نعلم الْيَوْم قطعا أَنه لَا يجوز أَن تظهر كَرَامَة لولى لضَرُورَة أَو شبه ضَرُورَة مِنْهَا حُصُول الْإِنْسَان لَا من أبوين وقلب جماد بهيمه وأمثال هَذَا يكثر هَذَا قَالَ التَّاج السُّبْكِيّ وَهَذَا حق يخصص قَول غَيره مَا جَازَ أَن يكون معْجزَة لنَبِيّ جَازَ أَن يكون كَرَامَة لوَلِيّ لافارق بَينهمَا إِلَّا التحدي وَقد جرى عَلَيْهِ المُصَنّف لكنه راى مَرْجُوح فقد قَالَ الزَّرْكَشِيّ إِنَّه مَذْهَب ضَعِيف وَالْجُمْهُور على خِلَافه وَقد أنكروه على الْقشيرِي حَتَّى وَلَده أَبُو نصر فِي كِتَابه المرشد فَقَالَ قَالَ بعض الْأَئِمَّة مَا وَقع معْجزَة لنَبِيّ لَا يجوز تَقْدِير وُقُوعه كَرَامَة لوَلِيّ كقلب العصى ثعبانا وإحياء الْمَوْتَى وَالصَّحِيح تَجْوِيز جملَة خوارق الْعَادَات كرامات للأولياء وَفِي الأرشاد لأمام الْحَرَمَيْنِ مثله وَفِي شرح مُسلم للنووي فِي بَاب الْبر والصلة أَن الكرامات تجوز بخوارق الْعَادَات على أختلاف أَنْوَاعهَا وَمنعه بَعضهم وَادّعى أَنَّهَا تخْتَص بِمثل إِجَابَة دُعَاء وَنَحْوه وَهَذَا غلط من قَائِله وانكار للحس بل الصَّوَاب جريانها بقلب الْأَعْيَان وَنَحْوهَا اه (وَلم يجز فِي غير مَحْض الْكفْر خروجنا على ولى الْأَمر أى يحرم الْخُرُوج على ولى الْأَمر وقتاله باجماع الْمُسلمين لما يَتَرَتَّب على ذَلِك من فتن وإراقة الدِّمَاء وَفَسَاد ذَات الْبَين فَتكون الْمفْسدَة فِي عَزله أَكثر مِنْهَا فِي بَقَائِهِ ولأننا تَحت طَاعَته فِي أمره وَنَهْيه مَا لم يُخَالف حكم الشَّرْع وَإِن كَانَ جائرا قَالَ النووى فِي شرح مُسلم إِن الْخُرُوج عَلَيْهِم وقتالهم حرَام باجماع الْمُسلمين وَإِن كَانُوا فسقه ظالمين اهو هُوَ مَحْمُول على الْخُرُوج عَلَيْهِم بِلَا عذر وَلَا تَأْوِيل وَخرج بقول المُصَنّف ولى الْأَمر مالو طَرَأَ عَلَيْهِ كفر فَإِنَّهُ يخرج عَن حكم الْولَايَة وَتسقط طَاعَته وَيجب على الْمُسلمين الْقيام عَلَيْهِ وقتاله وَنصب غَيره إِن أمكنهم ذَلِك وَيُمكن أَن يُسْتَفَاد هَذَا من قَوْله فِي غير مَحْض الْكفْر بِجعْل (فِي) للتَّعْلِيل كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى ﴿لمسكم فِيمَا أَفَضْتُم﴾ أى لم يجز لأجل غير مَحْض الْكفْر خروجنا على ولى الْأَمر (وَمَا جرى بَين الصاحب نسكت عَنهُ وَأجر الِاجْتِهَاد نثبت) أى أَنه يجب سكوتنا عَمَّا جرى بَين الصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم من المنازعات والمحاربات الَّتِى قتل بِسَبَبِهَا كثير مِنْهُم فَتلك دِمَاء طهر الله مِنْهَا أَيْدِينَا فَلَا نلوث بهَا ألسنتنا كمنازعة مُعَاوِيَة عليا بِسَبَب تَأْخِير تَسْلِيم قتلة عُثْمَان إِلَى عشيرته ليقتصوا مِنْهُم لِأَن عليا رأى تَأْخِير تسليمهم أصوب لِأَن الْمُبَادرَة بِالْقَبْضِ عَلَيْهِم مَعَ كَثْرَة عشيرتهم واختلاطهم بالعسكر تُؤَدّى إِلَى أضطراب أَمر الأمامة فان بَعضهم عزم على الْخُرُوج على عَليّ وَقَتله لما نَادَى يَوْم الْجمل بِأَن يخرج عَنهُ قَتله عُثْمَان وَرَأى مُعَاوِيَة الْمُبَادرَة وتسليمهم للاقتصاص مِنْهُم أصوب وَذَلِكَ لِأَن لَهُم تأويلات ظَاهِرَة ومحامل قَوِيَّة وعد التهم ثَابِتَة بِنَصّ الْكتاب وَالسّنة فَلَا تَزُول بِالِاحْتِمَالِ وَنثْبت أجر الإجتهاد لكل مِنْهُم لِأَن ذَلِك مبْنى على الِاجْتِهَاد فِي مسئلة ظنية للمصيب فِيهَا أَجْرَانِ على اجْتِهَاده وإصابته وللمخطىء أجر على اجْتِهَاده وَقد ورد فِي فَضلهمْ أَدِلَّة كَثِيرَة وَقَول النَّاظِم الصحاب بِكَسْر الصَّاد جَمِيع صَاحب كجائع وجياع (فرض على النَّاس إِمَام ينصب) أى أَنه يجب على النَّاس نصب إِمَام يقوم بمصالحهم كتنفيذ أحكامهم وَإِقَامَة حدودهم وسد ثغورهم وتجهيز جيوشهم وَأخذ صَدَقَاتهمْ إِن دفعوها وقهر المتغلبة والمتلصصة وقطاع الطَّرِيق وَقطع المنازعات بَين الْخُصُوم وَقِسْمَة الْغَنَائِم وَغير ذَلِك لإِجْمَاع الصَّحَابَة بعد وَفَاته ﷺ على نَصبه حَتَّى جَعَلُوهُ أهم الْوَاجِبَات وقدموه على دَفنه ﷺ وَلم تزل النَّاس فِي كل عصر على ذَلِك وَشرط الإِمَام كَونه بَالغا عَاقِلا مُسلما عدلا حرا ذكرا مُجْتَهد شجاعا ذَا رأى وكفاية قرشيا سميعا بَصيرًا ناطقا سليم الْأَعْضَاء من نقص يمْنَع اسْتِيفَاء الحركه وَسُرْعَة النهوض فَإِن لم يُوجد قرشى مستجمع للشروط فكناني مستجمع فَإِن لم يُوجد فمستجمع من ولد إِسْمَعِيل فَإِن لم يكن فجرهمي مستجمع وجرهم أصل الْعَرَب فَإِن لم يُوجد فمستجمع من ولد
1 / 15