لَكِن فِي الرَّوْضَة كَأَصْلِهَا تبعا للصيمري وَالْمَاوَرْدِيّ أَنه يبْدَأ حِينَئِذٍ بالمرفق والكعب (مكروهه فِي المَاء حَيْثُ أسرفا وَلَو من الْبَحْر الْكَبِير اغترفا) أَي مِمَّا يكره إِسْرَاف المتوضىء أَي والمغتسل فِي مَائه وَإِن اغترف من الْبَحْر الْكَبِير الْملح أَو العذب لخَبر التِّرْمِذِيّ عَن أبي بن كَعْب إِن للْوُضُوء شَيْطَانا يُقَال لَهُ الولهان وَخبر ابْن ماجة عَن ابْن عمر أَن النَّبِي ﷺ مر بِسَعْد وَهُوَ يتَوَضَّأ فَقَالَ مَا هَذَا السَّرف فَقَالَ أَفِي الْوضُوء سرف قَالَ نعم وَإِن كنت على نهر وَقيل إِنَّه حرَام وَمحل ذَلِك إِذا كَانَ فِي مَمْلُوك لَهُ أَو مُبَاح وَإِلَّا فَهُوَ حرَام مَا لم يَأْذَن فِيهِ مَالِكه أَو يعلم إِذْنه وَالْألف فِي قَوْله أسرفا واغترفا للإطلاق (أَو قدم الْيُسْرَى على الْيَمين) أَي يكره لَهُ تَقْدِيم الْيُسْرَى على الْيَمين للنَّهْي عَنهُ فِي صَحِيح ابْن حبَان (أَو جَاوز الثَّلَاث بِالْيَقِينِ) أَي تكره الزِّيَادَة على الثَّلَاث وَالنَّقْص عَنْهَا لخَبر أبي دَاوُد وَغَيره وَهُوَ صَحِيح كَمَا فِي الْمَجْمُوع أَنه ﷺ تَوَضَّأ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَقَالَ هَكَذَا الْوضُوء فَمن زَاد على هَذَا أَو نقص فقد أَسَاءَ وظلم أَي فِي كل من الزِّيَادَة وَالنَّقْص وَقيل أَسَاءَ فِي النَّقْص وظلم أَي فِي الزِّيَادَة وَقيل عَكسه وَمحل الْكَرَاهَة إِذا علم زيادتها فَإِن شكّ أَخذ بِالْأَقَلِّ لِأَنَّهُ الْيَقِين وَلَا يُقَال ترك سنة أسهل من ارْتِكَاب بِدعَة لأَنا نقُول إِنَّمَا تكون بِدعَة إِذا علم أَنَّهَا رَابِعَة وَيكرهُ أَيْضا الْمُبَالغَة فِي الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق للصَّائِم والاستعانة بِمن يطهر أعضاءه من غير عذر وَأما غسل الرَّأْس بدل الْمسْح فَغير مَكْرُوه وَلما كَانَ المتوضىء مُخَيّرا بَين غسل الرجلَيْن وَبَين مسح الْخُفَّيْنِ ذكره المُصَنّف عقب بَاب الْوضُوء فَقَالَ ﷺ َ - (بَاب الْمسْح على الْخُفَّيْنِ) ﷺ َ -
هُوَ أولى من تَعْبِير كثير بِالْمَسْحِ على الْخُف وَإِن كَانَ المُرَاد بِهِ الْجِنْس إِذْ لَو أَرَادَ أَن يغسل رجلا أَو يتَيَمَّم عَنْهَا لعلتها وَيمْسَح على الْأُخْرَى امْتنع فَلَو لم يكن لَهُ سوى رجل وَاحِدَة جَازَ لَهُ اللّبْس عَلَيْهَا وَالْمسح نعم إِن بقى من مَحل الْفَرْض بَقِيَّة لم يجز الْمسْح حَتَّى يوارى الْبَاقِي بِمَا يَجْزِي الْمسْح فَوْقه وَيمْسَح عَلَيْهِ (رخص) أَي الْمسْح على الْخُفَّيْنِ بَدَلا عَن غسل الرجلَيْن (فِي وضوء كل) شخص (حَاضر) رخصَة لَا عَزِيمَة حَتَّى لَو كَانَ عَاصِيا بِسَفَرِهِ لم يمسح إِلَّا مسح مُقيم (يَوْمًا وَلَيْلَة وللمسافر فِي سفر الْقصر إِلَى ثَلَاث) أَي من الْأَيَّام (مَعَ لياليها من الإحداث) بِكَسْر الْهمزَة أَي الْحَدث الْوَاقِع بعد اللّبْس فَمَا دَامَ بطهر الْغسْل لم يحْسب عَلَيْهِ شَيْء من مدَّته وَالْعبْرَة لأوّل الْحَدث إِن كَانَ قِطْعَة بِاخْتِيَارِهِ كاللمس وَإِلَّا فبآخره كالبول وَإِنَّمَا اعْتبر ذَلِك لِأَنَّهُ لَا معنى لوقت الْعِبَادَة غير الزَّمن الَّذِي يجوز فعلهَا فِيهِ كوقت الصَّلَاة وَالْأَصْل فِي ذَلِك خبر ابْني خُزَيْمَة وحبان أَنه ﷺ أرخص للْمُسَافِر ثَلَاثَة أَيَّام ولياليهن وللمقيم يَوْمًا وَلَيْلَة إِذا تطهر فَلبس خفيه أَن يمسح عَلَيْهِمَا وَخبر مُسلم عَن شُرَيْح بن هنيء قَالَ سَأَلت عَليّ بن أبي طَالب عَن الْمسْح على الْخُفَّيْنِ فَقَالَ جعل رَسُول الله ﷺ ثَلَاثَة أَيَّام ولياليهن للْمُسَافِر وَيَوْما وَلَيْلَة للمقيم وَأفَاد قَوْله رخص أَن الأَصْل جَوَازه مَعَ كَون غسل الرجلَيْن أفضل مِنْهُ وَقد ينْدب كَأَن تَركه رَغْبَة عَن السّنة أَو شكا فِي جَوَازه لنَحْو دَلِيل وَقد يكون وَاجِبا كَأَن خَافَ فَوت عَرَفَة أَو إنقاذ مُحْتَرم مشرف على الْهَلَاك إِن لم يمسح أَو كَانَ لابس الْخُف بِشَرْطِهِ فأحدث وَمَعَهُ مَاء يَكْفِيهِ لَو مسح عَلَيْهِمَا بِخِلَاف مَا لَو لم يكن لابسهما فَإِنَّهُ لَا يجب
1 / 49