لَا بالاقتضاء والتخيير وَلَا خطاب يتَعَلَّق بِفعل غير الْبَالِغ الْعَاقِل وَولي الصَّبِي وَالْمَجْنُون مُخَاطب بأَدَاء مَا وَجب فِي مَا لَهما مِنْهُ كَالزَّكَاةِ وَضَمان الْمُتْلف كَمَا يُخَاطب صَاحب الْبَهِيمَة بِضَمَان مَا أتلفته حَيْثُ فرط فِي حفظهَا لتنزل فعلهَا فِي هَذِه الْحَالة منزلَة فعله وَصِحَّة عبَادَة الصَّبِي كصلاته وصومه المثاب عَلَيْهَا لَيْسَ لِأَنَّهُ مَأْمُور بهَا كَمَا فِي الْبَالِغ بل ليعتادها فَلَا يَتْرُكهَا بعد بُلُوغه (سبع تقسم الْفَرْض وَالْمَنْدُوب وَالْمحرم وَالرَّابِع الْمَكْرُوه ثمَّ مَا أُبِيح وَالسَّادِس الْبَاطِل وأختم بِالصَّحِيحِ) وَسَيَأْتِي بَيَانهَا وَمَا جرى عَلَيْهِ من أَن الْأَحْكَام سَبْعَة بأدراج الصَّحِيح وَالْبَاطِل من خطاب الْوَضع فِيهَا وَهُوَ جعل الشَّيْء سَببا أَو شرطا أَو مَانِعا أَو صَحِيحا أَو بَاطِلا رأى مَرْجُوح وَالْمَشْهُور عدم شُمُول الحكم للخطاب الوضعي وَوَجهه الْحصْر فِيمَا ذكره أَن الحكم إِن تعلق بالمعاملات فإمَّا بِالصِّحَّةِ أَو بِالْبُطْلَانِ أَو بِغَيْرِهِمَا فَهُوَ إِمَّا طلب أَو إِذن فِي الْفِعْل وَالتّرْك على السوَاء والطلب إِمَّا طلب فعل أَو ترك وكل مِنْهُمَا إِمَّا جازم أَو غير جازم فَطلب الْفِعْل الْجَازِم الْإِيجَاب وَغير الْجَازِم النّدب وَطلب التّرْك الْجَازِم التَّحْرِيم وَغير الْجَازِم الْكَرَاهَة وَالْإِذْن فِي الْفِعْل وَالتّرْك على السوَاء الْإِبَاحَة وَزَاد جمع متأخرون خلاف الأولى فَقَالُوا إِن كَانَ طلب التّرْك الْغَيْر الْجَازِم بنهي مَخْصُوص فكراهة والإفخلاف الأولى وَأما المتقدمون فيطلقون الْمَكْرُوه على ذِي النهى الْمَخْصُوص وَغَيره وَقد يَقُولُونَ فِي الأول مَكْرُوه كَرَاهَة شَدِيدَة وَعلم مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَن جعل المُصَنّف الْأَحْكَام هَذِه السَّبْعَة فِيهِ تجوز لِأَنَّهَا متعلقاتها لَا أَنْفسهَا إِذْ الْإِيجَاب هُوَ الحكم وَالْوُجُوب أَثَره وَالْوَاجِب مُتَعَلقَة وَكَذَا الْبَقِيَّة فَالْحكم الَّذِي هُوَ خطاب الله تَعَالَى إِذا نسب إِلَى الْحَاكِم سمى إِيجَابا أَو تَحْرِيمًا أَو إِلَى مَا فِيهِ الحكم وَهُوَ الْفِعْل سمى وجوبا أَو وَاجِبا أَو حُرْمَة أَو حَرَامًا فالإيجاب وَالْوَاجِب مثلا متحدان بِالذَّاتِ مُخْتَلِفَانِ بالإعتبار وَيَأْتِي مثل ذَلِك