الغريب المُصنّف
تأليف أبي عُبيدٍ القاسم بن سلاَّم
المتوفى سنة ٢٢٤ هـ
تحقيق صفوان عدنان داوودي
القسم الأوّل
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة المحقق
الحمدُ للِّهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسَّلامُ على خاتم المرسلين، وأفصحِ الناطقين، سيِّدنا محمدٍ، وعلى آلهِ وصحبه أجمعين،
وبعدُ
فإنَّ علمَ اللُّغة العربية من أشرفِ العلوم، ومعرفتهُ من خير الأمور، وذلك لأنَّ الله اختار العرب على العالمين، وفضَّل لغتهم على سائر اللغات، فأرسل أفضلَ أنبيائه بأفصحِ لغةٍ في أفصحِ قومٍ، وأنزلَ كتابه العزيز بتلك اللغة، فقال عزَّ مِنْ قائلٍ: ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ الشعراء: ١٩٥. وقال أيضًا: ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ الزخرف: ٣.
وجعل كتابه قانونًا لهم، وأمرهم بالعملِ بما فيه، والاهتداء بهديه، ولا سبيلَ إلى فهم هذا الكتابِ العظيم، ولا إلى معرفَة كلامِ خاتم المرسلين، إلاَّ بمعرفة اللُّغة العربية ودراستها، لذا كان تعلُّمهَا من الأمور المطلوبة، والسنن المحبوبة، وقد استنبط بعضُ العلماء من قوله تعالى: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ البقرة: ٢٣.
1 / 245
أنَ تعلُّمَ اللغات أفضل من التفرُّغ والتخلي للعبادة، إذ لما علَّم الله آدمَ أسماء المسميات كلَّها أمر الملائكة الذين يعبدونه في كلِّ طرفةِ عينٍ أن يسجدوا لأدم لهذه المزية.
ورحم الله القائل:
علمُ اللغاتِ علينا ... فرضٌ كفرضِ الصلاةِ
فليس يحفظ دينٌ ... إلا بحفظ اللُّغاتِ
لذا قام علماء هذه الأمَّة بالتشمير عن ساعد الجد، فبدؤوا بالتصنيف في سائر الفنون والعلوم، ومِنْ جملتها علمُ اللُّغة، فألَّفوا المُؤلَّفات الكثيرة ما بين صغيرٍ وكبير، حتى حفظوا لنا اللُّغة وأوصلوها إلينا، إذ لو التأليف لضاعت أكثر العلوم، لعجزِ كثيرٍ من النَّاس عن الحفظ.
وكان من ضمن كتب اللًّغة كتابُ "الغريب المصنَّف، للإمام المُتفَقِ على جلالته أبي عبيدٍ القاسم بن سلاَّم، صنَّفه في أربعين سنةً ورَتّبه على الموضوعات، فكان كتابُه هذا من طليعةِ المعاجم العربية المؤلفة في هذا النوع والكتابُ لَمْ يرَ النور إلى هذا اليوم، فأعاننا الله على تحقيقه ونشره، ونسأله تعالى القبول،
ونبدأ أولًا بترجمة المؤلف.
ثمَّ بدراسةٍ وافيةٍ عن كتابه
ثمَّ بإخراج نصِّ الكتاب.
وما توفيقنا إلا بالله، عليه توكَّلنا، وعليه اعتمادنا.
المحقق
المدينة المنورة ١٤١٠ هـ
1 / 246
ترجمة المؤلف ودراسة عنه
اسمه ونسبه
هو القاسم بن سلاّم ١، كان أبوه سلاَّم عبدا ً روميًا لرجلٍ من أهل هراة، وهي مدينةٌ من مدن خراسان.
وكان أبوه يحبُّ العلم، فيحكي أنَّه خرج يومًا، وأبو عبيدٍ مع ابنِ مولاه في الكُتَّاب، فقال للمعلِّم: علِّمي القاسم فإنَّها كَيِّسه.
فخاطب أبوه المعلمَ بضمير المؤنث، وهو لحنٌ لكونه روميًا.
ولد أبو عبيدٍ بهراة سنة ١٥٠ هـ وقيل: سنة ١٥٤ هـ، وكان أبوه يتولَّى الأزد، وكان أبو عبيد ينزل في بغداد بدرب الريحان.
شيوخه
روى أبو عبيدٍ عن عددٍ كبير من أهل العلم واللغة، حتى صار إمامَ عصره، وسيِّدَ دهره، ونبغ في عدّة علومٍ، فقرأ على:
١ - إسماعيل بن جعفر. انظر طبقات الشافعية ٢/ ١٥٤، وطبقات الحنابلة ١/ ٢٥٩.
_________
١ انظر ترجمته في تاريخ بغداد ١٢/ ٤٠٣، إنباه الرواة ٣/ ١٢، بغية الوعاة ٢/ ٢٥٣، معجم الأدباء ١٦/ ٢٣٨ تاريخ الأدب العربي ٢/ ١٥٥، طبقات الحنابلة ١/ ٢٥٩، طبقات المفسرين ٢/ ٣٧، شذرات الذهب ٢/ ٥٤، طبقات الشّافعية الكبرى ٢٠/ ١٥٣، وسير النبلاء ١٠/ ٤٩٠، وتذكرة الحفاظ ١/ ٤١٧.
1 / 249
٢- شريك بن عبد الله، وهو أكبر شيوخه. انظر طبقات الشافعية الكبرى٢/ ١٥٤، وطبقات الحنابلة ١/ ٢٥٩.
