بسم الله الرحمن الرحيم
الباب الأول في معرفة الروح
الذي أخذت من تفصيل نشأته ما سطرته في هذا الكتاب وما كان بيني وبينه من الإسرار فمن ذلك نظم
قلت عند الطواف كيف أطوف . . . وهو عن درك سرنا مكفوف
جلمد غير عاقل حركاتي . . . قيل أنت المحير المتلوف
انظر البيت نوره يتلالا . . . لقلوب تطهرت مكشوف
نظرته بالله دون حجاب . . . فبدا سره العلي المنيف
وتجلى لها من أفق جلالي . . . قمر الصدق ما اعتراه خسوف
لو رأيت الولي حين يراه . . . قلت فيه مد له ملهوف
يلثم السر في سواد يميني . . . أي سر لو أنه معروف
جهلت ذاته فقيل كثيف . . . عند قوم وعند قوم لطيف قال لي حين قلت لم جهلوه . . . إنما يعرف الشريف الشريف
عرفوه فلازموه زمانا . . . فتولاهم الرحيم الرؤوف
واستقاموا فما يرى قط فيهم . . . عن طواف بذاته تحريف
قم فبشر عني مجاور بيتي . . . بأمان ما عنده تخويف
أن أمتهم فرحتهم بلقائي . . . أو يعيشوا فالثوب منهم نظيف
اعلم أيها الولي الحميم والصفي الكريم أني لما وصلت إلى مكة البركات ومعدن السكنات الروحانية والحركات وكان من شأني فيه ما كان طفت ببيته العتيق في بعض الأحيان فبينا أنا أطوف مسبحا وممجدا ومكبرا ومهللا تارة ألثم واستلم وتارة للملتزم التزم إذ لقيت وأنا عند الحجر الأسود باهت الفتى الفائت المتكلم الصامت الذي ليس بحي ولا مائت المركب البسيط المحاط المحيط فعندما أبصرته يطوف بالبيت طواف الحي بالميت عرفت حقيقته ومجازه وعلمت أن الطواف بالبيت كالصلاة على الجنازة وأنشدت الفتى المذكور ما تسمعه من الأبيات عندما رأيت الحي طائفا بالأموات شعر
ولما رأيت البيت طافت بذاته . . . شخوص لهم سر الشريعة غيبى
وطاف به قوم هم الشرع والحجا . . . وهم كحل عين الكشف ما هم به عمى
تعجبت من ميت يطوف به حي . . . عزيز وحيد الدهر ما مثله شي
تجلى لنا من نور ذات مجله . . . وليس من الأملاك بل هو أنسي
صفحه ۸۹