توسع وَالْأَصْل فِي ذَلِك خبر البُخَارِيّ عَن أنس (أَن قدحه ﷺ الَّذِي يشرب فِيهِ كَانَ مسلسلا بِفِضَّة) أى مشعبا بخيط فضَّة لانشقاقه وَمَا ذكره كَأَصْلِهِ من مُسَاوَاة ضبة الذَّهَب لعنبة الْفضة تبع فِيهِ الرَّافِعِيّ وَرجح النووى تَحْرِيمهَا مُطلقًا لِأَن الدَّلِيل الْمُخَصّص للتَّحْرِيم إِنَّمَا ورد فِي الْفضة وَلَا يلْزم من جَوَازهَا جَوَازه لِأَن الْخُيَلَاء فِيهِ أشدوبابه أضيق وَفِي بعض النّسخ بدل قَوْله وَالْحَاجة الخ لحَاجَة مَا لم تجَاوز كَسره (وَيسْتَحب فِي الْأَوَانِي التغطية وَلَو بِعُود حط فَوق الانية) مَعَ تَسْمِيَة الله تَعَالَى لَيْلًا كَانَ أَو نَهَارا سَوَاء أَكَانَ فِيهَا مَاء أَو غَيره لخَبر الصَّحِيحَيْنِ عَن جَابر أَن رَسُول الله ﷺ قَالَ (غطوا الْإِنَاء وأوكئوا السقاء) وَفِي رِوَايَة لَهما (خمر آنيتك وَاذْكُر اسْم الله وَلَو تعرض عَلَيْهَا عودا قَالَ الْأَئِمَّة وَفَائِدَة ذَلِك من ثَلَاثَة أوجه أَحدهَا مَا ثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن رَسُول الله ﷺ أَنه قَالَ فان الشَّيْطَان لَا يحل سقاء وَلَا يكْشف إِنَاء ثَانِيهَا مَا جَاءَ فِي رِوَايَة لمُسلم أَنه ﷺ قَالَ فِي السّنة لَيْلَة ينزل فِيهَا وباء لَا يمر بِإِنَاء لَيْسَ عَلَيْهِ غطاء أَو سقاء لَيْسَ عَلَيْهِ وكاء الا نزل فِيهِ من ذَلِك الوباء) قَالَ اللَّيْث بن سعد أحد رُوَاته فِي مُسلم فالأعاجم يتوقون ذَلِك فِي كانون الأول قَالَ بعض الْمُتَأَخِّرين وَهُوَ كيهك ثَالِثهَا صيانتها من النَّجَاسَة وَنَحْوهَا وَقد عمل بَعضهم بِالسنةِ فِي التغطية بِعُود فَأصْبح وأفعى ملتفة على الْعود وَلم تنزل فِي الْإِنَاء وَلَكِن لَا يعرض الْعود على الْإِنَاء إِلَّا مَعَ ذكر اسْم الله فَإِن السِّرّ الدَّافِع هُوَ اسْم الله تَعَالَى مَعَ صدق النِّيَّة وَيسن أَيْضا إيكاء السقاء وإطفاء النَّار عِنْد النّوم وإغلاق الْبَاب بعد الْمغرب وَجمع الصّبيان والمواشي ثمَّ شرع فِي ذكر الِاجْتِهَاد فَقَالَ (ويتحرى) جَوَازًا إِن قدر على طهُور بِيَقِين ووجوبا إِن لم يقدر عَلَيْهِ ويجتهد (لاشتباه طَاهِر بِنَجس وَلَو لأعمى قَادر) الِاجْتِهَاد والتحرى والتآخى بذل المجهود فِي طلب الْمَقْصُود فيجتهد الِاشْتِبَاه طَاهِر من مَاء أَو ثوب أَو طَعَام أَو شراب أَو غَيرهَا بآخر نجس بِأَن يبْحَث عَمَّا يبين النَّجس بالأمارات المغلبة على الظَّن كرشاش