٣- إسماعيل بن عياش. انظر تاريخ بغداد ١٢/ ٢٠٣.
٤- هُشيم بن بشير. انظر تاريخ بغداد ١٢/ ٤٠٣.
٥- جرير بن عبد الحميد. انظر تاريخ بغداد ١٢/ ٤٠٣.
٦- سفيان بن عيينة. انظر تاريخ بغداد ١٢/٤٠٣. وطبقات الشافعية الكبرى ٢/ ١٥٤.
٧- إسماعيل بن علية. انظر تاريخ بغداد ١٢/ ٤٠٣.
٨- يزيد بن هارون. انظر تاريخ بغداد ١٢/ ٤٠٣.
٩- يحيى بن سعيد القطان. انظر تاريخ بغداد ١٢/ ٤٠٣.
١٠- حجَّاج بن محمد أخذ عنه القراءة. انظر تاريخ بغداد ١٢/٤٠٣.
١١- أبي معاوية الضرير. انظر تاريخ بغداد ١٢/ ٤٠٣.
١٢- صفوان بن عيسى. انظر تاريخ بغداد ١٢/ ٤٠٣.
١٣- عبد الرحمن بن مهدي. انظر تاريخ بغداد ١٢/ ٤٠٣.
١٤- حماد بن مسعدة. انظر تاريخ بغداد ١٢/ ٤٠٣.
١٥- مروان بن معاوية. انظر تاريخ بغداد ١٢/ ٤٠٣.
١٦- أبي بكر ابن عياش. انظر تاريخ بغداد ١٢/٤٠٣، وطبقات الشافعية الكبرى ٢/١٥٤.
١٧- عمر بن يونس. انظر تاريخ بغداد ١٢/ ٤٠٣.
١٨- إسحاق الأزرق. انظر تاريخ بغداد ١٢/ ٤٠٣.
١٩- أبي زيد الأنصاري. انظر إنباه الرواة ٣/١٣، وتاريخ بغداد ١٢/٤٠٤.
وقد صرَّح أبو عبيد بالسماع منه في عدة مواضع من كتابه الغريب المصنف.
٢٠- أبي عبيدة. انظر إنباه الرواة ٣ / ١٣، والفهرست ص ١٠٦.
1 / 250
٢١- الأصمعيّ. انظر الفهرست ص١٠٦، وتاريخ بغداد ١٢/٤٠٤، وإنباه الرواة ٣/ ١٣.
٢٢- اليزيدي. انظر الفهرست ص ١٠٦، وإنباه الرواة ٣/ ١٣، وطبقات الحنابلة ٣/٢٦٠.
٢٣- ابن الأعرابيّ. الفهرست ص ١٠٦، وطبقات الحنابلة ٣/٢٦٠، وتاريخ بغداد ١٢/ ٤٠٤.
٢٤- أبي زياد الكلابي أخذ عنه اللغة، وهو من الأعراب، قدم بغداد أيام المهدي. انظر الفهرست ص ٦٧.
٢٥- الأموي. انظر طبقات الحنابلة ١/ ٢٦١، وإنباه الرواة ٣/ ١٣.
٢٦- أبي عمرو الشيباني. انظر تاريخ بغداد ١٢/٤٤٠، وطبقات الحنابلة ١/ ٢٦١.
٢٧- الكسائي. انظر طبقات الشافعية الكبرى ٢/ ١٥٣، وإنباه الرواة ٣/١٣.
٢٨- الأحمر. انظر تاريخ بغداد ١٢/ ٤٠٤، وإنباه الرواة ٣/ ١٣.
٢٩- الفرّاء. انظر تاريخ بغداد ١٢/٤٠٤.
٣٠- اللحياني غلام الكسائي، اسمه علي بن المبارك. أنظر الفهرست ص ٧٢.
٣١- شجاع بن أبي نصر، قرأ عليه القرآن. طبقات الشافعية الكبرى ٢/١٥٣.
٣٢- عبد الله بن المبارك. انظر طبقات الشافعية ٢/ ١٥٣.
٣٣- الشافعي، وله معه مناظرة في القرء. طبقات الشافعية الكبرى ٢/١٥٤.
٣٤- إسماعيل بن جعفر. أخذ عنه القراءة. سير أعلام النبلاء ١٠/٥٠٦.
٣٥- أبي مسهر، أخذ عنه القراءة. سير النبلاء١٠/ ٥٠٦.
٣٦- النضر بن شميل. انظر نزهة الألباء ص٧٣.
1 / 251
تلامذته
روى عن أبي عبيدٍ، وأخذَ عنه العلم كثيرٌ من الناس، والرُّواة عنه مشهورون ثقاتٌ، ذوو ذكرٍ ونبلٍ، وعادَتْ بركةُ أبي عبيدٍ ﵀ على أصحابه، فكلُّهم نبغَ في العلم واشتُهر به، وأخذ عنه وتصدَّر للإفادة، فمنهم:
١- أبو عبد الرحمن أحمد بن سهل التميمي.
٢- وأحمد بن عاصم البغدادي.
٣- ثابت بن أبي ثابت، ورَّاق أبي عبيد، له كتاب "الفرق "، مطبوع.
٤- أبو منصور نصر بن داود الصاغاني. تاريخ بغداد ١٣/٢٩٢.
٥- محمد بن وهب أبو جعفر المسعري١.
٦- محمد بن سعيد الهروي.
٧- محمد بن المغيرة البغدادي.
