بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والجنة للموحدين، والنار للملحدين، والصلاة والسلام على أشرف بريته محمد وعترته أجمعين.
أما بعد، فهذا منتخب قليل الذكر وكثير الفائدة في علم الرجال، ورتبته على مقدمة وبابين وخاتمة.
أما المقدمة ففيما لابد في كل علم من العلوم من التكلم فيه تبصرة للمبتدئين وهو ثلاث جهات: (1)
[الجهة] الأولى: في تعريف هذا العلم
علم الرجال: علم يعرف به رجال السند (2) ذاتا أو وصفا، مدحا أو قدحا، وما في حكمهما.
صفحه ۳۵
والمراد بمعرفة الذات ما يحصل بتمييز المشتركات، وبالمدح ما يشمل أقسامه المتعلق بعضها بالجنان وبعضها بالجوارح، سواء بلغ إلى حد التوثيق المصطلح أم لا. وكذا الكلام في القدح، وبما في حكم المدح ما كان تعلقه أولا وبالذات بالخبر، وثانيا وبالعرض بالمخبر، كما في قولهم:
" أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه " في حق جملة من الرجال ونحوه، وبما في حكم القدح ما كان مثل ذلك وكونه مهملا أو مجهولا - بناء على تضعيف رواية مجهول الحال -؛ فإن عدم ذكر الاسم أو الوصف أيضا مما يتصف الراوي به، وكونه ممن اختلف في مدحه وقدحه اختلافا موجبا للتوقف بناء على ذلك المذهب.
بقي الكلام في الإرسال الخفي الذي لا يعرف إلا بهذا العلم كما إذا كان ترك الواسطة معلوما منه بملاحظة تأريخ الراوي والمروي عنه؛ فإن ظاهر التعريف لا يشمله إلا أن يعد أيضا من الأوصاف؛ فإن كون الراوي ممن لم يلاق المروي عنه من أوصافه، ويعرف بملاحظة ذلك الوصف ترك الواسطة، فيتصف الواسطة بكونه متروك الاسم في السند.
ومعرفة كونه في حكم المدح أو القدح تعرف أيضا بهذا العلم، بناء على حجية مراسيل من لا يرسل إلا عن ثقة وعدم حجية غيرها من المراسيل وكذا لو ضعفنا كل المراسيل؛ فإن ذلك الوصف حينئذ في حكم القدح؛ فتدبر.
فظهر بما ذكر أن كلمة " أو " في قولنا: " ذاتا أو وصفا " لمنع الخلو، فقد يعرف الذات لا الوصف، وقد ينعكس الأمر، وقد يعرف الأمران.
ثم لا يخفى أن المراد بالمدح والقدح ما يرتبط بجهة الرواية لا مطلقهما حتى يشمل كونه كثير الأكل والنوم أو قليلهما - مثلا - من الأوصاف غير المرتبطة بتلك الجهة المعدودة عرفا من أحدهما، والشاهد عليه سوق التعريف، فلا نقض عليه بذلك.
صفحه ۳۶
فخرج بالتعريف ما عدا المعرف حتى علم الدراية الذي هو أشد لصوقا بذلك العلم من غيره؛ فإنه العلم الباحث عن سند الحديث ومتنه وكيفية تحمله وآداب نقله، وذلك لأن قولنا في هذا التعريف: " عن سند الحديث " وإن كان يوهم اندراج علمنا في علم الدراية لكن الفرق بينهما واضح؛ فإن في قولنا: " هذا الحديث مما سلسلة سنده ثقات، وكل ما كان كذلك فهو صحيح " مثلا، يعرف صغراه بعلمنا وكبراه بعلم الدراية، فهما مشتركان في البحث عن السند ومفترقان من حيث كون البحث في كل منهما من جهة تخالف الآخر.
