷺ قَالَ لفاطمة بنت أَبى حُبَيْش إِذا أَقبلت الْحَيْضَة فدعي الصَّلَاة وَإِذا أَدْبَرت فاغسلي عَنْك الدَّم وَصلي) وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ فاغتسلي وَصلي (وَالنّفاس) لِأَنَّهُ دم حيض مُجْتَمع وَيعْتَبر فِي إِيجَاب الْغسْل بِخُرُوج مَا ذكر أنقطاعه وَالْقِيَام إِلَى الصَّلَاة أَو نَحْوهَا كَمَا مر (والولادة) وَإِن كَانَ الْوَلَد جافا لِأَنَّهُ منى مُنْعَقد وَلِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَن بَلل وَأَن خفى وتفطر بهَا الْمَرْأَة على الْأَصَح وَيلْحق بِالْولادَةِ القاء الْعلقَة اَوْ المضغة وَأفَاد كَلَامه ان مَا عدا هَذِه الْأُمُور من جُنُون وإغماء واستدخال منى وتغييب بعض الْحَشَفَة وَخُرُوج بعض الْوَلَد كَيده وَغَيرهَا لَا يُوجب الْغسْل وَهُوَ كَذَلِك وَاعْترض على الْحصْر فِي الْمَذْكُورَات يتنجيس جَمِيع الْبدن أَو بعضه مَعَ الِاشْتِبَاه وَأجِيب عَنهُ بِأَن ذَلِك لَيْسَ مُوجبا للْغسْل بل لإِزَالَة النَّجَاسَة حَتَّى لَو فرض كشط جلده حصل الْفَرْض وَبِأَن الْكَلَام فِي الْغسْل عَن الْأَحْدَاث فَإِن أُرِيد الْغسْل عَنْهَا وَعَن النَّجَاسَة وَجب عد ذَلِك كَمَا صنع
1 / 56