٨- عبد الخالق بن منصور النيسابوري.
٩- أحمد بن يوسف التغلبي. تاريخ بغداد ٥/٢١٩.
١٠ - أحمد بن القاسم. تاريخ بغداد ٤/٣٤٩.
١١- إبراهيم بن عبد العزيز البغي.
١٢- أخوه علي بن عبد العزيز، راوي كتب أبي عبيد.
١٣- محمد بن إسحاق الصاغاني.
١٤- الحسن بن مكرم.
١٥- أبو بكر ابن أبي الدنيا.
١٦- الحارث بن أبي أسامة.
١٧- محمد بن يحيى المروزي.
١٨- أبو الحسن الطوسي راوي كتاب الغريب المصنَّف.
١٩- علي بن المديني، قرأ عليه غريب الحديث. انظر تاريخ بغداد ١٢ /٤٠٧.
٢٠- أحمد بن حنبل، قرأ عليه غريب الحديث.
_________
١ الغريب المصنف النسخة التونسية ورقة ٦١٢.
1 / 252
٢١- يحيى بن معين، قرأ عليه غريب الحديث.
٢٢- عباس العنبري. انظر تاريخ بغداد ١٢/ ٤٠٧.
٢٣- إبراهيم بن إسحاق الحربي، غريب الحديث للحربي ١/ ٣٧.
٢٤- المأمون الخليفة العباسي، قرأ عليه غريب الحديث. انظر تاريخ بغداد ١٢/٤٠٨
٢٥- بندار بن عبد الحميد، المعروف بابن لرَّة.
٢٦- المسعري، علي بن محمد بن وهب.
٢٧- القاسم بن الإصبع. انظر الفهرست ص ٧١.
٢٨- الإِمام البخاري، محمد بن إسماعيل، طبقات المفسرين ٢/ ٣٨ وسير النبلاء١٠/ ٥٠٧. نقل عنه في التاريخ الكبير، وفي "أفعال العباد".
٢٩- الحافظ أبو داود صاحب السنن، طبقات المفسرين ٢/ ٣٨، نقل عنه في تفسير أسنان الإِبل في الزكاة.
٣٠- الإِمام الترمذي، طبقات المفسرين ٢/ ٣٨.
٣١- أحمد بن إبراهيم، ورَّاق أبي عبيد أيضًا، روى عنه القراءات. سيرالنبلاء١٠/ ٥٠٧.
٣٢- ثابت بن عمرو بن حبيب، صحب أبا عبيد، وروى عنه كتبه كلها. إنباه الرواة ١/ ٢٩٨.
٣٣- عبد الله بن مخلد. راوية أبي عبيد. الوافي ١٧/٦٠٠.
٣٤- موسى بن خاقان، سمع الغريب المصنف من أبي عبيد، وسمعه معه:
٣٥- جيش بن مبشر ١، والقرشي، ومسلم، والطوسي، وأبو جعفر المسعري وأبو أيوب البصري، كما ورد في الورقة الأخيرة من مخطوطة تونس.
_________
١ ترجمته في تاريخ بغداد ٨/ ٢٧٢.
1 / 253
وصفه وكلام الأئمة فيه
كان أبو عبيدٍ من الرَّاسخين في العلم، العاملين بما يعلمون، ذا زُهدٍ وورع، وتقوى للَّهِ ﷿، وقد أثنى عليه العلماء كثيرًا، فقد قال إسحاق بن راهويه شيخُ الحديث: الحق يحبُّه الله ﷿، أبو عبيدٍ القاسمُ بن سلاَّم أفقهُ مني وأعلمُ مني١.
وقال الهلال بنِ العلاء الرّقي: مَنَّ اللهُ علي هذه الأمَّةِ بأربعةٍ في زمانهم: بالشافعيِّ تفقهَ بحديثِ رسولِ اللُّه ﷺ، وبأحمدَ بن حنبل، ثبتَ في المحنة، لولا ذلك كفر النَّاس، وبيحيى بنِ معين، نفى الكذبَ عن حديثِ رسول الله ﷺ، وبأبي عبيدٍ القاسمِ بن سلاَّم، فسَّرَ الغريب من حديث رسول الله ﷺ، لولا ذلك لاقتحم النَاسُ في الخطأ٢.
وقال ثعلبٌ النحوي: لو كان أبو عبيدٍ في بني إسرائيل لكان عجبًا ٣.
وقال أحمد بن كامل القاضي: كان أبو عبيدٍ القاسم بن سلاَّم فاضلًا في دينه وفي علمه، ربانيًَّا مُتَفنِّنًا في أصناف علوم الإسلام، من القرآن والفقه، والعربية والأخبار، حسنَ الرِّواية، صحيحَ النَّقل، لا أعلمُ أحدًا من النَّاس طعن عليه في شيء من أمرهِ ودينه ٤.
_________
١ تاريخ بغداد ١٢/٤١١، وإنباه الرواة ٣/ ١٩.
٢ تاريخ بغداد ١٢/ ٤١٠، وإنباه الرواة ٣/ ١٩.
٣ انظر إنباه الرواة ٣/ ١٩.
٤ انظر إنباه الرواة ٣/ ١٩، وتاريخ بغداد ١٢/ ٤١١.
1 / 254
وقال عبد الله بن طاهر: كانَ للنَاسِ أربعة: ابنُ عبَّاس في زمانه، والشَعبي في زمانه، والقاسمُ بن مَعنٍ في زمانه، وأبو عبيدٍ القاسمُ بن سلاَّم في زمانه١.