وربما يعرف ب " علم يعرف به أحوال الخبر الواحد صحة وضعفا وما في حكمهما بمعرفة سنده وسلسلة رواته ذاتا ووصفا، مدحا وقدحا وما في معناهما. " (1) وأنت خبير بأن المرتبط بالمقام هو الجزء الأخير منه، فلا حاجة إلى زيادة الجزء الأول حتى يندرج في التعريف علم الدراية فتقع الحاجة إلى إخراجه بالجزء الأخير، مضافا إلى التأمل في كونه مخرجا؛ فإن هذين العلمين متعانقان، فمن يحتاج إلى معرفة كون الخبر صحيحا بعلم الدراية والحكم عليه بالصحة يحتاج إلى إثبات الصغرى حتى يرتب عليها الكبرى، فيصدق عليه بعد ذلك أنه عارف بصحة الخبر بسبب معرفة السند.
فتطبيق هذا التعريف على علم الدراية أظهر من تطبيقه على علم الرجال؛ فتدبر.
ثم إن الخبر في مصطلح أصحابنا عبارة عما انتهى إلى المعصوم كما صرح به القوم، والواحد في مقابل المتواتر.
فيرد أمران:
الأول: أن المعلوم بهذا العلم رجال السند، سواء انتهى إلى المعصوم
صفحه ۳۷
أو لا فأخذ الخبر في التعريف يوجب عدم انعكاسه.
والثاني: أن المعلوم به أيضا رجال السند، سواء كان الخبر واحدا أم متواترا، فأخذ " الواحد " فيه يوجب إخراج المتواتر؛ فإن الأصل في القيود - ولا سيما في التعريف - كونها احترازية فيختل أيضا عكس التعريف.
والاعتذار عنه - بأن لا فائدة في معرفة سند المتواتر - غير وجيه؛ فإن كون شيء من مسائل علم لا ينافي عدم ترتب الثمرة الخارجية عليه، ولا يلازم ترتبها عليه، وإلا لكان الخبر الواحد الضعيف - الذي قام الإجماع على مضمونه - خارجا فلابد من قيد آخر لإخراجه. ولعل ذلك من الوضوح [بمكان] غير محتاج إلى البيان.
الجهة الثانية في موضوعه [موضوع علم الرجال]
وموضوعه - كما علم من تعريفه - هو الرجال الواقعة في سلسلة السند؛ فإنه يبحث فيه عن كونها ثقات أو ضعافا ونحوهما، وتلك من عوارضها.
وربما يقال: إن كل ذلك حالة عارضة لهم باعتبار أمر يساويهم وهو القوة العقلية والشهوية والغضبية لا باعتبار الذات أو الجزء ليلزم امتناع الإنفكاك الظاهر فساده، والجبر الفاسد في المذهب، واقتضاء النقيضين المستلزم لاجتماعهما.
ومنشأ ذلك اندماج الفرق بين الأعراض الذاتية والغريبة وما هو المعيار في كون العرض ذاتيا أو غريبا. (1) فنقول أولا عليه - سلمه الله تعالى -: إن ذلك الأمر المساوي إما أمر جوهري أو عرضي، وعلى الأول لابد أن يكون إما جزءا هو تمام المشترك
صفحه ۳۸
بين نوع الإنسان وسائر الأنواع كما في منشأ القوة الشهوية والغضبية وهو الحيوانية، وإما جزءا هو الفصل والمقوم لذلك النوع كما في منشأ القوة العقلية وهو النطق.
فإن كان الأول، يرد أولا: أن ذلك العارض إنما عرض الإنسان لأمر أعم فليكن من الأعراض الغريبة على بعض الاحتمالات كما سيجيء.
وثانيا: أنه انما عرضه لجزئه فليرد المفاسد الثلاثة.
وإن كان الثاني، يرد الاعتراض الثاني، ووجود أمر جوهري في النوع خارج عن الجنس والفصل غير معقول.
