أمراضها الَّتِى تخرجها عَن الصِّحَّة فَيعلم حَدهَا وسببها وعلاجها (كالعجب) وَهُوَ استعظام الْآدَمِيّ نَفسه على غَيره والركون إِلَيْهَا مَعَ نِسْيَان أضافتها للمنعم (وَالْكبر) وَهُوَ أَن يتَعَدَّى الشَّخْص طوره وَقدره وَهُوَ خلق فِي النَّفس وأفعال تصدر من الْجَوَارِح (وداء الْحَسَد) وَهُوَ كراهتك نعْمَة الله على غَيْرك ومحبتك زَوَالهَا عَنهُ وَمَا ذكره المُصَنّف نَقله فِي الرَّوْضَة عَن الْغَزالِيّ ثمَّ قَالَ وَقَالَ غَيره فِيهِ تَفْصِيل فَمن رزق قلبا سليما من هَذِه الامراض الْمُحرمَة كَفاهُ الله ذَلِك وَمن لم يسلم وَتمكن من تَطْهِير قلبه بِغَيْر تعلم الْعلم الْمَذْكُور وَجب تَطْهِيره وَأَن لم يتَمَكَّن إِلَّا بتعلمه وَجب اهثم ذكر الْقسم الثَّانِي وَهُوَ فرض الكفايه وَبِه شرع فِي أصُول الْفِقْه فَقَالَ (وَمَا سوى هَذَا من الْأَحْكَام فرض كفايه على الْأَنَام) أى مَا سوى فرض الْعين من علو أَحْكَام الله كالتوغل فِي علم الْكَلَام بِحَيْثُ يتَمَكَّن من إِقَامَة الْأَدِلَّة وأزالة الشّبَه فرض كفايه على جَمِيع الْمُكَلّفين الَّذين يُمكن كلا مِنْهُمَا فعله فَكل مِنْهُم مُخَاطب لفعله لَكِن إِذا فعله الْبَعْض سقط الْحَرج عَن البَاقِينَ فَإِن امْتنع جَمِيعهم من فعله أَثم كل من لَا عذر لَهُ مِمَّن علم ذَلِك وَأمكنهُ الْقيام بِهِ أَو لم يعلم وَهُوَ قريب يُمكنهُ الْعلم بِهِ بِحَيْثُ ينْسب إِلَى التَّقْصِير وَلَا أَثم على من لم يتَمَكَّن لعدم وُجُوبه عَلَيْهِ قَالَ الإِمَام فِي الْمَحْصُول وَأعلم أَن التَّكْلِيف فِيهِ أى فِي فرض الكفايه مَوْقُوف على حُصُول الظَّن الْغَالِب فَإِن غلب على ظن جمَاعَة أَن غَيرهَا يقوم بذلك سقط عَنْهَا وَأَن غلب على ظنهم أَن غَيرهم لَا يقوم بِهِ وَجب عَلَيْهِم وَأَن غلب على ظن كل طَائِفَة أَن غَيرهم يقوم بِهِ سقط الْفَرْض عَن كل وَاحِد من تِلْكَ الطوائف وَأَن كَانَ يلْزم مِنْهُ أَن لَا يقوم بِهِ أحد لِأَن تَحْصِيل الْعلم بِأَن غَيْرِي هَل يفعل هَذَا الْفِعْل أما لَا غير مُمكن إِنَّمَا الْمُمكن تَحْصِيل الظَّن أهوَ مَا ذكره النَّاظِم من أَن فرض الكفايه يتَعَلَّق بِجَمِيعِ الْأَنَام هُوَ الْأَصَح وَعَلِيهِ الْجُمْهُور وَنَصّ عَلَيْهِ الشَّافِعِي فِي الْأُم وَالْألف والام فِي قَوْله الْأَحْكَام للْعهد أى أَحْكَام دين الله وَهِي الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة وآلتها وَخرج بهَا غَيرهَا لِأَنَّهُ محرم أَو مَكْرُوه أَو مُبَاح فَالْأول كالفلسفة والشعبدة والتنجيم والرمل وعلوم الطبائعيين وَكَذَا السحر على الصَّحِيح وَالثَّانِي كأشعار المولودين المشتمله على الْغَزل والبطاله وَالثَّالِث كأشعارهم الَّتِي لَيْسَ فِيهَا سخف وَلَا شَيْء مِمَّا يكره أَو ينشط على الشَّرّ أَو يثبط عَن الْخَيْر وَلَا يحث عَلَيْهِ أَو يستعان بِهِ عَلَيْهِ (كل مُهِمّ قصدُوا تحصله من غير أَن يعتبروا من فعله) أى ان فرض الكفايه يعرف بِأَنَّهُ كل مُهِمّ قصدُوا فِي الشَّرْع تَحْصِيله من غير أَن يعتبروا عين من يَفْعَله أى يقْصد حُصُوله فِي الْجُمْلَة فَلَا ينظر إِلَى فَاعله إِلَّا بتبع للْفِعْل ضَرُورَة أَنه لَا يحصل بِدُونِ فَاعل فَيتَنَاوَل مَا هُوَ ديني كَصَلَاة الْجِنَازَة وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ والنهى عَن الْمُنكر ودنيوي كالحرف والصنائع وَخرج فرض الْعين فَإِنَّهُ مَنْظُور بِالذَّاتِ إِلَى فَاعله حَيْثُ قصد حُصُوله من كل وَاحِد من الْمُكَلّفين أَو من عين مخصوصه كالنبي ﷺ فِي مَا فرض عَلَيْهِ دون أمته وَلم يُقيد النَّاظِم التحصل بِالْجَزْمِ أحترازا عَن السّنة لِأَن الْغَرَض تَمْيِيز فرض الْكِفَايَة عَن فرض الْعين وَذَلِكَ حَاصِل بِمَا ذكره والقائم بِفَرْض الْعين أفضل من الْقَائِم بِفَرْض الكفايه لشدَّة أعتناء الشَّارِع بِهِ بِقَصْدِهِ حُصُوله من كل مُكَلّف فِي الْأَغْلَب ثمَّ مثل لفرض الْكِفَايَة بقوله (كأمر مَعْرُوف وَنهى الْمُنكر) الْمجمع عَلَيْهِ إِذْ هُوَ من أعظم قَوَاعِد الْإِسْلَام وَالْمرَاد بِهِ الْأَمر بواجبات الشَّرْع والنهى عَن محرماته فَإِن نصب الْأَمَام لذَلِك رجلا تعين عَلَيْهِ بِحكم الْولَايَة وَهُوَ الْمُحْتَسب وَسَوَاء فِي ذَلِك تعلق بِحُقُوق الله تَعَالَى جَمِيعًا كالأمر بِإِقَامَة الْجُمُعَة إِذا توفرت شُرُوطهَا أَو أفرادا كمن أخر الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة عَن وَقتهَا فَإِن قَالَ نسيتهَا حثه على المراقبة وَلَا يعْتَرض على من أَخّرهَا ووقتها باقى أَو تعلق بِحَق آدَمِيّ عَام كبلد تعطل شربه أَو أنهدم سوره أَو طرقه أَبنَاء السَّبِيل المحتاجون وَتركُوا معونتهم فَإِن كَانَ فِي بَيت المَال مَال وَأمكن
1 / 20