وقال إبراهيم الحربيُّ: أدركتُ ثلاثةً لن يُري مثلهم أبدًا، تعجزُ النّساء أنْ يلدْنَ مثلهم، رأيتُ أبا عبيدٍ القاسمَ بنَ سلاَّم، ما مثَّلْتُه إلا بجبل نفِخَ فيه روحِ، ورأيتُ بشرَ بنَ الحارث فما شبهْتُه إلا برجلٍ عُجِنَ من قَرْنِه إلى قدمِه عقلا، ورأيتُ أحمد بن حنبل فرأيتُ كأنَ اللَّهَ جمعَ له علم الأوَّلين من كلِّ صنفٍ، يقول ما شاء ويمسك ما شاء٢.
وقال إسحاقُ بن إبراهيم الحنظليُّ: أبو عبيدٍ أوسعُنا علمًا، وأكثرنا أدبًا، وأجمعُنا جمعًا، إنَا نحتاج إلى أبي عبيدٍ، وأبو عبيدٍ لا يحتاج إلينا٣.
وقال الجاحظ: ومن المُعلِّمين ثمَّ الفقهاء والمحدثين، ومن النحويين والعلماء بالكتاب والسُنَّة، والنَّاسخ والمنسوخ، وبغريبِ الحديث، وإعراب القرآن، وممَن جمع صنوفًا من العلم، أبو عبيدٍ القاسمُ بن سلاَّم، وكانَ مؤدبًا لم يكتب النَاسُ أصحَّ من كتبه، ولا أكثر فائدة٤.
وسئل أبو قدامة عن الشافعيِّ وأحمد بن حنبل وإسحاق وأبي عبيد، فقال: أما أفهمُهم فالشافعي، إلا أنَّه قليلُ الحديث، وأمَا أورعهم فأحمد بن حنبل، وأمَّا أحفظهم فإسحاق- هو ابن راهويه-، وأمَّا أعلمُهم بلغاتِ العربِ فأبو عبيدٍ٥.
فهذه الشهادات من هؤلاء العلماء وغيرهم دليلٌ واضحٌ على مكانة أبي عبيدٍ العالية، ومرتبته المنيفة، إذ النَاسُ شهداءُ الله في الأرض، فإذا أثنوا على
_________
١ انظر تاريخ بغداد ١٢/٤١٢.
٢ تاريخ بغداد ١٢/٤١٢.
٣ إنباه الرواة ٣/ ١٩.
٤ طبقات النحويين للزبيدي ص ١٩٩.
٥ إنباه الرواة ٣/١٨.
1 / 255
رجلٍ خيرًا قُبلت شهادتهم عند الله، ودلَّت على صدق المشهود له، وحسن حالته.
وقد كان أبو عبيد ﵀ يقسمُ اللَّيلَ أثلاثًا، فيصلَّي ثُلثه، وينامُ ثلثه، ويصنع الكتب ثلثه١
فهذا دليلٌ على حرصه واهتمامه بالوقت، إذ الوقتُ رأسُ مالِ المرء، فإذا أحسنَ استغلاله فقد فازَ وربح، وإلا خابَ وخسر، وكانت عادةُ أسلافِنا المحافظةَ على الوقتِ، وقضاءَ أكثرِه فيما فيه فائدةٌ وخيرٌ، حتى قدَّموا لنا تُراثًا علميًا كبيرًا، يعجبُ المرءُ كثيرًا كيفَ ألَّفوه وصنَّفوه وما ذلك إلا من تقواهم، وحرصهم على الساعات واللحظات، حتى وضع اللَّهُ البركةَ في أعمارهم وأعمالهم، فأنتجوا إنتاجًا كبيرًا في مُدَدٍ يسيرة.
وكان أبو عبيدٍ في أوَّل أمره يؤدِّب غلامًا في شارع بشر وبشير٢، ثم صار مؤدِّبًا لأولاد هرثمة بن أعين، أحد ولاة الخليفة العباسي هارون الرشيد كان واليًا على خراسان، ثم ولاَّه الرشيد على بلاد أفريقيا سنة ١٧٧ هـ ٣.
فعند ذلك اتَّصلَ بثابتِ بن نصر بن مالك الخز اعي، فصار يؤدّب أولاده، ثُمَّ وُلِّي ثابتٌ طرسوس ثماني عشرة سنةً، فولَّى أبا عبيد القضاءَ بطرسوس ثماني عشرة سنةً، فاشتغل عن كتابة الحديث.
ثمَّ صار إلى ناحية عبد الله بن طاهر، واتصاله بالطاهريين كان لمّا نزل طاهر بن الحسين إلى مرو سنة ١٩٥ هـ طلب رجلًا ليحدِّثه ليلةً، فقيل له: ما هاهنا إلا رجلٌ مؤدِّبٌ، فأُدخل عليه أبو عبيد القاسم بن سلاَّم، فوجده أعلم الناس بأيام النَّاس، والنحو، واللغة، والفقه، فقال له: من المظالم تركك أنت بهذا البلد، فدفع إليه ألف دينار، وقال له: أنا متوجِّهٌ إلى خراسان إلى حربٍ، وليس أحدث أنّ أستصحبك شفقًا عليك، فأنفق هذا إلى أن أعود إليك، فًبدأ
_________
١ تاريخ بغداد ١٢/٤٠٧.
٢ تاريخ بغداد ١٢/٤١٣.
٣ الكامل في التاريخ ٦/١٣٧.
