والعطف فِي قَوْله (ولايستقدمون) على الْجُمْلَة الشّرطِيَّة مَعَ الظّرْف لَا الجزائية وَالْمعْنَى فَإِذا جَاءَ أَجلهم لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَة فَمَا الظَّن بِمَا زَاد وَلَو كَانَ عطفا على الْجُمْلَة الجزائية لورد أَن الاستقدام عِنْد المجىء لَا يتَصَوَّر وَالْمَوْت فائم بِالْمَيتِ مَخْلُوق الله تَعَالَى لَا صنع للْعَبد فِيهِ خلقا وَلَا كسبا ومبنى هَذَا على أَن الْمَوْت وجودي بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى ﴿خلق الْمَوْت والحياة﴾ وَالْأَكْثَرُونَ على أَنه عدمى وَمعنى خلق الْمَوْت قدره وَأما نقص الْعُمر الْمشَار إِلَيْهِ بقوله تَعَالَى ﴿وَمَا يعمر من معمر وَلَا ينقص من عمره إِلَّا فِي كتاب﴾ فَلَيْسَ المُرَاد بِهِ النَّقْص من عمر ذَلِك المعمر بل المُرَاد وَمَا ينقص من عمر معمر آخر وَالضَّمِير لَهُ وَإِن لم يذكر لدلَالَة مُقَابِله وَقيل فِي تَأْوِيله غير ذَلِك وَأما خبر الطَّبَرَانِيّ أَن الْمَقْتُول يتَعَلَّق بقاتله يَوْم الْقِيَامَة وَيَقُول يَا رب ظَلَمَنِي وَقطع أجلى فمتكلم فِي اسناده وَبِتَقْدِير صِحَّته فَهُوَ مَحْمُول على مقتول سبق فِي علمه تَعَالَى أَنه لَو لم يقتل لَكَانَ يعْطى أََجَلًا زَائِدا (وَالنَّفس تبقى لَيْسَ تفنى لِلْأَبَد) أى أَن النَّفس وهى الرّوح تبقى بعد موت الْبدن منعمة أَو معذبة فَلَا تفنى عِنْد النفخة الأولى وَلَا غَيرهَا لِأَن الأَصْل فِي بَقَائِهَا بعد الْمَوْت استمراره وَتَكون من الْمُسْتَثْنى بقوله إِلَّا من شَاءَ الله كَمَا قيل فِي الْحور الْعين (والجسم يبْلى غير عجب الذَّنب) أى أَن الْجِسْم جَمِيعه يفنى وَيصير تُرَابا إِلَّا عجب الذَّنب فَإِنَّهُ لَا يبْلى لخَبر (لَيْسَ شىء من الأنسان إلايبلى إِلَّا عظما وَاحِدًا وَهُوَ عجب الذَّنب مِنْهُ يركب الْخلق يَوْم الْقِيَامَة وَهُوَ فِي أَسْفَل الصلب عِنْد رَأس العصعص يشبه فِي الْمحل مَحل أصل الذَّنب من ذَوَات الْأَرْبَع وَلِهَذَا قَالَ بَعضهم أَنه بِالنِّسْبَةِ إِلَى جسم الأنسان كالبذر بِالنِّسْبَةِ إِلَى جسم النَّبَات وَهُوَ بِفَتْح الْعين وَسُكُون الْجِيم وَآخره بَاء موحده وَقد تبدل ميما وَحكى اللحيان تثليث الْعين فيهمَا فَهِيَ سِتّ لُغَات (وَمَا شَهِيد بَالِيًا وَلَا نبى أى ان الأَرْض لَا تاكل لحم الْأَنْبِيَاء وَلَا الشُّهَدَاء تكريما لَهُم فهم إحْيَاء فِي قُبُورهم عِنْد رَبهم يرْزقُونَ لقَوْله تَعَالَى ﴿وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله﴾ الْآيَة للْخَبَر الصَّحِيح أَن الأَرْض لَا تَأْكُل لُحُوم الْأَنْبِيَاء إِذْ هم أَحيَاء فِي قُبُورهم يصلونَ ويحجون (كَمَا ورد // وَقَول النَّاظِم وَلَا نَبِي أى بَالِيًا وَزَاد بَعضهم الْمُؤَذّن الْمُحْتَسب لخَبر عبد الله بن عمر والمؤذن الْمُحْتَسب كالمتشحط فِي دَمه وَأَن مَاتَ لم يدود فِي قَبره رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكبر ويدود بِكَسْر الْوَاو الْمُشَدّدَة اى لم يَأْكُلهُ الدُّود وَقَول النَّاظِم انقضا بِالْقصرِ للوزن وَالروح مَا أخبر عَنْهَا الْمُجْتَبى أَي الْمُصْطَفى ﷺ فنمسك الْمقَال عَنْهَا ادبا أى أَن حَقِيقَة الرّوح وَهِي النَّفس مَا أخبر عَنْهَا ﷺ وَقد سُئِلَ عَنْهَا لعدم نزُول الْأَمر ببيانها قَالَ تَعَالَى ﴿ويسألونك عَن الرّوح قل الرّوح من أَمر رَبِّي﴾ فنمسك الْمقَال عَنْهَا أدبا مَعَه ﷺ وَلَا نعبر عَنْهَا بِأَكْثَرَ من مَوْجُود كَمَا قَالَ الْجُنَيْد الرّوح شَيْء أستأثر الله بِعِلْمِهِ وَلم يطلع عَلَيْهِ أحدا من خلقه فَلَا يجوز لِعِبَادِهِ الْبَحْث عَنهُ بِأَكْثَرَ من أَنه مَوْجُود وَإِلَى هَذَا ذهب أَكثر الْمُفَسّرين والخائضون فِيهَا أختلفوا على أَكثر من ألف قَول فَقَالَ جُمْهُور الْمُتَكَلِّمين أَنَّهَا جسم لطيف متشبك بِالْبدنِ كاشتباك المَاء بِالْعودِ الْأَخْضَر واجاب الخائضون عَن الْآيَة بِأَنَّهُ ترك جَوَاب ذَلِك لقَوْل الْيَهُود فِيمَا بَينهم أَن لم يجب عَنْهَا فَهُوَ صَادِق لِأَن ذَلِك عِنْدهم من عَلَامَات نبوته فَكَانَ ترك الْجَواب تَصْدِيقًا لما تقدم فِي كتبهمْ من وَصفه بذلك وَلِأَن سُؤَالهمْ كَانَ سُؤال تعجيز وتغليط لِأَن الرّوح مُشْتَرك بَين روح الأنسان وَجِبْرِيل وَملك آخر يُقَال لَهُ الرّوح وصنف من الْمَلَائِكَة وَالْقُرْآن وَعِيسَى بن مَرْيَم فَلَو أُجِيب عَن وَاحِد مِنْهَا لقالت الْيَهُود لما نرد هَذَا تغتا مِنْهُم وأذى فجَاء الْجَواب مُجملا على وَجه يصدق على كل من مَعَاني الرّوح وَالْعلم أَسْنَى سَائِر الْأَعْمَال أى أَن
1 / 18