108

قال "ليس كمثله شيء " فنفى ؛ " وهو السميع البصير " فأثبت بصفة تعم كل سامع بصير من حيوان : وما ثم إلا حيوان إلا أنه بطن في الدنيا عن إدراك بعض الناس ، وظهر في الآخرة لكل الناس ، فإنها الدار (1) الحيوان ، وكذلك الدنيا إلا أن حياتها مستورة عن بعض العباد ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين 15 عباد الله (2) بما يدركونه من حقائق العالم. فمن عم إدراكه كان الحق فيه أظهر في الحكم ممن ليس له ذلك العموم . فلا تحجب بالتفاضل وتقول لا يصح كلام من يقول إن الخلق (3) هوية الحق بعد ما أريتك التفاضل في الأسماء الإلهية التي لا تشك أنت أنها هي الحق ومدلولتها المسمى بها وليس إلا الله تعالى . ثم إنه كيف يقدم سليمان:اسمه على اسم الله كما زعموا (66 -1) وهو من جملة من (4) أوجدته الرحمة : فلا بد أن يتقدم الرحمن: الرحيم ليصح استناد المرحوم . هذا(5).

عكس الحقائق : تقديم من يستحق التأخير وتأخير من يستحق التقديم في الموضع الذي يستحقه . ومن حكمة بلقيس وعلو علمها كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب ؛ وما عملت (6) ذلك إلا لتعلم أصحابها أن لها اتصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها ، وهذا من التدبير الإلهي في الملك ، لأنه إذا تجهل طريق الإخبار الواصل للملك خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرفاتهم ، فلا يتصرفون إلا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم يأمنون غائلة ذلك التصرف .

فلو تعين لهم على يدي من تصل الأخبار إلى ملكهم لصانعوه (7) وأعظموا له الرشا حتى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم . فكان قولها وألقي إلي ولم تسم من ألقاه سياسة(8) منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواص

صفحه ۱۵۴