1 / 256
أبو عبيد بتأليف الغريب المصنف١ إلى أن عاد طاهر بن الحسين من خراسان، فحمله معه إلى سُرَّ مَنْ رأى، فمن ذلك اليوم قويت صلتُه مع الطاهريين، وكانَ طاهر بن عبد الله يودُّ أنْ يأتيه أبو عبيدٍ ليسمع منه كتابَ "غريب الحديث" في منزله، فلم يفعلْ ذلك إجلالًا لحديث رسول الله ﷺ، فكان هو يأتيه.
وقد كان مرَّةً مع عبد الله بن طاهر، فوجَّه إليه أبو دُلَف العجلي يستهديه أبا عبيدٍ لمدَّة شهرين، فأنفذ أبا عبيدٍ إليه، فأقام شهرين، فلمَّا أراد الانصراف وصله أبو دُلَف بثلاثين ألف درهم، فلم يقبلها، وقال: أنا في جنبةِ رجلٍ ما يحوجني إلى صلة غيره، ولا آخذ ما فيه عليَّ نقصٌ، فلما عاد إلى ابن طاهر وصله بثلاثين ألف دينار، بدلَ ما وصله أبو دُلَف فقال له: أيها الأمير، قد قَبِلْتُها، ولكن قد أغنيتني بمعروفك وبرِّك، وكفايتك عنها، وقد رأيتُ أن أشتريَ بها سلاحًا وخيلًا، وأتوجَّه بها إلى الثغرة ليكونَ الثوابُ متوفِّرًا على الأمير، ففعل٢.
فهذا دليلٌ واضح على إكرام الطاهريين له، وعلى عفَّة أبي عبيد ونزاهته، ﵀.
ثم صارت صلتُه بعدها قويةً مع عبد الله بن طاهر، ولمَّا صنَّف أبو عبيد كتاب غريب الحديث عرضه على عبد الله بن طاهر، فاستحسنه وقال: إنَّ عقلًا بعثَ صاحبه على عملِ مثلِ هذا الكتاب لحقيقٌ أن لا يُحوجَ إلى طلب المعاش، فأجرى له عشرة آلاف درهم في كل شهر. فكان هذا ممَّا ساعده على التفرُّغ لطلب العلم والازدياد منه، وكفاه مؤنة معاشه ودنياه.
وفي سنة ٢١٣ هـ توجَّه أبو عبيد إلى مصر مع يحيى بن معين، فسمع علماءها وكتب بها، ثم رحل إلى دمشق طلبًا للعلم.
وبعدها عاد إلى بغداد، ثم قصد مكة سنة ٢١٩ هـ، وأقام بها حتى مات
_________
١ انظر تاريخ بغداد ٢ ١/ ٤٠٦. فعلى هذه الرواية يكون تأليف الغريب استغرق ٢٩ عامًا.
٢ انظر تاريخ بغداد ١٢/٤٠٦.
1 / 257
وفاته
خرج أبو عبيد إلى مكة سنة تسع عشرة ومائتين، وحجَّ، ولم يزلْ بها إلي أن توفي سنة ٢٢٤ هـ. في يوم الأربعاء ١٢ المحرم، كما في التونسية.
وقد ذُكر أنَّ أبا عبيدٍ قدم مكَة حاجًا، فلما قضي حجَّه وأراد الانصراف اكترى إلى العراق، ليخرج صبيحة الغد. قال أبو عبيد. فرأيتُ النبيَّ ﷺ في رؤياي وهو جالسٌ، وعلى رأسه قومٌ يحجبونه، والنَّاس يدخلون ويسلِّمون عليه، ويصافحونه قال: فكلَّما دنوت لأدخلَ مع النَّاس مُنِعت، فقلتُ لهم: لمَ لا تُخلّون بيني وبين رسول الله ﷺ؟ فقالوا لي: لا واللِّه، لا تدخل عليه ولا تُسلِّمُ عليه وأنت خارجٌ غدًا إلى العراق، فقلتُ لهم: إني لا أخرج إذًا، فأخذوا عهدي، ثمَّ خلَّوا بيني وبين رسول الله ﷺ، فدخلتُ وسلَّمتُ عليه، وصافحني، وأصبحتُ ففسخت الكراء وسكنت مكة.
وقال أبو سعيد الضرير: كنتُ عند عبد الله بن طاهر، فورد عليه نعيُ أبي عبيد، فقال لي: يا أبا سعيدٍ، مات أبو عبيد، ثمَّ أنشأ يقول:
يا طالب العلمِ قد ماتَ ابن سلاَّم ... وكانَ فارسَ علمٍ غيرَ مِحْجامِ
ماتَ الذي كانَ فيكم ربعَ أربعةٍ ... لم يُؤتَ مثلُهم إستارَ أحكامِ١
حَبْرُ البريَّةِ عبدُ اللَّه أوَّلهم ... وعامرُ، ولَنِعْمَ الثَّاوِ يا عامي
هما اللذان أنافا فوقَ غيرهما ... والقاسمان ابن معنٍ وابن سلام
فازا بقدحٍ متينٍ لا كفاء له ... وخلَّفاكم صفوفًا فوق أقدام٢
يريد: عبد الله بن عباس، وعامر الشعبي، والقاسم بن معن، وأبا عبيد.
