فَإِنَّهُ يَصح التَّطْهِير بِهِ لانعقاده من المَاء كالجمد بِخِلَاف الْملح الْجبلي إِذا لم يكن فِي مقرّ المَاء وممره وَقَوله واستثن بِمَعْنى استدرك إِذْ هُوَ اسْتثِْنَاء مُنْقَطع وَيُمكن أَن يَجْعَل مُنْقَطِعًا فِيمَا عدا الرَّابِعَة مُتَّصِلا فِيهَا بِنَاء على رأى من يَجْعَل التَّغَيُّر فِيمَا عَداهَا سالبا للإسم وَقد مر مَا يُؤْخَذ مِنْهُ أَن الرَّاجِح خِلَافه وَقَول النَّاظِم ترب إِحْدَى لُغَات التُّرَاب (وَلَا بِمَاء مُطلق حلته عين نَجَاسَة وَهُوَ دون الْقلَّتَيْنِ) أَي لَا يَصح التَّطْهِير بِمَاء مُطلق حلت فِيهِ عين نَجَاسَة وَالْحَال أَنه قَلِيل وَلَو جَارِيا وَلم يتَغَيَّر لتنجسه بهَا للْخَبَر الْآتِي وَخرج بِالْمَاءِ غَيره من الْمَائِع وَإِن كثر وَمن الجامد بتوسط رُطُوبَة فَإِنَّهُ ينجس فَإِن بلغ مَا تنجس بالملاقاة قُلَّتَيْنِ بِمَاء وَلَو طَاهِرا أَو متنجسا فطهور وَوصف النَّاظِم المَاء بالاطلاق قبل حلولها فِيهِ أَفَادَ بِهِ تنجس المَاء الطَّاهِر غير الطّهُور بحلولها فِيهِ بِالْأولَى وَفِي بعض النّسخ وَهُوَ بِدُونِ الْقلَّتَيْنِ (واستثن) أَيهَا الْوَاقِف (مَيتا دَمه لم يسل) عِنْد شقّ عُضْو مِنْهُ فِي حَيَاته كذباب ونمل وَنَحْو وعقرب وبق وقمل وبرغوث ووزغ فَلَا ينجس مَاء قَلِيلا وَلَو مَائِعا مالم يطْرَح فِيهِ مَيتا أَو غَيره لخَبر البُخَارِيّ إِذا وَقع الذُّبَاب فِي شراب أحدكُم فليغمسه كُله فَإِن فِي أحد جناحيه دَاء وَفِي الآخر شِفَاء زَاد أَبُو دَاوُد وَأَنه يَتَّقِي بجناحه الَّذِي فِيهِ الدَّاء أَمر بغمسه وَقد يفضى إِلَى مَوته فَلَو نجس المَاء لما أَمر بذلك وَقيس بالذباب مَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا لَا يسيل دَمه بِخِلَاف نَحْو حَيَّة وضفدع فَلَو شككنا فِي سيل دَمه امتحن بِجِنْسِهِ فيجرح للْحَاجة كَمَا قَالَه الغزالى وَلَو كَانَ مِمَّا يسيل دَمه لَكِن لَا دم فِيهِ أَو فِيهِ دم لَا يسيل لصغره فَلهُ حكم مَا يسيل دَمه كَمَا ذكره القَاضِي أَبُو الطّيب فَإِن طرح فِيهِ مَيتا وَلَو كَانَ مِمَّا نشئوه مِنْهُ نجسه لندرته إِذْ لَا يشق الِاحْتِرَاز عَنهُ وَكَذَا إِن غَيره (أَو لَا يرى بالطرف) أَي الْبَصَر (لما يحصل) لقلته كرشاش بَوْل أَو خمر فَلَا ينجس مَا حل فِيهِ لمَشَقَّة الِاحْتِرَاز عَنهُ وَلَو رأى قوي الْبَصَر مَا لَا يرَاهُ غَيره فَالظَّاهِر الْعَفو كَمَا قَالَه الزَّرْكَشِيّ وَغَيره كَمَا فِي سَماع نِدَاء الْجُمُعَة وكالماء فِي هَاتين الصُّورَتَيْنِ الْمَائِع وَالرّطب وَيسْتَثْنى أَيْضا مسَائِل مِنْهَا الْحَيَوَان غير الْآدَمِيّ إِذا وَقع فِي مَاء قَلِيل وعَلى منفذه نَجَاسَة وَخرج مِنْهُ حَيا فَإِنَّهُ لَا يُنجسهُ بِخِلَاف المستجمر فَإِنَّهُ يُنجسهُ وَمِنْهَا الْيَسِير عرفا من دُخان النَّجَاسَة وَمن شعر نجس من غير كلب وخنزير وَمن غُبَار السرجين وَقَوله يحصل بِكَسْر اللَّام للوزن ثمَّ عطف على قَوْله وَهُوَ بِدُونِ الْقلَّتَيْنِ قَوْله (أَو قُلَّتَيْنِ) وقدرهما (بالرطيل الرَّمْلِيّ) نِسْبَة لبلدة بِالشَّام (فَوق ثَمَانِينَ قريب رَطْل) أَي الَّذِي وَزنه ثَمَانمِائَة دِرْهَم قريب أحد وَثَمَانِينَ رطلا (والقلتان بالدمشقي ميه وَنَحْو أَرْطَال أَتَت ثمانيه) والرطل على هَذَا فِي مُرَجّح الرَّافِعِيّ فِي رَطْل بَغْدَاد مائَة وَثَلَاثُونَ درهما فَيكون مائَة رَطْل وَثَمَانِية أَرْطَال وَثلث رَطْل وعَلى مَا صَححهُ النَّوَوِيّ من أَنه مائَة وَثَمَانِية وَعِشْرُونَ درهما وَأَرْبَعَة أَسْبَاع دِرْهَم مائَة وَسبع رَطْل وبالبغدادي خَمْسمِائَة رَطْل وبالمصري على مُرَجّح الرَّافِعِيّ أَرْبَعمِائَة وَأحد وَخَمْسُونَ رطلا وَثلث رَطْل وَثلثا أُوقِيَّة لَا أَرْبَعَة أَخْمَاس أُوقِيَّة كَمَا توهمه بَعضهم وعَلى مَا صَححهُ النَّوَوِيّ أَرْبَعمِائَة وَسِتَّة وَأَرْبَعُونَ رطلا وَثَلَاثَة أَسْبَاع رَطْل وبالمساحة فِي المربع ذِرَاع وَربع طولا وعرضا وعمقا وَفِي بعض النّسخ بدل هَذَا الْبَيْت أَو قُلَّتَيْنِ بالدمشقي ميه ثَمَان أَرْطَال أَتَت بعد ميه (وَالنَّجس الْوَاقِع قد غَيره) أَي لَا يَصح التَّطْهِير بِمَاء مُطلق حلت فِيهِ عين نَجَاسَة وَهُوَ دون الْقلَّتَيْنِ وَإِن كَانَ جَارِيا وَلم تغيره لتنجسه بهَا لخَبر مُسلم إِذا اسْتَيْقَظَ أحدكُم من نَومه فَلَا يغمس يَده فِي الْإِنَاء حَتَّى يغسلهَا ثَلَاثًا فَإِنَّهُ لَا يدْرِي أَيْن باتت يَده نَهَاهُ عَن الغمس خشيَة النَّجَاسَة وَمَعْلُوم أَنَّهَا إِذا خفيت لَا تغير المَاء فلولا أَنَّهَا تنجسه بوصولها لم يَنْهَهُ ولمفهوم خبر أبي دَاوُد وَغَيره وَقَالَ النَّوَوِيّ إِنَّه حسن
1 / 27