ﷺ َ - (بَاب الْوضُوء) ﷺ َ -
هُوَ بِضَم الْوَاو الْفِعْل وَبِفَتْحِهَا المَاء الَّذِي يتَوَضَّأ فِيهِ وَقيل بِالْفَتْح فيهمَا وَقيل بِالضَّمِّ فيهمَا والمبوب لَهُ الْوضُوء بِمَعْنى الْفِعْل وَهُوَ من الْوَضَاءَة وَهِي الْحسن وَفِي الشَّرْع اسْتِعْمَال المَاء فِي أَعْضَاء مَخْصُوصَة مفتتحا بنية قَالَ الإِمَام وَهُوَ تعبدي لَا يعقل مَعْنَاهُ لِأَن فِيهِ مسحا وَلَا تنظيف فِيهِ وَالأَصَح أَنه مَعْقُول الْمَعْنى وَكَانَ فَرْضه مَعَ فرض الصَّلَاة كَمَا رَوَاهُ ابْن ماجة وَالأَصَح أَنه لَيْسَ من خَصَائِص هَذِه الْأمة وَإِنَّمَا الْخَاص بهم الْغرَّة والتحجيل (مُوجبه الْخَارِج من سَبِيل) أَي مُوجب الْوضُوء بِكَسْر الْجِيم أَي أَسبَابه لِأَنَّهُ مُفْرد مُضَاف ليعم أَرْبَعَة أَحدهَا الْخَارِج من سَبِيل مُعْتَاد قبلا كَانَ أَو دبرا ريحًا كَانَ الْخَارِج وَلَو من قبل أَو عينا نَادرا كَانَ أَو مُعْتَادا نجسا كَانَ أَو طَاهِرا وَلَو دوده أخرجت رَأسهَا ثمَّ رجعت أما الْغَائِط وَالْبَوْل وَالرِّيح والمذى فبالنص وَأما مَا عَداهَا فبالقياس عَلَيْهَا وَفِي مُوجبه أوجه أَصَحهَا بِالْخرُوجِ مَعَ الِانْقِطَاع وجوبا موسعا وَمَعَ الْقيام إِلَى الصَّلَاة وجوبا مضيقا وَيجْرِي ذَلِك فِي مُوجب الْغسْل من الْحيض وَالنّفاس وَشَمل كَلَام النَّاظِم إِيجَاب الْوضُوء بِخُرُوج الْخَارِج من دبر الْمُشكل أَو من قبليه جَمِيعًا وَمن ثقبه انفتحت فِي معدة أَو فَوْقهَا أَو تحتهَا وَقد خلق مسدود الْمخْرج الْأَصْلِيّ أَو انفتحت تَحت الْمعدة وَقد انسد الْأَصْلِيّ فَصَارَ لَا يخرج مِنْهُ شَيْء وَإِن لم يلتحم وَهُوَ كَذَلِك وَمحل مَا ذكر فِي الانسداد الْعَارِض فَيقوم مقَام الْأَصْلِيّ فِي النَّقْض فَقَط دون إِجْزَاء الْحجر وَإِيجَاب الْوضُوء تمسها وَالْغسْل بالإيلاج فِيهَا وَإِيجَاب سترهَا وَتَحْرِيم النّظر إِلَيْهَا فَوق الْعَوْرَة لَكِن رجح فِي الْمَجْمُوع عدم انْتِقَاض الْوضُوء إِذا نَام مُمكنا لَهَا من مقره والمنسد حِينَئِذٍ كعضو زَائِد من الْخُنْثَى لَا وضوء بمسه وَلَا غسل بإيلاجه والإيلاج فِيهِ أما إِذا كَانَ الانسداد خلقيا فمنفتحه كالأصلي فِي الْأَحْكَام كلهَا كَمَا أفتى بِهِ الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى وَيُؤْخَذ من قَوْلنَا فمنفتحه أَنه لَا أثر لخُرُوج من منفتح بِأَصْل الْخلقَة كالفم وَخرج مِمَّا مر خُرُوج الْخَارِج من غَيره كَأحد قبلى الْمُشكل وثقبه انفتحت تَحت الْمعدة مَعَ انفتاح الْأَصْلِيّ أَو انفتحت فِيهَا أَو فَوْقهَا وَلَو مَعَ انسداد الْأَصْلِيّ فَلَا يُوجب الْوضُوء لِأَن الأَصْل عدم النَّقْض حَتَّى يثبت شرعا وَلم يثبت إِلَّا فِيمَا مر (غير منى مُوجب التغسيل) اسْتثْنى النَّاظِم من إِيجَاب الْوضُوء بِخُرُوج الْخَارِج الْمَنِيّ الْمُوجب للْغسْل وَهُوَ مني الشَّخْص نَفسه الْخَارِج مِنْهُ أول مرّة كَأَن أمنى بِمُجَرَّد نظر أَو احْتِلَام مُمكنا مقعدته فَإِنَّهُ لَا يُوجب الْوضُوء لِأَنَّهُ أوجب أعظم الْأَمريْنِ وَهُوَ الْغسْل بِخُصُوصِهِ فَلم يُوجب أدونهما بِعُمُومِهِ كزنا الْمُحصن لما أوجب أعظم الحدين وَهُوَ الرَّجْم بِكَوْنِهِ زنا مُحصن لم يُوجب أدونهما بِكَوْنِهِ زنا وَيلْحق بِهِ ولادَة بِلَا بَلل كَمَا أفتى بِهِ الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى وَفرق بَينه وَبَين إِيجَاب الْحيض وَالنّفاس الْوضُوء مَعَ إيجابهما الْغسْل بِأُمُور مِنْهَا أَنَّهُمَا لَا فَائِدَة لبَقَاء الْوضُوء مَعَهُمَا وأنهما يمنعان صِحَة الْوضُوء فَلَا يجامعانه مَعَ إيجابهما الْغسْل بِخِلَاف خُرُوج المنى يصبح مَعَه الْوضُوء فِي صُورَة سَلس المنى فيجامعه وَمِنْهَا أَن كلا مِنْهُمَا يخرج صَاحبه عَن كَونه مُكَلّفا بِالصَّلَاةِ فَلَا معنى لبَقَاء الْوضُوء حِينَئِذٍ وَلَا كَذَلِك المنى وَخرج بقوله مُوجب التغسيل مَا لَا يُوجِبهُ كَأَن جومعت فِي دبرهَا أَو فِي قبلهَا وَلم تنقض شهوتها وَاغْتَسَلت ثمَّ خرج مِنْهَا أَو استدخل شخص من منيه أَو منى غَيره ثمَّ خرج مِنْهُ فَإِنَّهُ يُوجب الْوضُوء كَمَا شَمله الْمُسْتَثْنى مِنْهُ أَيْضا وَمثله مَا لَو أَلْقَت بعض ولد كيد فينتقض وضوءها وَلَا غسل بِهِ كَمَا أفتى بِهِ الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى (كَذَا زَوَال الْعقل) وَهُوَ ثَانِيهَا أَي التَّمْيِيز فَإِن فسر بِآلَة التَّمْيِيز كَمَا حكى عَن إمامنا الْأَعْظَم أَو أَنه صفة يُمَيّز بهَا بَين الْحسن وَبَين الْقَبِيح فَالْمُرَاد زَوَال تصرفه وَهُوَ التَّمْيِيز إِمَّا بارتفاعه بالجنون أَو انغماره بالإغماء أَو السكر وَنَحْوه أَو استتاره بِالنَّوْمِ وَنَحْوه كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله (لَا بنوم كل مُمكن) لخَبر العينان وكاء السه فَمن نَام فَليَتَوَضَّأ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيره وَحسنه التِّرْمِذِيّ وَغَيره وَأخرجه ابْن السكن فِي صحاحه وَغير النّوم مِمَّا ذكر أبلغ مِنْهُ فِي الذهول الَّذِي هُوَ مَظَنَّة لخُرُوج شَيْء من دبره كَمَا أشعر بِهِ الْخَبَر إِذْ السه الدبر ووكاءه حفاظه عَن أَن يخرج مِنْهُ شَيْء لَا يشْعر (٦ غَايَة الْبَيَان)
1 / 41