وفارق أبو عبيد هذه الدنيا الفانية بعد حياةٍ مليئةٍ بالعلم والعبادة والتعليم، لينتقل إلى دار الآخرة، ليلقى جزاء عمله ونتيجة اجتهاده، في حياةٍ هنيئةٍ دائمةٍ، أفاضَ عليه ربُّنا وابلَ رحمته، وفيضَ مغفرته.
وكانت وفاته سنة ٢٢٤ هـ وبلغ أربعًا وسبعين سنة.
_________
١ إستار كلمة فارسية تِطلق على الأربعة، وصحفها بعضهم إلى أستاذ.
٢ انظر تاريخ بغداد ١٢/٤١٢، وطبقات النحويين ص ٢٠١.
1 / 258
مُؤلَّفاتُه
صنَف أبو عبيدٍ مُصنفاتٍ متعددة. في علوم شتَّى، وروى النَّاس من كتبه المُصنَفة بضعةً وعشرين كتابًا في القرآن والفقه، والغريب والأمثال، وله كتبٌ لم يروها، وأشهر مؤلفاته:
١- كتاب غريب الحديث، صنَّفهُ للخليفة المأمون العباسي، وقرأه عليه. قال أبو عبيد: مكثتُ في تصنيف هذا الكتاب أربعين سنة، وربَّما كنتُ أستفيد الفائدة من أفواه الرجال، فأضعها في موضعها من الكتاب، فأبيتُ ساهرًا فرحًا مني بتلك الفائدة.
وقد تقدَّم عرضُه الكتاب على عبد الله بن طاهر.
والكلامُ على هذا الكتاب يطول جدًا، فمن مُثنٍ عليه مُبالغٍ في الثناء، ومن مُنتقدٍ له، وليس هذا المحلُ لبسطِ الكلام عليه.
والكتابُ مطبوعٌ في حيدر آباد سنة ١٩٦٤، في أربعة أجزاء، وصوِّر في بيروت في دار الكتاب العربي ويليه في الشهرة كتاب:
٢- الغريب المُصنَّف، وسنعقد له بابًا خاصًا، وألَّفه في أربعين١ سنة مع غريب الحديث. ثم بقية كتبه، وهي:
٣- الأمثال، طبع في جامعة أم القري بمكة المكرمة، بتحقيق د. عبد المجيد قطامش عام ١٩٨٠.
٤- الأموال، نشره حامد الفقي سنة ١٣٥٣هـ، وأُعيد طبعه بتحقيق محمد خليل الهراس في القاهرة سنة ١٣٨٨ في مجلد.
قال أبو الحسين بن المنادي: وكتابه في الأموال من أحسن ما صُنِّف في الفقه وأجوده.
وقال إبراهيم الحربي: أضعفُ كتبه كتاب الأموال، يجيء إلى بابِ فيه ثلاثون حديثًا، وخمسون أصلًا عن النبيَ ﷺ، فيجيءُ يحدِّث بحدَيثين يجمعهما من حديث الشام، ويتكلَّم في ألفاظهما.
_________
١ انظر الصفحة الأخيرة من هذا الكتاب.
1 / 259
وذكر السمعاني في كتابه أدب الإملاء ص ١٤٨ عن أحمد بن مهدي قال: أردتُ أن أكتب كتاب الأموال لأبي عبيد، فخرجتُ لأشتري ماء الذهب، فلقيت أبا عبيد، فقلت: يا أبا عبيد، رحمك الله، أريد أن أكتب كتاب الأموال بماء الذهب. قال: اكتبه بالحبر فإنَّه أبقى.
٥- الإيمان ومعالمه، نشره محمد ناصر الألباني- بدمشق.
٦- ما ورد في القرآن الكريم من لغات العرب، طبع على هامش تفسير الجلالين بمصر سنة ١٩٥٤.
٧- الأجناس من كلام العرب وما اشتبه في اللفظ واختلف في المعنى طبع في بومباي- بتحقيق امتياز علي عرشي الرامفوري، سنة ١٩٣٨، ومنه نسخة خطية في مكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة برقم ٢٤٩٨.
٨- فضائل القرآن- حققه محمد بوطوبوس، في سلا بالمغرب. في جامعة محمد الخامس. انظر نشرة التراث مجلد ٤ عدد ٣٩.
٩- النعم والبهائم والوحش والسباع والطير والهوام وحشرات الأرض. نشره لويس بويجس، لايبزك سنة ١٩٠٨.
١٠- كتاب الناسخ والمنسوخ، ومنه نسخة خطية في مكتبة أحمد الثالث برقم ١٤٣. وطبع بمكتبة الرشد في الرياض، بتحقيق محمد بن صالح المديفر.
١١- كتاب الإيضاح.
منه نسخة مخطوطة في مكتبة فاس أول "القرويين " رقم ١١٨٣.
١٢- كتاب الخُطب والمواعظ.
منه نسخة مخطوطة في ليبزج أول رقم ١٥٨، وطبع في مصر بتحقيق د. رمضان عبد التواب.
١٣- كتاب فعلَ وأفعل.
منه نسخة مخطوطة في القاهرة ثاني ٣/ ٢٨١.
١٤- معاني القرآن.
جمع فيه بين طريقة التفسير بالمأثور، وطريقة الاستشهاد بالأبيات المثِّرية، رجاء فيه بالآثار وأسانيدها، وتفاسير الصحابة والتابعين والفقهاء،
1 / 260
روى النصف منه، ومات قبل أن يسمع منه باقيه. والكتاب مفقود.
وينقل منه كثيرًا أبو جعفر النحاس في كتابه. إعراب القرآن.