حول إنائه أَو ابتلال طرفه أَو تحركه أَو قرب الْكَلْب مِنْهُ أَو زِيَادَته أَو نَقصه وَيسْتَعْمل مَا ظن طَهَارَته لِأَن الْحل شَرط للمطلوب يُمكن التَّوَصُّل إِلَيْهِ بِالِاجْتِهَادِ فَجَاز كالقبلة وَقد يجب بِأَن لَا يجد غَيرهمَا وضاق وَقت الصَّلَاة أَو أضطر للتناول وَشَمل إِطْلَاقه مَا لَو حصل الِاشْتِبَاه بِإِخْبَار ثِقَة وَلَو أُنْثَى وعبدا كَأَن أخبرهُ بتنجس أَحدهمَا مُبْهما وَكَذَا إِن أخبرهُ بِهِ معينا ثمَّ الْتبس عَلَيْهِ فَإِن لم يلتبس عَلَيْهِ وَبَين سَبَب النَّجَاسَة أَو كَانَ فَقِيها فِي الْمِيَاه مُوَافقا لَهُ لزمَه قبُول خَبره وَامْتنع عَلَيْهِ الِاجْتِهَاد كالمفتى يجد النَّص وكالقبلة وَغَيرهَا وكما يجْتَهد الْبَصِير يجْتَهد الْأَعْمَى الْقَادِر على الِاجْتِهَاد على الْأَصَح كَمَا فِي الْوَقْت وَلِأَن لَهُ طَرِيقا غير الْبَصَر كالشم واللمس والذوق وَفَارق مَنعه فِي الْقبْلَة بِأَن أدلتها بصرية فَإِن تخير قلد بَصيرًا ثِقَة كالعامى يُقَلّد مُجْتَهدا بِخِلَاف مَا لَو اشْتبهَ عَلَيْهِ الْوَقْت فَإِن لَهُ أَن يقلده إِن لم يتحير لِأَن الِاجْتِهَاد هُنَاكَ إِنَّمَا يَتَأَتَّى بتعاطى أَعمال مستغرقة للْوَقْت وَفِيه مشقة ظَاهِرَة بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِن لم يجده أَو اخْتلف عَلَيْهِ بصيران أَو تحرى بَصِير وتحير لم يَصح تيَمّمه إِلَّا أَن لَا يبْقى مَعَه مَاء طَاهِر بِيَقِين وَخرج بقوله قَادر الْأَعْمَى الْعَاجِز عَن الِاجْتِهَاد لفقد شمه ولمسه وذوقه وسَمعه أَو لبلادة وَنَحْوهَا فَإِنَّهُ لَا يجْتَهد بل يُقَلّد ثِقَة عَارِفًا (لَا الْكمّ) أى لَو أشتبه عَلَيْهِ أحد كمى ثوب مُتَنَجّس بِالْآخرِ فَلَا اجْتِهَاد فِيهِ بل يجب غسلهمَا مَعًا لتصح صلَاته فِيهِ لِأَنَّهُ ثوب وَاحِد تَيَقّن نَجَاسَته فَلَا تَزُول بِالشَّكِّ كَمَا لَو خفى مَحل النَّجَاسَة فِيهِ وَلم تَنْحَصِر فِي مَحل مِنْهُ فَلَو اجْتهد وَغسل الْمُتَنَجس عِنْده لم تصح صلَاته فِيهِ بعمة فِي الثَّوْبَيْنِ فيهمَا مَعًا على الْأَصَح وَفرق بِأَن مَحل الِاجْتِهَاد الِاشْتِبَاه بَين شَيْئَيْنِ فتأثيره فِي أَجزَاء الْوَاحِد أَضْعَف فَلَو انْفَصل الكمان أَو أَحدهمَا كَانَا كالثوبين وَالْبَوْل وميتة وَمَاء ورد وخمر در أتن لَو أشتبه مَاء وَبَوْل مُنْقَطع الرَّائِحَة أَو ميتَة بمذكاة أَو مَاء ورد بِمَاء أَو خمر يحل
1 / 36