وعلى الثاني فعروض ذلك العرض للإنسان إما لذاته أو لجزئه أو لأمر يساويه، وعلى الأولين يلزم المفاسد، لأن السبب في الفسق - مثلا - هو القوة الشهوية العارضة للإنسان لذاته أو لجزئه، والذاتي لا يتخلف فلا يتخلف مسببه وإن لم يكن سببا فيه بل من المقتضيات، فلا حاجة إلى هذا التكلف البارد، في دفع المفاسد.
وعلى الأخير ينقل الكلام إلى هذا الأمر المساوي وهلم جرا .
وثانيا: إن المقرر في محله أن موضوع كل علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية ولا إشكال فيه. إنما الشأن في بيان المعيار في كون العرض من الأعراض الذاتية أو الغريبة.
ويمكن جعل المناط في كونه ذاتيا كون العروض لاستعداد حاصل في ذات المعروض من حيث كونها ذاتا مخصوصة سواء كان بلا واسطة كالممكن والحاجة.
- والتمثيل له بالتعجب والإنسان لعله ليس في محله؛ فإن الفعلي من التعجب ليس من مقتضيات الذات قطعا، وإلا لكان الإنسان متعجبا دائما والشأني منه مقتضى عروضه إما إيجاده تعالى الذي هو الأمر المباين وإما النطق الذي هو الجزء
صفحه ۳۹
المساوي للإنسان (1) - أو بواسطة أمر مساو للذات كالتعجب في عروض الضحك للإنسان على الاحتمال الأول المذكور في التعجب الشأني - أو بواسطة جزء مساو لها كالتعجب والإنسان على الاحتمال الثاني وكالنطق في عروض الإدراكات له؛ فإن العروض في كل هذه الثلاثة إنما هو لوجود الاستعداد المذكور في المعروض من الحيثية المذكورة.
وفي كونه غريبا (2) كون العروض لا لذلك الاستعداد الخاص كالتحرك بالإرادة العارض للإنسان بواسطة كونه حيوانا؛ فإنه من الأعراض الذاتية لذلك الجزء الأعم ومن الغريبة للنوع.
والفرق بين القسمين واضح، لكون الجزء المساوى مقوما للذات، فالعروض فيه إنما هو للاستعداد الحاصل في خصوصها وكذا في الأمر المساوي، بخلافه في الجزء الأعم؛ لتحصله بتحصل النوع؛ لما تقرر من أن تقوم النوع إنما هو بالفصل، وكل مقوم للسافل مقسم ومحصل للعالي، فلا خصوصية للعوارض اللاحقة له بالنسبة إلى ذلك النوع وإن كان بنفسه من ذاتياته.
وحاصل هذا المناط انحصار العرض الذاتي فيما يعرض الشيء بلا واسطة أو بواسطة أمر يساويه داخلا أو خارجا، وكون ما عداها من الأعراض الغريبة.
ويمكن جعله في الأول (3) كون العروض متعلقا بالذات أو بعض ذاتياتها ولو بالواسطة، وعليه يكون جميع ما يعرض النوع لذاته أو لأمر يساويه أو لجزمه الأعم عرضا ذاتيا؛ لاستناده إلى الذات أو الذاتيات مطلقا، فينحصر الثاني فيما كان مستندا إلى أمر خارج أعم كعروض التحرك بالإرادة للناطق بتوسط الحيوان، أو خارج أخص كإدراك الكليات الحاصل للحيوان بتوسط النطق، أو خارج مباين
صفحه ۴۰
كعروض الحرارة للماء بتوسط النار.
ويمكن جعله في الأول ما كان نفس الذات كافية في اقتضاء العروض، أو كان الواسطة واسطة في الثبوت بمعنى كون محل العوارض هو الذات بالذات بسبب تلك الواسطة ويجمعهما كون نفس الذات متصفا بذلك العرض مطلقا كاتصاف الممكن بالحاجة، والإنسان بالتعجب، والضحك والحركة والإدراك والماء بالحرارة ونحوها.
وفي الثاني (1) ما توقف العروض على الواسطة مع كونها واسطة في العروض بمعنى كون الواسطة متصفة بالعرض بالذات وكون الذات متصفة به بالعرض وبتبعيتها، كتوسط السفينة في عروض الحركة للجالس، وتوسط البياض والحركة - مثلا - في عروض الشدة والسرعة للجسم.
