وَبِه العينان كِنَايَة عَن الْيَقَظَة وَلَا يضر فِي النَّقْض بِزَوَال الْعقل الَّذِي هُوَ مَظَنَّة لخُرُوج الْخَارِج كَون الأَصْل عدم خُرُوج شَيْء لِأَنَّهُ لما جعل مَظَنَّة لِخُرُوجِهِ من غير شُعُور بِهِ أقيم مقَام الْيَقِين كَمَا أُقِيمَت الشَّهَادَة المفيدة للظن مقَام الْيَقِين فِي شغل الذِّمَّة وَقَوله لَا بنوم إِلَى آخِره أَي لَا يجب الْوضُوء بنوم كل شخص مُمكن مقعدته من مقره وَلَو مُسْتَندا إِلَى مَا لَو زَالَ لسقط أَو مُحْتَبِيًا بِأَن يجلس على آلييه رَافعا رُكْبَتَيْهِ محتويا عَلَيْهِمَا بيدَيْهِ أَو غَيرهمَا لخَبر مُسلم عَن أنس قَالَ كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله ﷺ ينامون ثمَّ يصلونَ وَلَا يتوضأون وَلَفظ أبي دَاوُد ينتظرون الْعشَاء فينامون حَتَّى تخفق رؤوسهم الحَدِيث وَحمل على نوم الْمُمكن مَقْعَده جمعا بَينه وَبَين خبر العينان وكاء السه ولأمنه حِينَئِذٍ خُرُوج الْخَارِج وَلَا عِبْرَة بِاحْتِمَال خُرُوج ريح من قبله لندرته وَلَو زَالَت إِحْدَى ألييه قبل انتباهه أنتقض وضوءه وَلَو كَانَ مستشعرا أَو مَعَ انتباهه أَو بعده أَو شكّ فَلَا وَلَا يلْحق الْإِغْمَاء وَنَحْوه مَعَ تَمْكِين المقعدة بِالنَّوْمِ لِأَن عدم الشُّعُور مَعَهُمَا أبلغ كَمَا مر وَلَا تَمْكِين لمن نَام على قَفاهُ مُلْصقًا مَقْعَده بمقره وَلَا لمن نَام قَاعِدا وَهُوَ هزيل بِحَيْثُ يكون بَين مَقْعَده ومقره تجاف وَكَانَ بِحَيْثُ لَو خرج مِنْهُ شَيْء لَا يحس بِهِ وَخرج بِزَوَال الْعقل بعض النعاس وَحَدِيث النَّفس وأوائل نشوة السكر فَلَا نقض بهَا وَيُقَال للنعاس سنة وَالْفرق بَينه وَبَين النّوم أَن الناعس يسمع كَلَام الْحَاضِرين وَإِن لم يفهمهُ بِخِلَاف النَّائِم وَمن عَلامَة النّوم الرُّؤْيَا فَلَو شكّ فِي أَنه مُتَمَكن أَولا أَو فِي أَنه نَام أَو نعس لم ينْتَقض وضوءه أَو رأى رُؤْيا وَشك هَل نَام أَو نعس انْتقض ثَالِثهَا مَا ذكره بقوله (ولمس مرأة رجل) أَي لمس ذكر أُنْثَى أجنبيين كبيرين ببشرتهما وَهِي مَا سوى السن وَالشعر وَالظفر أَو فِي مَعْنَاهَا عمدا أَو سَهوا بِشَهْوَة أَو غَيرهَا سَوَاء فِي ذَلِك اللامس والملموس والأصلي وَالزَّائِد وَالْعَامِل والأشل من أَعْضَاء الْوضُوء أَو غَيرهَا والخصى والعينين والمحبوب والمسموح وَالشَّيْخ الْهَرم والعجوز لقَوْله تَعَالَى ﴿أَو لامستم النِّسَاء﴾ أَي لمستم كَمَا قرىء بِهِ لَا جامعتم وَالْمعْنَى فِي إِيجَابه الْوضُوء أَنه مَظَنَّة