وإنَّما النبيثة كلمة صحيحة مؤتلفةٌ من ن ب ث، وتستبيث. كلمة معتلة، مؤتلفة من ب وث، أوب ي ث
إلى غير ذلك من قوانين التصريف التي جفَّت أذهانهم عن رقِّتها، وغلُظَتْ أفهامهم عن لطفها ودقَّتها.
وفي كتابه (المحكم) ١ يقول: وأيُّ شيءٍ أدلُّ على ضعفِ المُنَّة، وسخافة الجُنَّة من قول أبي عبيد قاسم بن سلاَّم في كتابه الموسوم بـ" المصنف": العِفْرِية مثال فعْلِلة، فجعل الياء أصلًا، والياء لا تكون أصلًا في بنات الأربعة. ويقول أيضًا٢: ومن قضاياه التي نصَّها في هذا الكتاب في " باب عيوب الشعر وطوائف قوافيه" فإنَّه ما كاد يوفَّقُ في قضيته ولا يسدَّد فيها إلى طريقة سويِّة، وقد أبنتُ ذلك عليه في كتابي الموسوم بـ (الوافي في علم القوافي) .
ويقول أيضًا مادحًا كتابه (المحكم) ٣: ومن طريف ما اشتمل عليه هذا الكتاب: الفرق بين التخفيف البدلي، والتخفيف القياسي، وهما نوعا تحقيق الهمز.
ثمٌ قال: وهذا الذي أبنتُ لك في: أخطيت ونحوه، بابٌ لطيف قد نبا عنه طبع أبي عبيد وابنُ السكِّيت وغيرهما من متأخري اللُّغويين.
فابن سيده انتقد على أبي عبيد حروفًا من الغريب المصنف، ولكنَّه تحامل عليه كما تقدَّم من كلامه، ويظهر من كلامه الاعتداد بمصنفاته، فجاء مَنْ بعده من العلماء مَنْ غضَّ منه ومن مصنفاته، فقد قال السهيلي: وما زالت ابنُ سيده يعثر في هذا الكتاب- أي: المحكم- وغيره، عثراتٍ يدمَى منها الأظلُّ٤ ويدحضُ دَحَضاتٍ تُخرجه إلى سبيل مَنْ ضلَّ، ألا تراه قال في
_________
١ المحكم ١/٤.
٢ المحكم ١/٤.
٣ المحكم ١/٩-١٠.
٤ الأظلُّ: بطن الأصابع. وفي المثل: إِنْ يدمَ أظلًُّكَ فقد نَقِب خُفّي.
1 / 273