ووجه تسمية كل من الأوائل بالذاتية والأواخر بالغريبة واضح.
ومقتضى التتبع في العلوم - حيث نراهم يبحثون في كل علم من الأحوال اللاحقة للأنواع الواقعة تحت موضوعه والأصناف المندرجة تحت الأنواع وينصون على أن الموضوع في مسائل الفنون إما أجزاء الموضوع أو جزئياته أو عوارضه الذاتية وهكذا - حقية المناط الثالث، إذ العوارض الخاصة اللاحقة للجزئيات ليست أعراضا ذاتية بالمعنى الأول لنفس الموضوع، وإلا لكان الكل مشتركا في ذلك العرض مع بداهة اختلافه فيه كما في الأحكام الخاصه للاسم والفعل والحرف مع كون موضوع النحو هو الكلمة الجامعة بين الأقسام، ولا بالمعنى الثاني لها؛ لعدم كونها أعراضا للذاتي الأعم أيضا، وإلا لزم الاشتراك أيضا.
وكذا نراهم يبحثون في العلوم عن الأمور العارضة لموضوعاتها بتوسط أمر
صفحه ۴۱
خارج أعم كما في الفقه؛ فإن موضوعه الأفعال والأعيان، وعروض العوارض - التي هي مسائله من الأحكام الوضعية والتكليفية - إنما هو بتوسط جعل الشارع وتشريعه الذي هو المباين الأعم من خصوص أفراد الموضوع.
وبعد ما أحطت خبرا بما قررنا إجمالا، عرفت ضعف دخل هذا القائل وجوابه، وضعف ما في جملة من كتب المنطق من بيان المعيار في ذلك؛ فإن ذلك ليس أمرا تعبديا ورد به آية أو رواية يجب العمل بها تعبدا، بل إنما ذلك أمر اجتهادي يعرف من التتبع في مشي المؤلفين وطريقة سلوكهم في تصانيفهم ولا يلزم كفر، ولا إنكار ضروري، ولا مخالفة عقل قطعي أو ظني من مخالفة من ذكر ذلك المعيار، والخطأ في أمثال ذلك ليس بعزيز.
فنقول: إن الراوي - الذي هو موضوع ذلك العلم - يتصف بنفسه من دون واسطة في العروض بالصدق والكذب، والعدالة والفسق، ونحوهما وإن كان المقتضى لذلك ترجيح مقتضى القوة العاقلة على مقتضى القوة الشهوية والغضبية باختياره أو بالعكس، والأشخاص الخاصة من جزئيات ذلك الموضوع، فيتصف بعضهم ببعض تلك الأوصاف والبعض الآخر بالبعض الآخر، كما في جزئيات موضوع الفقه والنحو والمنطق.
والعجب من ذلك القائل؛ حيث يذعن بذلك في المقام مع ما قال سابقا من أن عروض تلك الأوصاف إنما هو لأمر يساوي الموضوع؛ لوضوح التنافي بين المقالتين كما لا يخفى؛ فإن مقتضى الثاني اتصاف كل واحد من الرواة بجميع هذه الأوصاف؛ لاشتراك الكل في ذلك الأمر المساوي. ومقتضى الأول اختصاص بعض ببعض.
وكيف كان، لا يقدح فيما نحن بصدد بيانه كون المبحوث عنه في علم الرجال خصوص الجزئيات؛ لأنه لم يقم برهان على لا بدية كون المبحوث عن حاله كليا.
صفحه ۴۲
وما يقال - من أن الجزئيات ليست بكاسبة ولا مكتسبة - فإنما هو في مقام آخر فقد يكون كليا وقد يكون جزئيا كما إذا وقع جزئي موضوع العلم موضوعا لمسائله كما في الكواكب السيارة في علم الهيئة.
