وَجب غسل ظَاهرهَا فَقَط فَلَو خف بعض اللِّحْيَة مثلا وكثف بَعْضهَا فَلِكُل حِكْمَة إِن تميز وَإِلَّا فكالخفيف والخفيف مَا ترى بَشرته فِي مجْلِس التخاطب وَيجب غسل جُزْء من الرَّأْس وَسَائِر الجوانب الْمُجَاورَة للْوَجْه احْتِيَاطًا (وغسلك الْيَدَيْنِ مَعَ مرفقكا) ثَالِثهَا غسل الْيَدَيْنِ مَعَ الْمرْفقين بِكَسْر الْمِيم وَفتح الْفَاء وَعَكسه قَالَ تَعَالَى ﴿وَأَيْدِيكُمْ إِلَى الْمرَافِق﴾ وَدلّ على دخولهما فِي الْغسْل الْآيَة وَالْإِجْمَاع وَفعله ﷺ الْمُبين للْوُضُوء الْمَأْمُور بِهِ كَمَا رَوَاهُ مُسلم وَغَيره فَإِن لم يكن لَهُ مرفق اعْتبر قدره فَإِن قطعت من الْمرْفق وَجب غسل رَأس الْعَضُد أَو من فَوْقه ندب غسل بَاقِي عضده وَيجب غسل شعر الْيَدَيْنِ وَإِن كثف وظفرهما وَإِن طَال وَيَد زَائِدَة إِن نَبتَت فِي مَحل فرض وَإِن نَبتَت فِي غَيره وَجب غسل مَا حَاذَى مِنْهَا مَحَله إِن تميزت فَإِن لم تتَمَيَّز بفحش قصر أَو نقص أصْبع أَو ضعف بَطش أَو نَحوه وَجب غسلهَا وتجري هَذِه الْأَحْكَام فِي الرجلَيْن وَالْألف فِي قَوْله وجهكا ومرفقك للإطلاق (وَمسح بعض الرَّأْس) رَابِعهَا مسح بعض رَأسه لقَوْله تَعَالَى ﴿وامسحوا برؤوسكم﴾ وَلَا فرق بَين مسح بشرة الرَّأْس وَالشعر الَّذِي عَلَيْهَا بِحَيْثُ يُطلق عَلَيْهِ اسْم الْمسْح وَلَو بعض شَعْرَة وَاحِدَة بيد وَغَيرهَا وَلَو من صَاحب رَأْسَيْنِ أصليين بِشَرْط كَون الشّعْر الْمَمْسُوح لَو مد لم يخرج عَن حد الرَّأْس وَفِي مُسلم أَنه صلى اله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأ فَمسح بناصيته وعَلى عمَامَته فَدلَّ على الِاكْتِفَاء بمسح الْبَعْض وَلِأَنَّهُ الْمَفْهُوم عِنْد الْإِطْلَاق وَلم يقل أحد بِوُجُوب خُصُوص الناصية وَهِي الشّعْر الَّذِي بَين النزعتين وهما بياضان يكتنفانها والاكتفاء بهَا يمْنَع وجوب الِاسْتِيعَاب وَيمْنَع وجوب التَّقْدِير بِالربعِ أَو أَكثر لِأَنَّهُ دونه وَالْبَاء كَمَا فِي الْمَجْمُوع عَن جمَاعَة من أهل الْعَرَبيَّة إِذا دخلت على مُتَعَدد كَمَا فِي الْآيَة تكون للتَّبْعِيض أَو على غير مُتَعَدد كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وليطوفوا بِالْبَيْتِ﴾ تكون للإلصاق وَإِنَّمَا وَحب التَّعْمِيم فِي التَّيَمُّم مَعَ أَن آيَته كهذه الْآيَة لثُبُوته بِالسنةِ وَلِأَنَّهُ بدل فَاعْتبر مبدله وَمسح الرَّأْس أصل فَاعْتبر لَفظه وَأما عدم وُجُوبه فِي الْخُف فللإجماع وَلِأَن التَّعْمِيم يُفْسِدهُ مَعَ أَن مَسحه مَبْنِيّ على التَّخْفِيف لجوازه مَعَ الْقُدْرَة على الْغسْل بِخِلَاف التَّيَمُّم وَلَو قطر المَاء على رَأسه أَو وضع يَده المبتلة عَلَيْهِ أَو تعرض للمطر وَلم يمسح أَجزَأَهُ وَكَذَا لَو غسله (ثمَّ اغسل وَعم رجليك مَعَ كعبيك) خَامِسهَا غسل رجلَيْهِ مَعَ كعبيه من كل رجل وهما العظمان الناتئان من الْجَانِبَيْنِ عِنْد مفصل السَّاق والقدم قَالَ تَعَالَى ﴿وأرجلكم إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾) وقرىء بِالنّصب والجر عطفا على الْوُجُوه لفظا فِي الأول وَمعنى فِي الثَّانِي لجره على الْجوَار وَجعله بَعضهم عطفا على الرَّأْس حملا لَهُ على لابس الْخُف وَدلّ على دخولهما فِي الْغسْل مَا دلّ على دُخُول الْمرْفقين فِيهِ وَيَأْتِي مَا مر فِي الْيَدَيْنِ هُنَا (وَالتَّرْتِيب) سادسها الترتب فِي أَفعاله لفعله ﷺ الْمُبين للْوُضُوء الْمَأْمُور بِهِ رَوَاهُ مُسلم وَغَيره وَلقَوْله ﷺ فِي حجَّته ابدءوا بِمَا بَدَأَ الله بِهِ رَوَاهُ النَّسَائِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح وَالْعبْرَة بِعُمُوم اللَّفْظ لَا بِخُصُوص السَّبَب وَلِأَنَّهُ تَعَالَى ذكر ممسوحا بَين مغسولات وتفريق المتجانس لَا ترتكبه الْعَرَب إِلَّا لفائدة وَهِي هُنَا وجوب التَّرْتِيب لاندبه بقرينه الْأَمر فِي الْخَبَر وَلِأَن الْآيَة بَيَان الْوضُوء الْوَاجِب وَلِهَذَا لم يذكر فِيهَا شَيْء من سنَنه فَلَو عكس وَلَو سَاهِيا أَو وضأه أَرْبَعَة دفْعَة حصل الْوَجْه فَقَط إِن نوى عِنْده وَلَو تَوَضَّأ أَربع مَرَّات مُنَكسًا أَجزَأَهُ وَلَو اغْتسل ذُو الْحَدث الْأَصْغَر نِيَّة رفع الْحَدث أَو نَحْوهَا أَو بنية الْجَنَابَة أَو نَحْوهَا غالطا ورتب أَو انغمس أَجزَأَهُ وَإِن لم يمْكث وَلَو أحدث وأجنب أَجزَأَهُ الْغسْل عَنْهُمَا وَلَو اغْتسل ذُو الْحَدث الْأَكْبَر إِلَّا رجلَيْهِ أَو إِلَّا يَدَيْهِ مثلا ثمَّ أحدث وَجب غسلهمَا للجنابة والأعضاء الثَّلَاثَة مرتبَة للْحَدَث وَله تَقْدِيم الرجلَيْن أَو الْيَدَيْنِ (ثمَّ لَهُ) أَي الْوضُوء (شُرُوط خَمْسَة) أَولهَا (طهُور مَا) أَي أَن يعلم أَو يظنّ المتوضىء كَونه مُطلقًا لِأَن مَا عداهُ لَا يرفع الْحَدث وَقَوله طهُور مَا من إِضَافَة الصّفة إِلَى الْمَوْصُوف كجرد قطيفة أَو من إِضَافَة الْأَعَمّ إِلَى الْأَخَص فَإِن التُّرَاب طهُور أَيْضا (و) ثَانِيهَا (كَونه) أَي المتوضىء (مُمَيّزا و) ثَالِثهَا كَونه (مُسلما) لِأَن وضوء غَيرهمَا
1 / 44