١٥- كتاب القراءات. مفقود.
١٦- كتاب غريب القرآن. مفقود.
١٧- كتاب عدد آي القرآن. مفقود.
١٨- كتاب آداب الإسلام. مفقود.
١٩- كتاب أدب القاضي. مفقود. وسماه السمعاني في التحبير ١/١٨٥: كتاب القضاء وآداب الأحكام.
٢٠- كتاب الأحداث. مفقود.
٢١- كتاب استدراك الخطأ. مفقود.
٢٢- كتاب الأضداد. مفقود.
٢٣- كتاب الأمالي. مفقود.
٢٤- أنساب العرب. نقل عنه الزبيدي في تاج العروس، مادة: سرع١. والسّهيلي في الروض ١/٢٩٢.
٢٥- أنساب الخيل. مفقود.
٢٦- الإيمان والنذور. مفقود.
٢٧- الحجر والتفليس. مفقود.
٢٨- الحيض. مفقود.
٢٩- الرحل والمنزل. مفقود.
٣٠- الطهارة. ومنه نسخة خطية في الظاهرية في المجاميع رقم ١١.
٣١- المذكر والمؤنث. مفقود.
_________
١ كذا سماه الزبيدي في التاج ١/ ٦، وسماه الخزاعي في تخريج الدلالات السمعية ص ١١٧ جماهر الأنساب، وسماه ابن حجر في المعجم المفهرس ص ١٦٢ الجمهرة، وللطحاوي كتاب "الرد على أبي عبيد فيما أخطأ فيه من كتاب الأنساب" ا. هـ. نقلًا من كتاب " أبو عبيد " تأليف سائد بكداش- ضمن سلسلة أعلام المسلمين وكتاب أبي عبيد حقق في جامعة دمشق- كلية الآداب، ونالت به مريم الدرّ درجة الماجستير.
1 / 261
٣٢- معاني الشعر. نقل منه السبكي في طبقات الشافعية ٢/ ١٥٨.
٣٣- كتاب الشعراء. إيضاح الكنون ١/ ٣٠٦. مفقود.
٣٤- المقصور والممدود. مفقود.
٣٥- النسب. مفقود.
٣٦- النكاح. مفقود.
٣٧- مقاتل الفرسان. مفقود.
٣٨- كتاب الشواهد.
٣٩- كتاب مقتل الحسين.
ذكرهما السمعاني في التحبير ١/١٨٥، وقال: سمع هذه الكتب أبو علي الحداد من أبي نُعيم الحافظ، عن أبي القاسم الطبراني، عن عليّ بن عبد العزيز عنه. ا. هـ. أي: عن أبي عبيد.
1 / 262
دراسة عن كتاب الغريب المصنف
كتاب الغريب المُصنَّف
هذا الكتابُ من أجلِّ كُتب اللغة، وأحسنِ ما صّنف فيها، ومنزلته في كتب اللغة كمنزلة صحيح البخاريِّ أو مسلم في كتب الحديث، حيث جمع فيه أقوالَ أئمة اللغةِ وفرسانها، ودقق ورجح بينَ الأقوال، وتلقَّاه العلماء بعده بالقبول والرضى.
وقد احتذى فيه أبو عبيد كتابَ شيخه النَّضر بن شميل، واسمه "كتابُ الصفات" وهو كتابٌ كبير يحتوي على عدَّة كتبٍ، في خمسة أجزاء:
الجزء الأوَّل: يحتوي على خلق الإنسان، والجود والكرم، وصفات النساء.
الجزء الثاني: يحتوي علي الأخبية والبيوت، وصفة الجبال والشعاب، والأمتعة.
الجزء الثالث: للإبل فقط.
الجزء الرابع: يحتوي على الغنم، والطير، والشمس والقمر، والليل والنهار، والألبان، والكمأة والآبار، والحياض، والأرشية، والدلاء، وصفة الخمر.
الجزء الخامس: يحتوي على الزرع، والكرم والعنب، وأسماء البقول، والأشجار، والرياح، والسحاب، والأمطار، وكتاب السلاح، وكتاب خلق الفرس.
1 / 265
وللأسف كتاب الصفات١ هذا فُقِد مع ما فُقِد من كتب التراث والنضر ابن شميل توفي سنة ٢٠٤ هـ.
ولم يكن اعتماد أبي عبيد على كتاب النَضر فقط، وإنما اعتمد أيضًا على غيره من الكتب المتقدّمة في هذا الباب، وخاصةً كتب الأصمعيّ.
وكتاب المصنَّف لأبي عبيدة معمر بن المثني، المتوفى سنة٢١٠هـ. وكتاب الخيل ومجاز القرآن له.
وكتاب الصفات، للأصمعي المتوفى سنة ٢١٦ هـ، وهو مخطوط في دار الكتب المصرية.
وكتاب الصفات لأبي زيد الأنصاري المتوفى سنة ٢١٥ هـ.
وكتاب النوادر لأبي زيد أيضًا، وهو مطبوع.
وكتاب (غريب المصنَّف) لأبي عمرو الشيباني، المتوفى سنة ٢٠٦ هـ، وهو مفقود.
وكتاب الجيم لأبي عمرو الشيباني، وهو مطبوع.
وكتاب ما اختلفت ألفاظه للأصمعي. وهو محظوظ في الظاهرية.
كتاب الفرق للأصمعي. وهو مطبوع.
خلق الإنسان للأصمعيّ، وهو مطبوع.
كتاب الأضداد للأصمعيّ. وهو مطبوع.
