إِذا ولغَ فِيهِ الْكَلْب أَن يغسلهُ سبع مَرَّات أولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ) وَجه الدّلَالَة أَنه لَو لم يكن نجسا لما أَمر بإراقته لما فِيهَا من إِتْلَاف المَال المنهى عَن إضاعته وَأَن الطَّهَارَة إِمَّا عَن حدث أَو خبث وَالْأول مُنْتَفٍ عَن الْإِنَاء فَتعين كَون طَهَارَته عَن الْخبث فثبتت نَجَاسَة فَمه مَعَ إِنَّه أطيب أَجْزَائِهِ بل هُوَ اطيب الْحَيَوَان نكهة لِكَثْرَة مَا يَلْهَث فبقيتها اولى وَفِي الْخَبَر أَنه ﷺ دعى إِلَى دَار قوم فَأجَاب ثمَّ دعى إِلَى دَار أُخْرَى فَلم يجب فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ إِن فِي دَار فلَان كَلْبا قيل وان فِي دَار فلَان هرة فَقَالَ الْهِرَّة لَيست بنجسة رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وإراقة مَا ولغَ فِيهِ وَاجِبَة إِن أُرِيد اسْتِعْمَال الْإِنَاء الإ فمندوبة كَسَائِر النَّجَاسَة إِلَّا الْخمر غير المحترمة فَتجب إراقتها لطلب النَّفس تنَاولهَا (مَعَ فرعيهما) أى الْكَلْب وَالْخِنْزِير مَعَ الآخر اَوْ مَعَ حَيَوَان طَاهِر تبعا لَهُ وتغليبا للنَّجَاسَة وَعلله فِي الْمُهَذّب بِأَنَّهُ مَخْلُوق من نَجَاسَة فَكَانَ مثلهَا قَالَ فِي شَرحه وَلَا ينْتَقض بالدود المولد مِنْهَا لأَنا نمْنَع انه مَخْلُوق من نَفسهَا وَإِنَّمَا تولد فِيهَا كدود الْخلّ لَا يخلق من نفس الْخلّ بل يتَوَلَّد فِيهِ قَالَ وَلَو ارتضع جدى كَلْبه أَو خنزيره فنبت لَحْمه على لَبنهَا لم ينجس على الْأَصَح وَالْفرع يتبع أَبَاهُ فِي نسبه وامه فِي رقها وحريتها وأشرفهما فِي الدّين وَإِيجَاب الْبَدَل وَتَقْرِير الْجِزْيَة وأخفهما فِي عدم وجوب الزَّكَاة وأخسها فِي النَّجَاسَة وَتَحْرِيم الذَّبِيحَة والمناكح (والسؤر) بِالْهَمْزَةِ وتبدل واوا الْبَقِيَّة أى بَقِيَّة الْكَلْب وَالْخِنْزِير وفرعهما كعظم وَشعر وَدم وَبَوْل ودمع وعرق وَسَائِر فضلاتها إِذْ مَا انْفَصل من نجس الْعين فَهُوَ نجس وَقيل السؤر فَضله الشَّرَاب (وميتة) وَإِن لم يسل دَمهَا لقَوْله تَعَالَى ﴿حرمت عَلَيْكُم الْميتَة﴾ وَتَحْرِيم مَا لَيْسَ بمحترم وَلَا مستقدر وَلَا ضَرَر فِيهِ يدل على نَجَاسَته وَهِي مَا زَالَت حَيَاتهَا لَا بِذَكَاة شَرْعِيَّة (مَعَ الْعِظَام وَالشعر وَالصُّوف) أى جَمِيع ذَلِك نجس لِأَن كلا مِنْهَا تحله الْحَيَاة وَلِأَن الْعظم جُزْء النَّجس وَالشعر وَالصُّوف متصلان بِالْحَيَوَانِ اتِّصَال خلقه فَكَانَا كالأعضاء