الدولة ورسومها.
وعمل الفقهاء في هذا الإطار؛ فكانوا هم أصحاب مناصب الفتوى والقضاء؛ ومدرِّسي الأحكام الشرعيَّة في الجوامع الكبرى في حواضر العالم الإسلامي، على مرِّ العصور، وأساتذة المدارس العلميّة في مدن الإسلام يهتدي الناس بأقوالهم وأعمالهم، فيما يُفتونه من مسائل النوازل، ويلتزمون اجتهادهم فيما قرَّروه من أحكام أدّى إليه اجتهادُهم.
وهذا الكتاب (الغاية في اختصار النهاية) ثمرة من ثمار فقيه الأمّة في وقته، شيخ الشافعيّة في الشام ومصر، وأول من سُمِّي بسلطان العلماء في التاريخ الإسلامي فيما أُرجِّح، الإمامُ العزُّ بن عبد السلام؛ الذي منَّ الله عليَّ بصحبة كتبه جمعًا لِنُسَخِها، وتحقيقًا لنصوصِها منذ أكثر من ربع قرن من الزمان. فقد نخلتُ مكتبات العالم وفهارسها بحثًا عن كتاب له، أو أثر عنه، وطوّفتُ عددًا من البلدان، حتى جمعتُ مخطوطات كتبه من خزائن الأرض جلّها تقريبًا، ممّا علمتُ مكانه، ولم أُهمل إلا نسخة كان البديل عنها لديَّ أقوى أو أفضل، أو وقفت حواجز الزمان دون الحصول عليها.
وهذا الكتاب بدأتُ في جمع مخطوطاته سنة (١٩٩٧ م)، وانتهيت من جمع النسخة الأولى شبه الكاملة سنة (٢٠٠٠ م)، وفيها بدأتُ تحقيقه بحول الله تعالى، وانتهيتُ من تحقيقه في العام (٢٠١٠ م)، وخلال الأعوام العشرة (٢٠٠٠ - ٢٠١٠ م) وردتْ إليَّ النسخ الأخرى للكتاب في فترات متباعدة من ألمانية وتركية ودمشق، فقمتُ بمقابلتها.
وأقدمتُ على تحقيق نصِّه ولمَّا يُطبع أصله "نهاية المطلب" لإمام
1 / 8