إذن قضية عبد الله بن سبأ مثل هذه تماما بمعنى أنه إن كان عبد الله بن سبأ موجودا فلا يجوز أن ننسب إليه أخبارا مكذوبة كأن نقول إن من تلاميذه عمار بن ياسر وأبا ذر وأنه أحد قواد علي بن أبي طالب! وأن من أتباعه عدي بن حاتم وزيد بن صوحان والأشتر وغيرهم من خيرة الصحابة والتابعين! أما الدكتور العودة فإنه يعتبر أنه ما دام ابن سبأ موجودا إذن فكل الأخبار التي نسبت إليه صحيحة حتى وإن انفرد بها كذاب! وهنا يكون خلافنا معه في أصل المنهج فنحن بحاجة - نحن وهو - إلى مراجعة المنهج والعقل أولا ثم الانطلاقة منهما لدراسة التاريخ أما أن تدرس التاريخ والمنهج غير متضح عندنا فهذا خلل كبير يسبب اختلافا أكبر، ولذلك تكلم المحدثون والمؤرخون المتقدمون عن الفتنة ولم يذكروا عبد الله بن سبأ بحرف واحد حتى الذهبي وابن حجر الذين ينسب إليهما العودة توثيق سيف بن عمر في التاريخ لم يذكرا دور عبد الله بن سبأ (في الفتنة) بحرف واحد وقبل الذهبي وابن حجر نجد كل علماء المحدثين وكل المؤرخين خاصة المتقدمين منهم لم يذكروا عبد الله بن سبأ (في الفتنة).
انظروا إن شئتم ما كتبه علماء المسلمين عن الفتنة في كتبهم مثل تاريخ خليفة بن خياط وطبقات ابن سعد وتاريخ البخاري الأوسط وأنساب الأشراف للبلاذري، وكتب الصحاح والسنن والمسانيد والأجزاء والفوائد والمستدركات والمستخرجات والطبقات والتراجم وكتب الأدب وكتب الأنساب لم تذكر هذه المصادر حرفا واحدا عن دور عبد الله بن سبأ في الفتنة، اللهم إلا من نقل عن سيف بن عمر مثل الطبري وغيره وهذا قد أدركه الدكتور العودة جيدا لكنه حرص على خلط المسألتين وجعلهما مسألة واحدة لأن رسالته قائمة على الأمر الأخير (دور ابن سبأ) لا الأول (وجود ابن سبأ!).
صفحه ۵۳