الوجه الأول: إثبات أن بعض الطلقاء قد اتهموا بالنفاق كالحكم بن أبي العاص، وبعضهم قد أثر عنه أقوال وأفعال تدل على شك في الإسلام كأبي سفيان، وبعضهم قد أتى بعلامات النفاق كبغض الأنصار وبغض علي بن أبي طالب، والخيانة والكذب وإخلاف الوعد ونقض الشروط والفجور في الخصومة... الخ. فكيف أدخلتم هؤلاء في المعية الخاصة الشرعية وأخرجتم المنافقين والأعراب...؟
ثم هذه الآية نزلت قبل إسلام الطلقاء وكانوا داخلين في الكفار الذين مدح الله المؤمنين بأنهم أشداء عليهم (أشداء على الكفار) فكيف عكستم المسألة؟
فالشدة الممدوحة في الآية الكريمة هي الشدة ضد أبي سفيان ومعاوية والوليد والحكم وغيرهم من الطلقاء فكيف تجعلون الآية في مدحهم؟
فإن قلتم: العبرة بعموم اللفظ لا خصوص السبب؟
قلنا: فلماذا تجعلون الآية خاصة بالصحابة؟ ولماذا لا يدخل كل المسلمين في الآية الكريمة؟ فكل مسلم شديد على الكفار صادق الإيمان يدخل في عموم الآية بناء على قاعدتكم السابقة
فإن قلتم: لكنها نزلت في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا يجوز إنزالها في التابعين.
قلنا: ونزلت قبل إسلام الطلقاء فلا يجوز جعلها فيهم فعدتم إلى القول الذي قلناه لكم أول مرة. وربما لولا حظوظ النفس لاعترفتم بهذا لكننا اعتدنا ألا نعترف للطرف الآخر بالحق الذي يأتي به بدعوى أننا نخشى أن يتبعه طلبة العلم
على أية حال: إن خصصتموها بمن نزلت عليهم فلم يكن منهم الطلقاء.
وإن عممتموها في المسلمين عند نزولها وبعد نزولها لم يكن للصحابة خصوصية وعمت كل المسلمين الصادقين.
وفي الحالتين لا يدخل المنافقون ولا ظلمة الطلقاء ولا ظلمة المسلمين وفاسقوهم فيها، سواء جعلناها على المعنى الأول أو الثاني.
صفحه ۲۹