وقد يقال: إن التعرض للكلي في كثير من العلوم إنما هو لعدم حصر الجزئيات التي هي المقصودة بالذات، فلذلك جعلوا الكلي فيها عنوانا جامعا لشتات الجزئيات، بخلافه في المقام؛ فإن الجزئيات فيه محصورة.
ولا بأس به في مقام دفع الشبهة لو كانت.
[الحاجة إلى علم الرجال]
وأما وجه الحاجة إلى ذلك العلم، فربما يتوهم أنه من مسائل علم الأصول بملاحظة تعرض جملة من المتأخرين له في الكتب الأصولية في مقام ذكر شرائط الإجتهاد.
وليس كما توهم؛ لأن تعريف علم الأصول وموضوعه أمران معلومان كالنار على علم، ولا يشتبه على أحد أن مباحث الإجتهاد والتقليد ليست بداخلة فيهما، ولذا عدها جملة من المباحث الكلامية، وربما يعد من المسائل المشتبهة وإن كان العدان مما لا وجه لهما؛ لوضوح خروجها من العلمين ومن الفقه.
وقد أشرنا إلى المعيار في كون المسألة من أي علم من العلوم الثلاثة في ما مزجته بنتائج الأستاذ. (1) ومجرد الذكر في طي مسائل الأصول مما لا يوجب الدخول فيه؛ فإنا كثيرا ما
صفحه ۴۳
نراهم يتعرضون لجملة من المباحث في غير علمها بمجرد المناسبة ولو في الجملة. وبعد خروج نفس الإجتهاد وكون ذكره تطفلا فما ظنك بشرائطه؟!
فنقول: على البناء في حجية الأخبار - على وجه من الله تعالى به علي بعد التأمل في طريقة القدماء والسيرة المستمرة بين المسلمين في رجوع المستفتي إلى المفتي من كون الحجة بعد القطع منحصرة في الأخبار المأثورة عن سادات الدين على وجه يحصل القطع بالصدور أو الظن به - فوجه الحاجة ظاهر؛ لكون معرفة الرجال من إحدى طرق الظن بذلك، كما أن من طرقه وجود الرواية في الكتب الأربعة لمشايخنا الثلاثة - شكر الله سعيهم - أو في الكافي والفقيه، أو في واحد منهما؛ لما تحقق من كونهما أضبط من كتابي الشيخ.
وربما يقال: إن الظن بالصدق، الحاصل من وجود الرواية في الكتب المعتبرة - التي أتعب مصنفوها بالهم في نقدها وانتخابها وغير ذلك من الأمارات التي أوجبت دعوى الأخباريين كونها مقطوعة الصدور - ليس بأدون من ظن يحصل من تعديل أرباب الرجال وتوثيقهم، بل ذلك مما يقرب الظن إلى القطع، فمع وجود ذلك لا حاجة إلى علم الرجال.
ولا يتوهم عدم حصول الظن بصحة روايات كتب المشايخ؛ لما فيها من تعارض بعضها مع بعض، ومما لم يعمل المؤلف، به أو كان مخالفا للإجماع أو الكتاب، ولذا ترى بعض المشايخ لم يعمل بما في كتاب بعض آخر؛ لأن صحة الأحاديث لا تنافي شيئا مما ذكر؛ لأن المراد بكونها صحيحة كونها مقطوعة الصدور ومظنونة.
ولا تنافي بين صدور خبر وصدور ما يعارضه في نظرنا؛ لأن دواعي الاختلاف كانت كثيرة؛ فإن الأئمة كانوا كثيرا ما يتقون على أنفسهم الزكية وعلى أصحابهم في بيان الأحكام .
وأيضا لكثير من الأحاديث معان وتأويلات لا تصل إليها عقولنا، وأيضا ربما
صفحه ۴۴
يحكمون على شخص بحكم لمدخلية بعض الخصوصيات الموجودة فيه كما يظهر من رواية الصدوق عن خالد في رجل محرم أتى أهله وعليه طواف النساء. (1) ومنه يظهر وجه عدم قدح مخالفة الإجماع والكتاب أيضا في حصول الظن بالصحة.
