وَالْحَاكِم أَنه صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ إِذا بلغ المَاء قُلَّتَيْنِ لم يحمل خبثا وَفِي رِوَايَة صَحِيحَة كَمَا قَالَ الْبَيْهَقِيّ لم ينجس فَمَعْنَى لم يحمل خبثا لم يقبله لهَذِهِ الرِّوَايَة وَخرج بِالْمَاءِ الْمَائِع وَإِن كثر والجامد بتوسط رطوبته فَإِنَّهُ ينجس وَفَارق كثير المَاء كثير غَيره بِأَن كَثِيره قوى ويشق حفظه من النَّجس بِخِلَاف غَيره وَإِن كثر فَإِن بلغ مَا تنجس بالملاقاة قُلَّتَيْنِ بِمَاء طَاهِر أَو مُتَنَجّس وَلَا تغير بِهِ عَاد طهُورا وَأما المَاء الْجَارِي فَإِنَّهُ وَإِن كَانَت جرياته مُتَّصِلَة حسا فَهِيَ مُنْفَصِلَة حكما إِذْ كل جرية طالبة لما أمامها هاربة عَمَّا وَرَاءَهَا فَلَو وَقع فِيهَا نجس فَكَمَا لَو وَقع فِي راكد حَتَّى لَو كَانَت قَليلَة تنجست بوصوله إِلَيْهَا وَإِن بلغت مَعَ مَا أمامها وَخَلفهَا قُلَّتَيْنِ لتفاصل أَجزَاء الْجَارِي فَلَا يتقوى بعضه بِبَعْض بِخِلَاف الراكد والجرية إِذا بلغ كل مِنْهُمَا قُلَّتَيْنِ وَلَو وَقع فِيهَا وَهِي قَليلَة نجس جامد فَإِن كَانَ مُوَافقا لجرياتها تنجست دون مَا أمامها وَمَا خلفهَا أَو وَاقِفًا أَو جريها أسْرع فمحله وَمَا أَمَامه مِمَّا مر عَلَيْهِ نجس وَإِن امْتَدَّ فراسخ حَتَّى يجْتَمع فِي حُفْرَة أَو يتراد وَعَلِيهِ يُقَال مَاء ألف قلَّة ينجس بِلَا تغير والجرية الَّتِي تعقب جرية النَّجس الْجَارِي تغسل الْمحل فلهَا حكم الغسالة حَتَّى لَو كَانَت النَّجَاسَة مُغَلّظَة فَلَا بُد من سبع جريات (واختير) دَلِيلا عِنْد النَّوَوِيّ فِي روضته وَغَيرهَا وَصَححهُ فِي تنقيحه وَقَالَ فِي مَجْمُوعه إِنَّه الصَّوَاب الْمُوَافق للدليل ولنص الْأُم وَالْخَبَر ضَعِيف بِاتِّفَاق الْمُحدثين وَكَذَا لأثر فَإِنَّهُ من رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن أبي يحيى وَقد اتَّفقُوا على تَضْعِيفه وجرحوه إِلَّا الشَّافِعِي فوثقه فَثَبت أَنه لَا أصل للكراهة وَلم يثبت عَن الْأَطِبَّاء فِيهِ شَيْء اه وَأجِيب بِأَن دَعْوَاهُ أَن الْمُوَافق للدليل ولنص الْأُم عدم الْكَرَاهَة مَمْنُوعَة وَأثر عمر رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَاد آخر صَحِيح على أَن الْحصْر فِي قَوْله إِلَّا الشَّافِعِي فوثقه مَمْنُوع بل وَثَّقَهُ ابْن جريج وَابْن عدي وَغَيرهمَا كَمَا ذكره الأسنوى وَقَوله وَلم يثبت عَن الْأَطِبَّاء فِيهِ شَيْء شَهَادَة نفي لَا يرد بهَا قَول