كتاب النخل للأصمعيّ. وهو مطبوع.
كتاب فعل وأفعل للأصمعيّ. وهو مطبوع.
كتاب الإبل للأصمعيّ. وهو مطبوع.
كتاب الخيل للأصمعي. وهو مطبوع.
كتاب الشاء للأصمعيّ. وهو مطبوع.
كتاب النبات للأصمعي. وهو مطبوع.
كتاب العين للخليل. وهو مطبوع.
_________
١ وكان ابن سينا يحفظ هذا الكتاب. انظر آثار البلاد ص ٢٩٩.
1 / 266
جمهرة النسب للكلبي. وقد طبع حديثًا.
ما اتفق لفظه لليزيدي. وقد طبع حديثًا.
نسب معد واليمن للكلبي. وقد طبع حديثًا.
الهمز لأبي زيد. مطبوع.
البئر لابن الأعرابي. مطبوع.
خيل العرب لابن الأعرابي. مطبوع.
جمرة النسب لابن الكلبي. مطبوع.
المقصور والمحدود للفرَّاء. مطبوع.
ما تلحن فيه العامة للكسائي. مطبوع.
الأيام والليالي للفراء. مطبوع.
وقد أوضحنا ذلك في تعليقاتنا على الكتاب.
بالإِضافة إلى كتب أخرى غيرها، مع الفوائد التي جمعها أبو عبيد من كلام العلماء، والأعراب، وغيرهم، فهذب كُتب مَنْ سبقه، وزاد فيها فوائد، وأوضح مجملها، واستشهد لما لم يستشهد له مَنْ قبله من الأشعار حتى غدا كتابه من أمهات الكتب المؤلَّفة في هذا الموضوع.
وكتاب (الغريب المصنَّف) يحتوي على حوالي ألف بابٍ، موزَّعة في ثلاثين كتابًا:
الكتاب الأول: خلق الإنسان الكتاب الثاني: كتاب النساء
= الثالث: كتاب اللباس = الرابع: كتاب الأطعمة
= الخامس: كتاب الأمراض = السادس: كتاب الخمر
= السابع: كتاب الدور والأرضين = الثامن: كتاب الخيل
= التاسع: كتاب السلاح = العاشر: كتاب الطير والهوام
= الحادي عشر: كتاب الأواني والقدور = الثاني عشر: كتاب الجبال
= الثالث عشر: كتاب الشجر والنّبات = الرابع عشر: كتاب المياه وأنواعها والقني
= الخامس عشر: كتاب النخل = السادس عشر: كتاب السحاب والأمطار
= السابع عشر: كتاب الأزمنة والرياح = الثامن عشر: كتاب أمثلة الأسماء
1 / 267
= التاسع عشر: كتاب الأفعال = العشرون: كتاب الأضداد
= الحادي والعشرون: كتاب مكارم الأخلاق = الثاني والعشرون: كتاب السباع
= الثالث والعشرون: كتاب الإبل ونعوتها = الرابع والعشرون: كتاب الغنم ونعوتها
= الخامس والعشرون: الأسماء المختلفة لشيء واحد = السادس والعشرون: كتاب الوحش
= السابع والعشرون: كتاب الأجناس = الثامن والعشرون: كتاب أبواب اللبن
= التاسع والعشرون: نوادر الأسماء = الثلاثون: نوادر الأفعال
ويختلف أحيانًا ترتيب هذه الأبواب حسب النسخ المخطوطة.
ويحتوي الكتاب على ١٣١٥ بيتًا شعريًا، وأكثرها منسوبٌ لقائليه.
وعلى ٥٦ حديثًا، وعدد كبير من الأمثال.
وعدد ما تضمنه الكتاب من الألفاظ ١٧٩٧٠ حرفًا.
وذكر الزبيدي في طبقاته ص ٢٠١ قال: قال لنا عليُّ: قال أبو عبد الرحمن اللحية صاحب أبي عبيد وقد جاوز دار رجلٍ من أهل الحديث كان يكتبُ عنه النَّاس، وكان يُزَنُّ١ بشرٍّ: إنَّ صاحب هذه الدار يقول: أخطأ أبو عبيد في مائتي حرفٍ من المصنَّف. قال عليُّ: فَحَلُمَ أبو عبيدٍ، ولم يقع في الرجل بشيءٍ ممَّا كان يعرف من عيوبه، وقال: في المصنَف مائةُ ألفِ حرفٍ، فإن أُخطئ في كلِّ ألفٍ حرفين فما هذا بكثيرٍ ممّا أدرك علينا، ولعلَّ صاحبنا هذا لو بدا لنا فناظرناه في هذه المائتين بزعمه لوجدنا له مخرجًا.
وعن عبَّاس الخياط قال: كنت مع أبي عبيدٍ، فجاز بدار إسحاق بن إبراهيم الموصلي، فقال: ما أكثَر علمه بالحديث والفقه والشعر مع عنايته بالعلوم!
فقلت: إنَّه يذكرك بضدّ هذا. قال: وما ذاك؟ قلتُ: ذكر أنَك صحّفت في المصنَّف نيِّفًا وعشرين حرفًا، فقال: ما هذا بكثيرٍ. في الكتاب عشرة آلاف حرفٍ مسموعة، فغلطٌ فيها بهذا ليسيرٌ، لعلّي لو نوظرت عنها لاحتججت فيها ولم يذكر إسحاق إلا بخير.
_________
١ أي: يُتهم.
1 / 268