نستدل على كون الشعاع مستفادا من الشمس بدورانه معها وجودا وعدما وشروقا وأفولا ، ولو كانت الشمس ثابتة في كبد السماء لما حصل اطمئنان بكون الشعاع مستفادا منها ، ولما كان ذاته تعالى باقيا على حاله وكذا الممكنات التابعة له ، فربما يخطر ببال الضعفاء أن هذه الأشياء موجودة بذواتها فلا سبب لاحتجاب نوره إلا كمال ظهوره ، فالحق محتجب والخلق محجوب.
وقيل : من أله الفصيل إذا ولع بأمه ، لأن العباد مولعون بالتضرع إليه في البليات ( وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه ) [الروم : 33] هذا شأن الناقصين ، وأما الكاملون فهو جليسهم وأنيسهم أبدا. شكا بعض المريدين كثرة الوسواس فقال الشيخ : كنت حدادا عشر سنين وقصارا عشرا وبوابا عشرا. فقيل : وكيف وما رأينا منك؟ قال : القلب كالحديد ألينه بنار الخوف عشرا ، ثم شرعت في غسله عن الأوضار والأوزار عشرا ، ثم وقفت على باب القلب عشرا أسل سيف «لا إله إلا الله» فلم أترك حتى يخرج منه حب غير الله ويدخل فيه حب الله ، فلما خلت عرصة القلب من غيره وقويت فيه محبته سقطت من بحر عالم الحلال قطرة من النور فغرق القلب فبقي في تلك القطرة وفني عن الكل ولم يبق فيه إلا محض سر «لا إله إلا الله».
وقيل : من أله الرجل يأله إذا فزع من أمر نزل به فألهه أي أجاره. والمجير للخلائق من كره المضار هو الله ( وهو يجير ولا يجار عليه ) [المؤمنون : 88] ومن لطائف اسم الله أنك إذا لم تتلفظ بالهمزة بقي «الله» ( ولله جنود السماوات والأرض ) [الفتح : 4] فإن تركت من هذه البقية اللام الأولى بقيت البقية على صورة «له» ( له ما في السماوات وما في الأرض ) [البقرة : 255] وإن تركت اللام الباقية أيضا بقي الهاء المضمومة من «هو» ( قل هو الله أحد ) [الإخلاص : 1] والواو زائدة بدليل سقوطها في التثنية والجمع هما هم. هذا بحسب اللفظ ، وأما بحسب المعنى فإذا دعوت الله به فكأنك دعوته بجميع الصفات بخلاف سائر الأسماء ولهذا صحت كلمة الشهادة به فقط والله تعالى أعلم.
** (الثالث عشر فيما يتعلق بالرحمن الرحيم)
من يستحقها أو إرادة الخير لأهله. وأصله الرقة والتعطف ومنه الرحم لرقتها وانعطافها على ما فيها. واختلف في منع صرف رحمن إذ ليس له مؤنث على فعلى كعطشى ، ولا على فعلانة كندمانة ، فمن شرط في منع صرف فعلان صفة وجود فعلي صرفه ، ومن شرط فيه انتفاء فعلانة لم يصرفه ، وإذا تساقط الدليلان للتعارض فللصرف وجه ، وهو أن الأصل في الأسماء الصرف ولمنع الصرف وجه وهو
صفحه ۷۷