تَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة وَقيس بِالْأَكْلِ الشّرْب وَقَالَ (إِذا أَتَى أحدكُم أَهله ثمَّ أَرَادَ أَن يعود فَليَتَوَضَّأ بَينهمَا وضُوءًا) رَوَاهُمَا مُسلم وَزَاد البيهقى فِي الثَّانِي (فَإِنَّهُ أنشط للعود وَالْحكمَة فِي ذَلِك تَخْفيف الْحَدث غَالِبا والتنظيف وَدفع الْأَذَى وَقيل لَعَلَّه ينشط للْغسْل وَيزِيد الْجِمَاع فَإِن ذَلِك أنشط لَهُ كَمَا مر فِي الْخَبَر فَلَو فعل شَيْئا من هَذِه الْأُمُور من غير وضوء كره وَمثل الْجنب فِي ذَلِك الْحَائِض وَالنُّفَسَاء إِذا انْقَطع دمهما وَلَيْسَ الْأَمر منحصرا فِيمَا ذكره إِذْ يسن الْوضُوء فِي نَحْو أَرْبَعِينَ موضعا (كَذَاك تَجْدِيد الوضو إِن صلى فَرِيضَة أَو سنة أَو نفلا) أى يسن تَجْدِيد الْوضُوء إِذا صلى بِهِ فَرِيضَة أَو سنة أَو نفلا مُطلقًا أى بِخِلَاف الْغسْل وَالتَّيَمُّم لِأَن مُوجب الْوضُوء أغلب وقوعا وَاحْتِمَال عدم الشُّعُور بِهِ أقرب فَيكون الِاحْتِيَاط بِهِ أهم ولخير أبي دَاوُد وَغَيره (من تَوَضَّأ على طهر كتب لَهُ عشر حَسَنَات) وَالظَّاهِر كَمَا قَالَ بَعضهم إِلْحَاق الطّواف بِالصَّلَاةِ فرضا أَو نفلا إِذْ هُوَ فِي مَعْنَاهَا لِأَنَّهُ ﷺ سمى الطّواف بِالْبَيْتِ صَلَاة قَالَ وَلم أر أحدا ذكره (وركعتان للْوُضُوء) أى يسن للْوُضُوء رَكْعَتَانِ بِأَن يُصَلِّيهمَا عقبَة ينوى بهما سنته لخَبر مُسلم عَن عُثْمَان قَالَ رَأَيْت رَسُول الله ﷺ تَوَضَّأ ثمَّ قَالَ (من تَوَضَّأ نَحْو وضوئى هَذَا ثمَّ صلى رَكْعَتَيْنِ لَا يحدث فيهمَا نَفسه إِلَّا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه) وَيقْرَأ بعد الْفَاتِحَة فِي الأولى ﴿وَلَو أَنهم إِذْ ظلمُوا أنفسهم﴾ إِلَى قَوْله تَعَالَى ﴿رحِيما﴾ وَفِي الثَّانِيَة ﴿وَمن يعْمل سوءا أَو يظلم نَفسه﴾ إِلَى قَوْله ﴿رحِيما﴾ ويحصلان بِفَرْض أَو نفل آخر رَكْعَتَيْنِ أَو اكثر كَمَا فِي رَكْعَتي التَّحِيَّة وَالْإِحْرَام وَالطّواف والاستخارة (وَالدُّعَاء من بعده) أى يسن الدُّعَاء بعد الْوضُوء بِأَن يَقُول أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لاشريك لَهُ وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله اللَّهُمَّ اجعلنى من التوابين واجعلنى من المتطهرين سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا انت أستغفرك وَأَتُوب إِلَيْك لخَبر مُسلم (من تَوَضَّأ فَقَالَ أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ واشهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله فتحت لَهُ أَبْوَاب الْجنَّة الثَّمَانِية يدْخل من أَيهمَا شَاءَ) وَزَاد الترمذى عَلَيْهِ (اللَّهُمَّ أجعلنى من التوابين واجعلنى من المتطهرين) وروى الْحَاكِم الباقى بِسَنَد صَحِيح بِلَفْظ (من تَوَضَّأ فَقَالَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ إِلَى آخر مَا تقدم كتب فِي رق ثمَّ طبع بِطَابع فَلم يكسر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة) أى لَا يتَطَرَّق إِلَيْهِ إبِْطَال وَيسن أَن يَقُول ذَلِك مُتَوَجها إِلَى الْقبْلَة وَأَن يَقُول مَعَه وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد (فِي أى وَقت وَقعا) فألف وَقعا ضمير تثنيه عَائِد على ركعتى الْوضُوء أى لَا فرق فِي اسْتِحْبَاب ركعتيه بَين وقوعهما وَقت كَرَاهَة الصَّلَاة أَو لِأَن لَهما سَببا وَهُوَ الْوضُوء ثمَّ شرع النَّاظِم يتَكَلَّم على بعض آدَاب الْوضُوء وَتبع فِي كَونه أدبا جمَاعَة نظرا إِلَى أَن السّنة مَا تَأَكد أمره وَالْأَدب دونه وَلَكِن الْمَعْرُوف أَن مَا طلب طلبا غير جازم يعبر عَنهُ بِالسنةِ وَتارَة وبالأدب أُخْرَى فَقَالَ (آدابه اسْتِقْبَال قبله) أى ينْدب للمتوضىء اسْتِقْبَال الْقبْلَة فِي وضوئِهِ لِأَنَّهَا أشرف الْجِهَات وَقيل إِن استقبالها ينور الْبَصَر (كَمَا يجلس حَيْثُ لم ينله رش مَا) أى ينْدب لَهُ الْجُلُوس على مَكَان مُرْتَفع بِحَيْثُ لَا يَنَالهُ رشاش مَاء الْوضُوء تَحَرُّزًا عَنهُ وَوضع إِنَاء المَاء عَن يَمِينه إِن كَانَ يعْتَرف مِنْهُ وَعَن يسَاره إِن كَانَ يصب مِنْهُ على يَده لِأَن ذَلِك أمكن فيهمَا وَعدم استعانة بِأحد ووقوف الْمعِين لَهُ بالصب على الْيَسَار إِن اسْتَعَانَ لِأَنَّهُ أعون وَأمكن وَأحسن أدبا (ويبتدى الْيَدَيْنِ بالكفين وبأصابع من الرجلَيْن) أى ينْدب لَهُ أَن يبتدىء فِي غسل وَجهه بأعلاه لِأَنَّهُ أشرف لكَونه مَحل السُّجُود وَفِي غسل الْيَدَيْنِ بالكفين وَفِي غسل الرجلَيْن بأصابعهما إِن صب على نَفسه أَو صب عَلَيْهِ غَيره كَمَا فِي الْمَجْمُوع وَاخْتَارَهُ فِي التَّحْقِيق وَفِي الْمُهِمَّات أَن الْفَتْوَى عَلَيْهِ
1 / 48