أقول: نحن نجزم أن أكثر الطلقاء والأعراب ليسوا من الحواريين المذكورين، ولو كانوا منهم لما بقي معنى للبطانة الثانية التي منها (أمراء السوء) الذين حذر منهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأخبر أن (فساد الأمة على أيديهم) وأن بهم يبدأ (الملك العضوض) وأنهم (أول من يغير السنة) وأنهم وأنهم... لكن من يسمع؟
كما أننا نقول في الوقت نفسه أن أكثر المهاجرين والأنصار على الأقل هم من البطانة الحسنة؛ والفرق بين الأكثرية الأولى والأكثرية الثانية هو نفسه الفرق بين الصحبة الشرعية والصحبة العامة.
2- كما بوب ابن حبان في صحيحه (16/214) بابا في فضل من لم ير النبي صلى الله عليه وآله وسلم ممن آمن به فقال: (ذكر البيان بأن من قد آمن بالمصطفى ولم يره قد يكون أشد حبا له من أقوام رأوه وصحبوه).
قلت: بعض الغلاة في الصحابة لا يؤمن بهذا وقد يتفق معهم شيخنا في الرأي.
ثم أورد ابن حبان أبوابا في هذا الموضوع وأحاديث وبين في أحدها أن الخطاب لا يتناول الكل وإنما البعض.
قلت: وهذا ما لا يفهمه أصحابنا لضعفهم في اللغة فإذا وجدوا حديثا فيه ثناء الله عز وجل على المؤمنين والمجاهدين في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم عمموه على جميع الأفراد من غير مراعاة للنصوص الأخرى ولا الاستثناءات والتقييدات، ولا يؤمنون بأن لكل قاعدة شواذ على أقل تقدير، كل هذا لا يتلفتون إليه بفعل الخصومات التي ورثوها في كتب العقائد ونحوها.
صفحه ۳۵