فَهُوَ ﷺ (الشَّفِيع) يَوْم الْقِيَامَة قَالَ ﷺ (أَنا أول شَافِع وَأول مُشَفع) وَله شفاعات أعظمها فِي تَعْجِيل الْحساب والإراحة من هول الْموقف حِين يفزعون إِلَيْهِ بعد الْأَنْبِيَاء وَهِي مُخْتَصَّة بِهِ بِالْإِجْمَاع وَهِي المُرَاد بالْمقَام الْمَحْمُود فِي قَوْله تَعَالَى ﴿عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا﴾ وَهُوَ الْمقَام الَّذِي يحمده فِيهِ الْأَولونَ وَالْآخرُونَ الثَّانِيَة فِي إِدْخَال قوم الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب وَلَا عِقَاب قَالَ القَاضِي عِيَاض وَالنَّوَوِيّ وَغَيرهمَا وَهِي مُخْتَصَّة بِهِ قَالَ بَعضهم وَالْعجب مِمَّن توقف فِي هَذِه الخصوصية وَقَالَ لَا دَلِيل عَلَيْهَا إِذْ الدَّلِيل عَلَيْهَا الاجماع على أَن هَذِه الْأُمُور لَا تدْرك بِالْعقلِ وَلم يرد النَّقْل إِلَّا فِي حَقه وَالْأَصْل الْعَدَم والبقاء على مَا كَانَ الثَّالِثَة فِي أنَاس استحقوا دُخُول النَّار فَلَا يدْخلُونَهَا قَالَ القَاضِي عِيَاض وَغَيره ويشركه فِيهَا من يَشَاء الله وَتردد النَّوَوِيّ فِي ذَلِك قَالَ السكبي لِأَنَّهُ لم يرد تَصْرِيح بذلك وَلَا بنفيه قَالَ وهى فِي إجَازَة قَالَ وَهِي فِي إجَازَة الصِّرَاط بعد وَضعه وَيلْزم مِنْهَا النجَاة من النَّار الرَّابِعَة فِي إِخْرَاج من أَدخل النَّار من الْمُوَحِّدين وَفِي قلبه مِثْقَال ذرة من إِيمَان وَهِي مُخْتَصَّة بِهِ الْخَامِسَة فِي إِخْرَاج من أَدخل النَّار من الْمُوَحِّدين غير هَؤُلَاءِ ويشاركه فِيهَا الْأَنْبِيَاء وَالْمَلَائِكَة والمؤمنون السَّادِسَة فِي زِيَادَة الدَّرَجَات فِي الْجنَّة لأَهْلهَا وَجوز النَّوَوِيّ اختصاصها بِهِ السَّابِعَة فِي تَخْفيف الْعَذَاب عَن بعض الْكفَّار كأبى طَالب وَجعل ابْن دحْيَة مِنْهُ التَّخْفِيف عَن أبي لَهب فِي كل يَوْم اثْنَيْنِ لسروره بِوِلَادَة النَّبِي ﷺ وإعتاقه ثويبة حِين بَشرته بِهِ وَمن شفاعاته أَنه يشفع لمن مَاتَ بِالْمَدِينَةِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَأَن يشفع فِي التَّخْفِيف من عَذَاب الْقَبْر وَفِي العروة الوثقى للقزوينى أَنه يشفع لجَماعَة من صلحاء الْمُسلمين يتَجَاوَز عَنْهُم فِي تقصيرهم فِي الطَّاعَات وَذكر بَعضهم أَنه يشفع فِي أَطْفَال الْمُشْركين حَتَّى يدخلُوا الْجنَّة وَعبارَة المُصَنّف شَامِلَة لجَمِيع ذَلِك (والحبيب للاله) أى أَنه ﷺ حبيب الله لخَبر (أَلا وَأَنا حبيب الله وَلَا فَخر) وَظَاهر الْأَحَادِيث يدل على أَن الْمحبَّة أتم من الْخلَّة لِأَن سِيَاق الْفَضَائِل الَّتِي أوتيها نَبينَا ﷺ يدل على أَن كل مَا ذكر لَهُ أتم فضلا من كل مَا ذكر لغيره وَقد اخْتصَّ بالمحبة كَمَا اشْتهر إِبْرَاهِيم ﵊ بالخلة فَدلَّ على أَن الْمحبَّة أفضل لِأَن صَاحبهَا أفضل وَفرق النَّيْسَابُورِي بَين الْخَلِيل والحبيب بِأَن الْخَلِيل الَّذِي أمتحنه ثمَّ أحبه والحبيب الَّذِي أحبه ابْتِدَاء تفضلا والخليل الَّذِي جعل مَا يملكهُ فدَاء خَلِيله والحبيب الَّذِي أحبه تفضلا والخليل الَّذِي جعل مَا تملكه فدَاء خلية والحبيب الَّذِي جعل الله مَمْلَكَته فداءه وَوجد إِبْرَاهِيم الْخلَّة وَلم يجدهَا أحد غَيره بِسَبَبِهِ وَوجد مُحَمَّد الْمحبَّة ووجدتها أمته بِسَبَبِهِ قَالَ تَعَالَى ﴿قل إِن كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني يحببكم الله﴾ وَقَالَ (يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) والمحبة اسْم جَامع بِهِ تجمع الْخلَّة وَغَيرهَا وَالْعَام أكبر من الْخَاص (وَبعده) أى بعد رَسُول الله ﷺ والأنبياء (فَالْأَفْضَل) أَبُو بكر (الصّديق) وَهَذَا مجمع عَلَيْهِ وَلَا مبالاة بِمَا يُخَالِفهُ وسمى بِالصديقِ لِأَنَّهُ صدق بِالنَّبِيِّ ﷺ فِي نبوته ورسالته من غير تلعثم وَصدقه فِي الْمِعْرَاج بِلَا تردد فِيمَا أخبر بِهِ (وَالْأَفْضَل التالى لَهُ) عمر بن الْخطاب (الْفَارُوق) لما روى أَنه قَالَ (كَانَ إِسْلَام عمر عزا وهجرته نصْرَة وأمارته رَحْمَة وَالله مَا استطعنا أَن نصلى حول الْبَيْت ظَاهِرين حَتَّى أسلم عمر) وروى ابْن سعد عَن صُهَيْب أَنه قَالَ لما اسْلَمْ عمر قَالَ الْمُشْركُونَ انتصف الْقَوْم منا وَقَالَ حُذَيْفَة لما أسلم عمر كَانَ الاسلام كَالرّجلِ الْمقبل لَا يزْدَاد إِلَّا قربا وَلما قتل كَانَ الْإِسْلَام كَالرّجلِ الْمُدبر لَا يزْدَاد إِلَّا بعدا وَورد أَن جِبْرِيل نزل عِنْد إِسْلَام عمر وَقَالَ يامحمد استبشر أهل السَّمَاء بِإِسْلَام عمر وسمى بالفاروق لِأَنَّهُ فرق بَين الْحق وَالْبَاطِل فِي القضايا والخصومات ثمَّ (عُثْمَان) بن عَفَّان (بعده كَذَا على) بن أبي طَالب لاطباق السّلف على أفضليتهم عِنْد الله على هَذَا التَّرْتِيب وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ وَغَيره عَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة قَالَ قلت لأبي أى النَّاس خير بعد رَسُول الله ﷺ فَقَالَ أَبُو بكر قلت ثمَّ من قَالَ عمر قلت ثمَّ من قَالَ عُثْمَان
1 / 13