66

الفصول في الأصول

الفصول في الأصول

ناشر

وزارة الأوقاف الكويتية

ویراست

الثانية

سال انتشار

۱۴۱۴ ه.ق

محل انتشار

الكويت

ژانرها

اصول فقه
وَحُكْمُ السَّمْعِ غَيْرُ ثَابِتٍ، عَلَى أَنَّ حُجَّةَ الْإِجْمَاعِ إنَّمَا تَثْبُتُ عَنْ طَرِيقِ السَّمْعِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ السَّمْعُ دَالًّا بِنَفْسِهِ، وَكَانَ ثُبُوتُ حُكْمِهِ مَوْقُوفًا عَلَى الْإِجْمَاعِ، وَالْإِجْمَاعُ لَا يَثْبُتُ حُجَّةً إلَّا مِنْ جِهَةِ السَّمْعِ، فَقَدْ صَارَتْ حُجَّةُ السَّمْعِ مَوْقُوفَةً عَلَى الْإِجْمَاعِ، وَحُجَّةُ الْإِجْمَاعِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى السَّمْعِ، وَهَذَا مُحَالٌ لِأَنَّهُ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَصْلًا لِلْآخَرِ وَكُلُّ وَاحِدٍ فَرْعًا لِصَاحِبِهِ، وَهَذَا غَايَةُ الِاسْتِحَالَةِ، فَقَدْ آلَ الْأَمْرُ بِالْقَائِلِينَ بِالْوَقْفِ إلَى إبْطَالِ فَائِدَةِ اللَّفْظِ رَأْسًا وَإِخْلَاءِ جَمِيعِ خِطَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَخِطَابِ الرَّسُولِ ﷺ مِنْ فَائِدَةٍ، وَهَذَا قَوْلٌ يُؤَدِّي بِقَائِلِهِ إلَى الِانْسِلَاخِ مِنْ الدِّينِ. فَلَمَّا بَطَلَ قَوْلُ الْقَائِلِينَ بِالْخُصُوصِ وَبِالْوَقْفِ لِمَا بَيَّنَّا لَمْ يَبْقَ إلَّا قَوْلُ أَصْحَابِ الْعُمُومِ.
وَدَلِيلٌ آخَرُ: وَهُوَ قَوْله تَعَالَى ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [الشعراء: ١٩٥] وقَوْله تَعَالَى ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ﴾ [إبراهيم: ٤] . وَفِي لِسَانِ الْعَرَبِ أَلْفَاظٌ مَوْضُوعَةٌ لِلْجِنْسِ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ٥] ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ﴾ [المائدة: ٣٨] وَ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي﴾ [النور: ٢] وَالنَّاسُ وَالْحَيَوَانُ تُفِيدُ هَذِهِ الْأَسْمَاءُ فِي نَفْسِهَا جَمِيعَ مَا تَحْتَ الْجِنْسِ، وَفِيهَا أَلْفَاظٌ تَعُمُّ الْعُقَلَاءَ وَأَلْفَاظٌ تَعُمُّ غَيْرَ الْعُقَلَاءِ مِثْلُ مَنْ وَمَا فِي النَّكِرَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِيمَا سَلَفَ هَكَذَا قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُسْتَفْهَمُ عَنْ جِنْسِ الْعُقَلَاءِ بِ " مَنْ " وَيَصِحُّ الْجَوَابُ عَنْهَا بِ " مَنْ "

1 / 113