الشَّافِعِي أَو يكفى فِي إثْبَاته قَول سيدنَا عمر الَّذِي أعرف بالطب من غَيره وتمسكه بِهِ من حَيْثُ إِنَّه خبر لَا تَقْلِيد (فِي مشمس لَا يكره) اسْتِعْمَاله وَالْمذهب كَرَاهَة ماسخنته الشَّمْس بحدتها وَإِن لم يكن بِفعل أحد حَيْثُ كَانَ بمنطبع أَي منطرق غير ذهب أَو فضَّة فِي قطر حَار كمكة وَلَو فِي ميت أَو أبرص مالم يبرد وَوجد غَيره وَالْكَرَاهَة شَرْعِيَّة وَسَوَاء كَانَ فِي طَهَارَة أم شرب أم طَعَام مَائِع وَالْأَصْل فِيهِ مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ أَنه ﷺ قَالَ لعَائِشَة وَقد سخنت مَاء بالشمس يَا حميراء لَا تفعلي هَذَا فَإِنَّهُ يُورث البرص وروى الشَّافِعِي عَن عمر أَنه كَانَ يكره الِاغْتِسَال بِالْمَاءِ المشمس وَقَالَ إِنَّه يُورث البرص وَالْمرَاد بِهِ مَا أثرت فِيهِ لَا مَا انْتقل من حَالَة إِلَى حَالَة أُخْرَى وَالْمعْنَى أَن الشَّمْس بحدتها تفصل من المنطبع زهومة تعلو المَاء فَإِذا لاقت الْبدن خيف عَلَيْهِ البرص بِخِلَاف المسخن بالنَّار ابْتِدَاء لذهاب الزهومة بهَا وَالْعلَّة تَقْتَضِي أَن غير المَاء من الْمَائِعَات كَالْمَاءِ وَبِه جزم الزَّرْكَشِيّ قَالَ البُلْقِينِيّ وَغير الْآدَمِيّ من الْحَيَوَانَات إِن كَانَ البرص يُدْرِكهُ كالخيل أَو يتَعَلَّق بالآدمي مِنْهُ ضَرَر اتجهت للكراهة وَإِلَّا فَلَا وَمِمَّا يكره اسْتِعْمَاله شَدِيد الْحَرَارَة والبرودة لمَنعه الإسباغ فَإِن فقد غَيره وضاق الْوَقْت وَجب أَو خَافَ مِنْهُ ضَرَرا حرم كَمَا نبه عَلَيْهِ الْمُحب الطَّبَرِيّ وكل مَاء مغضوب عَلَيْهِ كمياه ثَمُود إِلَّا بِئْر النَّاقة وَمَاء ديار قوم لوط لخسفها وَمَاء ديار بابل لخَبر أبي دَاوُد إِنَّهَا أَرض ملعونة وَمَاء بِئْر ذِي أروان الَّتِي وضع فِيهَا السحر للنَّبِي ﷺ لمسخ مَائِهَا حَتَّى صَار كنقاعة الْحِنَّاء وَمَاء بِئْر برهوت لخَبر ابْن حبَان شَرّ بِئْر فِي الأَرْض برهوت (وَإِن بِنَفسِهِ انْتَفَى التَّغَيُّر وَالْمَاء) أَي إِذا انْتَفَى تغير المَاء الْكثير بِالنَّجسِ بِأَن لم يدْرك بِنَفسِهِ وَلَا بِعَين كطول مكث وهبوب ريح أَو بِمَاء نبع فِيهِ أَو صب عَلَيْهِ وَلَو متنجسا طهر لانْتِفَاء عِلّة التنجس وَهِي التَّغَيُّر وَلَا يضر عود تغيره إِذا خلا عَن نجس جامد (لَا كزعفران يطهر) أَي إِذا زَالَ التَّغَيُّر ظَاهرا بِعَين ساترة لَهُ كَأَن زَالَ بِنَحْوِ جص أَو تُرَاب أَو زَالَ تغير لَونه بزعفران أَو رِيحه بمسك أَو طعمه
1 / 28