الإلتذاذ المثير للشهوة وَرجل فِي كَلَامه مَنْصُوب ووقف عَلَيْهِ بِحَذْف الْألف على لُغَة ربيعَة أَو مجرور بِإِضَافَة لمس إِلَيْهِ وَفصل بَينهمَا بمفعوله وَهُوَ امْرَأَة على لُغَة كَمَا فِي قِرَاءَة ابْن عَامر قَوْله تَعَالَى ﴿وَكَذَلِكَ زين لكثير من الْمُشْركين قتل أَوْلَادهم شركاؤهم﴾ بِنصب أَوْلَادهم وجر شركائهم بِإِضَافَة قتل إِلَيْهِ مَفْصُولًا بَينهمَا بمفعوله (لَا محرم) أَي لَا لمس حرم وَهِي من حرم نِكَاحهَا على التَّأْبِيد بِسَبَب مُبَاح لحرمتها سَوَاء كَانَت من نسب أَو رضَاع أَو مصاهرة وَلَو بِشَهْوَة فَلَا يُوجب الْوضُوء لانْتِفَاء المظنة بَينهمَا (وَحَائِل للنقض كف) أَي لَا نقض مَعَ وجود حَائِل بَين بشرتي الذّكر وَالْأُنْثَى وَلَو رَقِيقا وَخرج بذلك اللَّمْس الْوَاقِع بَين ذكرين أَو أنثيين أَو خُنْثَى وَأُنْثَى أَو ذكر ولمس الْعُضْو الْمَقْطُوع وَالشعر وَلَو على فرج وَالسّن وَالظفر وَمن لم يبلغ حد الشَّهْوَة عرفا فَلَا يُوجب شَيْء مِنْهَا الْوضُوء وَشَمل كَلَامه لمس الْمَيِّت فينتقض بِهِ وضوء الْحَيّ وَقَوله وَحَائِل لَيْسَ مَعْطُوفًا على محرم بل مُبْتَدأ خَبره كف وَفِي قَوْله كف وكف الْآتِيَة جناس تَامّ مُسْتَوفى لاتِّفَاقهمَا فِي أَنْوَاع الْحُرُوف وأعدادها وهيئاتها وترتيبها وهما من نَوْعَيْنِ رَابِعهَا مَا ذكره فِي قَوْله (وَمَسّ فرج بشر بِبَطن كف) أَي ينْقض الْوضُوء مس فرج آدَمِيّ بِبَطن كف قبلا كَانَ أَو دبرا من نَفسه أَو غَيره عمدا أَو سَهوا مُتَّصِلا أَو ذكرا مَقْطُوعًا لخَبر من مس ذكره فَليَتَوَضَّأ وَفِي رِوَايَة من مس فرجه وَفِي رِوَايَة ذكرا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حسن صَحِيح وَخبر ابْن حبَان فِي صَحِيحه (إِذا أفْضى أحدكُم بِيَدِهِ إِلَى فرجه وَلَيْسَ بَينهمَا ستر وَلَا حجاب فَليَتَوَضَّأ) وَمَسّ فرج غَيره أفحش من مس فرجه لهتك حُرْمَة غَيره وَالْمرَاد بِمَسّ قبل الْمَرْأَة ملتقى الشفرين على المنفذ وبمس الدبر ملتقى المنفذ وببطن الْكَفّ مااستتر عِنْد وضع إِحْدَى الْكَفَّيْنِ على الْأُخْرَى مَعَ تحامل يسير وَخرج بالفرج مس أحد قبلى الْمُشكل فَلَا نقض بِهِ لَا أَن يمس الْوَاضِح مِنْهُ مثل آلَته وبالآدمي الْبَهِيمَة فَلَا ينْقض مس فرجهَا كَمَا لَا يجب ستره وَلَا يحرم النّظر إِلَيْهِ وَلَا يتَعَلَّق بِهِ ختان وَلَا استنجاء وَلِأَن لمس إناث الْبَهَائِم لَيْسَ يحدث فَكَذَلِك مس فرجهَا فعلى هَذَا لَو أَدخل يَده فِي فرجهَا
1 / 42