وقد روي عن ابن عباس، أنه قال: إنما سُمي إنسانا: لأنه عُهد إليه فنَسىَ (١) .
وذهب إلى هذا قوم من أهل اللغة. واحتجوا في ذلك بتصغير إنسان وذلك: أن العرب تُصغره "أْنَيْسيان": بزيادة ياء؛ كأن مكبَّره "إنْسِيانٌ" -إفْعِلانٌ- من النِّسيان؛ ثم تُحذف الياء من مكبَّره استخفافا: لكثرة ما يجرى على اللسان؛ فإذا صُغر رجعت الياء وردّ إلى أصله؛ لأنه لا يكثر مصغَّرا كما يكثر مكبَّرا.
والبصريون يجعلونه "فِعْلانًا" على التفسير الأول. وقالوا: زيدت الياء في تصغيره، كما زيدت في تصغير ليلة، فقالوا: لُيَيْلة. وفي تصغير رجل، فقالوا: رُوَيْجل.
* * *
٣- وهما ﴿الثقلان﴾؛ يعني: الجن والإنس. سميا بذلك (٢) لأنهما ثِقْل الأرض، إذ كانت تحملهم أحياء وأمواتا. ومنه قول الله: ﴿وَأَخْرَجَتِ الأرْضُ أَثْقَالَهَا﴾ (٣) أي: موتاها. وقالت الخنساء ترثي أخاها:
أبَعْدَ ابنِ عَمْرٍو من آل الشَّرِيـ ... دِ حَلَّتْ به الأرضُ أَثْقَالَهَا (٤)
_________
(١) في اللسان ٧/ ٣٠٧.
(٢) في اللسان ١٣/ ٩٢ - ٩٣ "وسمى الله تعالى الجن والإنس: الثقلين، سميا ثقلين لتفضيل الله إياها على سائر الحيوان المخلوق في الأرض بالتمييز والعقل الذي خصا به. قال ابن الأنباري: قيل للجن والإنس: الثقلان، لأنهما كالثقل للأرض وعليها".
(٣) سورة الزلزلة ٢.
(٤) ديوان الخنساء ٢٠١، والكامل ٣/ ١٢١٦-١٢١٧، والأغاني ١٣/ ١٤٢-١٤٣ واللسان ٤/ ٢٢٤، وفي ١٣/ ٩٠ عن الفراء "وقول الخنساء.. إنما أراد حلت به الأرض موتاها، أي زينتهم بهذا الرجل الشريف الذي لا مثل له، من الحلية، وكانت العرب تقول: الفارس الجواد ثقل على الأرض، فإذا قتل أو مات سقط عنها ثقلها -وأنشد بيت الخنساء- أي لما كان شجاعا سقط بموته عنها ثقل".
1 / 22