وبالجملة: فالخائض في الفن يجزم بصحة ما ادعيناه، والبناء من أصله لما كان على غير أساس، كثر الانتقاض فيه والإلتباس. (1) وفيه: أنك أيها الشيخ المنصف التارك للتعصب، كيف تجترئ على القدح في جملة كثيرة من الأساطين؟!؛ فإن هذا الاصطلاح إن كان مجرد التسمية والاصطلاح من دون ابتناء عمل عليه فما الداعي إلى منازعتك وإياهم؟ وإن كان لابتناء العمل عليه - كما هو الحق المحقق - فكيف يرضى مسلم بالقول على الأساطين بأن بناءهم على غير أساس؟! فإذن ما الفرق بينهم وبين العوام؛ فإن عدم التفاتهم إلى ذلك موجب لقصورهم عن درجة الاعتماد على قولهم، والبناء على غير أساس - مع الالتفات إليه - موجب لفسقهم، فأين الإنصاف وترك التعصب؟
ثم العجب كل العجب من القاصر عن الإكتناه بمطالب القوم ونسبتهم إلى ما سمعت، فكيف لا تحتمل القصور إلى نفسك ولا ترتضي به، وترتضيه بالنسبة إلى من لا تعد من أدنى تلاميذه؟!
[مبنى حجية التزكية]
وكيف كان، اختلفوا في أن التزكية من باب الشهادة أو الرواية أو الظنون الإجتهادية؟ وذهب جمع إلى الأول، وجملة من اعتراضات ذلك المعترض إن كانت تتم، فإنما تتم على هذا القول. وأما على ما هو الحق والمحقق من القول الأخير، فلا وقع لتلك الاعتراضات.
أما الأول، فلأن البناء إذا كان على الظن فتجويز الاشتراك لا يضر؛ فإنا لسنا مسمين للظن باسم القطع كالأخبارية حتى لا يجتمع مع ذلك التجويز.
وأما الثاني، فقد ظهر جوابه أيضا.
صفحه ۶۲