' مسألة ' أما بعد فإن للعقول حدا تقف عنده من حيث ما هي مفكرة لا من حيث ما هي قابلة فنقول في الأمر الذي يستحيل عقلا قد لا يستحيل نسبة إلهية كما نقول فيما يجوز عقلا قد يستحيل نسبة إلهية ' مسئلة ' أية مناسبة بين الحق الواجب الوجود بذاته وبين الممكن وإن كان واجبا به عند من يقول بذلك لاقتضاء الذات أو لاقتضاء العلم ومآخذها الفكرية إنما تقوم صحيحة من البراهين الوجودية ولابد بين الدليل والمدلول والبرهان والمبرهن عليه من وجه به يكون التعلق له نسبة إلى الدليل ونسبة إلى المدلول عليه بذلك الدليل ولولا ذلك الوجه ما وصل دال إلى مدلول دليله أبدا فلا يصح أن يجتمع الخلق والحق في وجه أبدا من حيث الذات لكن من حيث أن هذه الذات منعوتة الألوهة فهذا حكم آخر تستقل العقول بإدراكه وكل ما يستقل العقل بإدراكه عندنا يمكن أن يتقدم العلم به على شهوده وذات الحق تعالى بائنة عن هذا الحكم فإن شهودها يتقدم على العلم بها بل تشهد ولا تعلم كما أن الألولهة تعلم ولا تشهد والذات تقابلها وكم من عاقل ممن يدعي العقل الرصين من العلماء النظار يقول أنه حصل على معرفة الذات من حيث النظر الفكري وهو غالط في ذلك وذلك لأنه متردد بفكره بين السلب والإثبات فالإثبات راجع إليه فإنه ما أثبت للحق الناظر إلا ما هو الناظر عليه من كونه عالما قادرا مريدا إلى جميع الأسماء والسلب راجع إلى العدم والنفي لا يكون صفة ذاتية لأن الصفات الذاتية للموجودات إنما هي ثبوتية فما حصل لهذا المفكر المتردد بين الإثبات والسلب من العلم بالله شيء ' مسئلة ' أنى للمقيد بمعرفة المطلق وذاته لا تقتضيه وكيف يمكن أن يصل الممكن إلى معرفة الواجب بالذات وما من وجه للممكن إلا ويجوز عليه العدم والدثور والافتقار فلو جمع بين الواجب بذاته وبين الممكن وجه لجاز على الواجب ما جاز على الممكن من ذلك الوجه من الدثور والافتقار وهذا في حق الواجب محال فإثبات وجه جامع بين الواجب والممكن محال فإن وجوه الممكن تابعة له وهو في نفسه يجوز عليه العدم فتوابعه أحرى وأحق بهذا الحكم وثبت للممكن ما ثبت للواجب بالذات من ذلك الوجه الجامع وما ثم شيء ثبت للممكن من حيث ما هو ثابت للواجب بالذات فوجود وجه جامع بين الممكن والواجب بالذات محال ' مسئلة ' لكني أقول أن للألوهة أحكاما وإن كانت حكما وفي صور هذه الأحكام يقع التجلي في الدار الآخرة حيث كان فإنه قد اختلف في رؤية النبي عليه السلام ربه كما ذكر وقد جاء حديث النور الأعظم في رفرف الدر والياقوت وغير ذلك . ' مسألة ' أقول بالحكم الإرادي لكني لا أقول بالاختيار فإن الخطاب بالاختيار الوارد إنما ورد من حيث النظر إلى الممكن معرى عن علته وسببيته ' مسئلة ' فأقول بما أعطاه الكشف الاعتصامي أن الله كان ولا شيء معه إلى هنا انتهى لفظه عليه السلام وما أتى بعد هذا فهو مدرج فيه وهو قولهم وهو الآن على ما عليه كان يريدون في الحكم فالآن وكان أمران عائدان علينا إذ بنا ظهرا وأمثالهما وقد انتفت المناسبة والمقول عليه كان الله ولا شيء معه إنما هو الألوهة لا الذات وكل حكم يثبت في باب العلم الإلهي للذات إنما هو للألوهية وهي أحكام نسب وإضافات وسلوب فالكثرة في النسب لا في العين وهنا زلت أقدام من شرك بين من يقبل التشبيه وبين من لا يقبله عند كلامهم في الصفات واعتمدوا في ذلك على الأمور الجامعة التي هي الدليل والحقيقة والعلة والشرط وحكموا بها غائبا وشاهدا فأما شاهدا فقد يسلم وأما غائبا فغير مسلم .
' مسألة ' بحر العماء برزخ بين الحق والخلق في هذا البحر اتصف الممكن بعالم وقادر وجميع الأسماء الإلهية التي بأيدينا واتصف الحق بالتعجب والتبشش والضحك والفرح والمعية وأكثر النعوت الكونية فرد ماله وخذ مالك فله النزول ولنا المعراج ' مسئلة ' من أردت الوصول إليه لم تصل إليه إلا به وبك بك من حيث طلبك وبه لأنه موضع قصدك فالألوهة تطلب ذلك والذات لا تطلبه ' مسئلة ' المتوجه على إيجاد كل ما سوى الله تعالى هو الألوهة بأحكامها ونسبها وإضافاتها وهي التي استدعت الآثار فإن قاهرا بلا مقهور وقادرا بلا مقدور صلاحية ووجودا وقوة وفعلا محال ' مسئلة ' النعت الخاص الأخص التي انفردت به الألوهة كونها قادرة إذ لا قدرة لممكن أصلا وإنما له التمكن من قبول تعلق الأثر الإلهي به ' مسئلة ' الكسب تعلق إرادة للممكن بفعل ما دون غيره فيوجده الاقتدار الإلهي عند هذا التعلق فسمى ذلك كسبا للممكن .
صفحه ۸۱