فِي النّدب وَالْكَرَاهَة وَالْإِبَاحَة وَالْمَنْدُوب وَالْمَكْرُوه والمباح وَيُسمى الْفَرْض وَاجِبا ومحتوما ومكتوبا خلافًا لأبي حنيفَة حَيْثُ ذهب إِلَى أَن الْفَرْض أثبت بِدَلِيل قَطْعِيّ وَالْوَاجِب مَا ثَبت بِدَلِيل ظَنِّي وَيُسمى الْمحرم حَرَامًا ومحظورا وذنبا ومعصية ومزجورا عَنهُ ومتوعدا عَلَيْهِ أَي من الشَّرْع وَيُسمى الْمُبَاح حَلَالا وطلقا وجائزا وَإِنَّمَا لم يتَعَرَّض المُصَنّف للرخصة والعزيمة لاندراجهما فِيمَا ذكره لِأَن الحكم الشَّرْعِيّ إِن تغير تعلقه من صعوبة على الْمُكَلف إِلَى سهوله عَلَيْهِ كَأَن تغير من الْحُرْمَة إِلَى الْإِبَاحَة لعذر مَعَ قيام السَّبَب للْحكم الْأَصْلِيّ المتخلف عَنهُ للْعُذْر فَالْحكم الْمُتَغَيّر إِلَيْهِ السهل الْمَذْكُور يُسمى رخصَة وَاجِبا كَانَ كَأَكْل الْميتَة للْمُضْطَر أَو مَنْدُوبًا كالقصر للْمُسَافِر سفرا مُبَاحا يبلغ ثَلَاثَة أَيَّام أَو مُبَاحا كالسلم أَو خلاف الأولى كفطر الْمُسَافِر الَّذِي لَا يجهده الصَّوْم وَإِن لم يتَغَيَّر الحكم كَمَا ذكره فعزيمة وَبَعْضهمْ خص الْعَزِيمَة بِالْوَاجِبِ وَبَعْضهمْ عممها للْأَحْكَام الْخَمْسَة (فالفرض مَا فِي فعله الثَّوَاب كَذَا على تَاركه الْعقَاب) أَي إِن الْفَرْض من حَيْثُ وَصفه بالفرضية مَا يُثَاب فَاعله على فعله ويعاقب على تَركه وَتَنَاول قَوْله مَا فِي فعله الثَّوَاب الْفَرْض وَالْمَنْدُوب وَخرج بِهِ الْحَرَام وَالْمَكْرُوه والمباح وَخرج بقوله كَذَا على تَاركه الْعقَاب الْمَنْدُوب ويكفى فِي صدق الْعقَاب وجوده لوَاحِد من العصاة مَعَ الْعَفو عَن غَيره فَلَا يخرج من تَعْرِيف المُصَنّف الْوَاجِب المعفو عَنهُ أَو يُرِيد بالعقاب ترتبه على تَركه فَلَا ينافى الْعَفو وَهَذَا تَعْرِيف رسمي فَيصح باللازم وَظَاهر أَن الْوَاجِب الَّذِي لَا يتَوَقَّف أجزاؤه على نِيَّة كَنَفَقَة الزَّوْجَات والأقارب والأرقاء ورد الْمَغْصُوب والعوارى والودائع يعْتَبر فِي الْآيَة فَاعله قَصده التَّقَرُّب بِهِ (وَمِنْه مَفْرُوض على الْكِفَايَة) أَي أَن الْفَرْض الْمَذْكُور يَشْمَل فرض الْعين والكفاية لسُقُوط الْفَرْض فِيهِ بِفعل الْبَعْض وَلَا مُنَافَاة كَمَا قَالَه النَّوَوِيّ بَين قَول الْأُصُولِيِّينَ أَن فرض الْكِفَايَة يسْقط بِفعل الْبَعْض وَقَول الْفُقَهَاء لَو صلى على الْجِنَازَة طَائِفَة أُخْرَى
1 / 22