وأنا في البداية أؤكد للقارئ بأنني جزء من هذا المجتمع وستلحقني قطعا بعض العيوب الحوارية الموجودة لكنني أحاول من وقت لآخر أن أراجع بعض العيوب وأحاول التخلص منها وفي ظني أن الاعتراف بالخطأ ثم محاولة تجنب الخطأ خير من عدم الاعتراف بالخطأ أصلا، مع أن الواجب على المسلم أن يتهم نفسه وألا يزكيها وقد علمنا الله عز وجل فقال: {فلا تزكوا أنفسكم} وقد ذكر بعض التابعين أنه وجد ثلاثين من الصحابة كلهم يخشى على نفسه من النفاق بينما نحن قد نستكبر إن أرشدنا ناصح على خطأ أو وهم وقعنا فيه أو إخلاف وعد وعدنا به! أو كذب متعمد! أو فجور في المخاصمة! أو خيانة علمية! وهذه الخصال الأربع الأخيرة كلها خصال النفاق العملية وقد أصبحت اليوم هي الأصل في أغلب الحوارات التي تدور بين المسلمين وأصبح الشاذ هو من يتجنبها! لأننا لا نقبل النقد وإنما نحمل مبالغة في (تبرئة النفس) لم تكن موجودة في كبار الصحابة وهذا مرض منتشر بين طلبة العلم الشرعي ربما أكثر من غيرهم فكم من قول محرف يتناقلونه وكم غيبة يستحلونها وكم كذبة ينشرها للآفاق وكم وكم...وأنا قد يوآخذني بعض الأخوة أنني أركز على (طلبة العلم الشرعي) دون غيرهم وهذا مني مقصود لذاته وعلى قدر المحبة تكون شدة العتاب وإذا لم يصلحوا أنفسهم فلن يستطيعوا إصلاح غيرهم ولأنه يقبح بطالب العلم - إن صدق في زعمه أنه طالب علم - أن ينقد في الناس الأمور الشكلية أو نقد صغائر الذنوب وينسى الكبائر المتوسدة بين جنبيه! فهذه غفلة عظيمة يزينها الشيطان للمبتلين بهذه الذنوب ويصور لهم أنهم مأجورون عليها وبالتالي (لا يعترفون) بتلك الذنوب وبالتالي يكون الشيطان قد نجح في قطع طريق التوبة على هؤلاء لأن (الاعتراف) بالذنب أول شروط التوبة، وكثير من أمراضنا العلمية والبحثية تنبع من (عدم الاعتراف) سواء الاعتراف بالقصور في البحث أو الاعتراف بالهوى أو الاعتراف بغلبة العاطفة وردود الأفعال.
صفحه ۶۸