وكالعظم الظلْف وَالظفر والحافر والقرن وَمثل الشّعْر وَالصُّوف الْوَبر والريش (لَا مأكولة) من سمك وجراد وجنين مذكاة مَاتَ بتذكية أمه وصيد لم تدْرك ذَكَاته وَبِغير نَاد مَاتَ بِالسَّهْمِ فَإِنَّهَا طَاهِرَة لقَوْله تَعَالَى ﴿أحل لكم صيد الْبَحْر وَطَعَامه﴾ وَلقَوْله ﷺ فِي الْبَحْر هُوَ الطّهُور مَاؤُهُ الْحل ميتَته) رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَغَيره وصححوه وَلخَبَر الصَّحِيحَيْنِ عَن عبد الله بن أبي أوفى قَالَ غزونا مَعَ رَسُول الله ﷺ سبع غزوات نَأْكُل مَعَه الْجَرَاد وَصَحَّ عَن ابْن عمر أحل لنا ميتَتَانِ وَدَمَانِ السّمك وَالْجَرَاد والكبد وَالطحَال وَهُوَ فِي حكم الْمَرْفُوع بل رَفعه ابْن مَاجَه وَغَيره وَلَكِن بِسَنَد ضَعِيف وَلخَبَر ابْن حبَان وَصَححهُ (ذَكَاة الْجَنِين ذَكَاة أمه) وَفِي الصَّحِيحَيْنِ إِذا أرْسلت كلبك وَسميت وَأمْسك وَقتل فَكل وَإِن أكل فَلَا تَأْكُل فَإِنَّمَا أمسك على نَفسه) وَفِيهِمَا أَيْضا من رِوَايَة رَافع ابْن خديج (أَن بَعِيرًا ند فَرَمَاهُ رجل بِسَهْم فحبسه الله تَعَالَى فَقَالَ ﷺ إِن لهَذِهِ الْبَهَائِم أوابد كأوابد الْوَحْش فَمَا غَلَبَكُمْ فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا) على ان الْجَنِين وَالصَّيْد وَالْبَعِير لَيست ميتَة بل جعل الشَّارِع هَذَا ذكاتها وَلِهَذَا صرح فِي خبر الْجَنِين بِأَنَّهُ مذكى وَإِن لم تباشره السكين ذكره فِي الْمَجْمُوع (وَلَا بشر) أى ميتَة الْبشر وَلَو كَافِرًا طَاهِرَة لخَبر الْحَاكِم وَصَححهُ على شَرط الشَّيْخَيْنِ (لَا تنجسوا مَوْتَاكُم فَإِن الْمُؤمن لَا ينجس حَيا وَلَا مَيتا) وَلقَوْله تَعَالَى ﴿وَلَقَد كرمنا بني آدم﴾ وَقَضِيَّة تكريمهم عدم تنجيسهم بموتهم وَأما قَوْله تَعَالَى ﴿إِنَّمَا الْمُشْركُونَ نجس﴾ فَالْمُرَاد بِهِ نَجَاسَة الِاعْتِقَاد أَو أجتنابهم كالنجس لَا نَجَاسَة الْأَبدَان وَلِهَذَا ربط النَّبِي ﷺ الْأَسير الْكَافِر فِي الْمَسْجِد وَقد أَبَاحَ الله تَعَالَى طَعَام أهل الْكتاب وَاعْلَم أَن فضلَة الْحَيَوَان قِسْمَانِ أَحدهمَا مَاله مقرّ واستحالة فِي الْبَاطِن كَالدَّمِ وَهُوَ نجس من مَأْكُول اللَّحْم وَغَيره إِلَّا مَا أستثنى ثَانِيهمَا مَا لَيْسَ كَذَلِك بل يرشح رشحا كالعرق والدمع واللعاب والمخاط وَهُوَ طَاهِر من كل حَيَوَان طَاهِر نجس من النَّجس وسيأتى فِي كَلَامه الْإِشَارَة إِلَى الْقسم الثانى وَقد ذكر من الْقسم الأول
1 / 30