وأما عدم عمل الراوي أو غيره من المشايخ، فيمكن أن يكون من جهة ظن عدم الدلالة أو العثور على معارض راجح في نظره أو مثل ذلك.
نعم، لو كان القدماء منا كالموجودين قبل زمان المحمدين بل في زمانهم أيضا ربما يحتاجون إلى معرفة حال الرواة؛ لأنه في تلك الأزمنة لم تكن الأحاديث منحصرة في المدونة، وما كانت منها مدونة لم يكن الجميع منتقدا منسوبا إلى الثقات المتورعين، بل كان الناس كثيرا ما يحتاجون إلى ملاحظة حال الرواة لتحصيل القرينة أو رد ما لا قرينة له.
والحاصل: أن مقصودهم كان تحصيل القرينة والظن بصدق الخبر، وكان ملاحظة حال الراوي أيضا أحد طرق الظن، ثم لحق بهم قوم من العلماء وتكلموا في شرائط العمل بالحديث من حيث هو حديث من غير تخصيص بحديث بل أرادوا بيان موجبات الظن فقالوا: إن من شرطه ملاحظة حال الراوي، ولم يقصدوا أن ذلك لازم مطلقا حتى في خبر يظن صدقه من قرينة أخرى. (2) انتهى ملخصا.
ولكنك خبير بأن نفس حصول الظن مما ليس بالاختيار، بل يدور مدار أسبابه باختلاف حال المتأملين والناظرين. فربما يوجب سبب حصول الظن لشخص ولا يوجبه لشخص آخر.
سلمنا ذلك في الخبر الموجود في كل الكتب الأربعة، لكن الكثير مما روي
صفحه ۴۵
في التهذيب ليس موجودا في الكتب الثلاثة الأخر، وربما يوجد في الكتب الإستدلالية من الفقه أخبار ليست موجودة في واحد منها، فمن أين ترتفع الحاجة إلى علم الرجال بالنسبة إلينا كلية؟!
والمصدق لما ادعينا صرف جل من العلماء هممهم في ذلك العلم وفي التصنيف فيه من مثل الكشي والنجاشي والشيخ إلى زمان المتأخرين. ولو كان مجرد وجود الرواية في واحد من تلك الكتب موجبا للظن بالصدق، لما ضيعوا عمرهم في زمان طويل في ذلك واشتغلوا بما فيه فائدة؛ فإنهم عقلاء أتقياء أساطين الدين، بل الظاهر أنهم ألفوا كتبهم لانتفاع من سيأتي من بعدهم.
ومع الإغماض عن ذلك كله ربما يتعارض كلام شيخ واحد في تصحيح خبر وتضعيفه في الكتابين أو في المقامين، وربما يتعارض كلام اثنين من المشايخ في ذلك، فلابد من الإجتهاد في صحة واحد من المتعارضين.
مضافا إلى أن المعتبر من الظن بالصدق هو الظن المستقر بعد الإجتهاد لا مطلق الظن البدوي، وكثيرا ما لا يحصل الاستقرار إلا بعد الفحص عن أسباب الصدق والكذب، وجلها مما يتحصل بذلك العلم، مع أن الأخبار المودعة في الكتب الأربعة قلما يتفق خلوها عن المعارض، فعلى فرض تسليم حصول الظن المستقر من الخالي عنه بمجرد وجوده فيها أو في بعضها فما الحيلة في غالب الأخبار؟ والبناء على التخيير. مع عدم العلم بعدم المرجح - مما ينفيه العقل والشرع.
أما الأول، فواضح.
وأما الثاني، فلما دل عليه جملة من الأخبار العلاجية من أن التخيير إنما هو بعد رفع اليد عن الوجوه المرجحة ومنها الأعدلية، كما نص به الباقر (عليه السلام) في رواية زرارة؛ حيث قال: قلت: إنهما مشهوران عنكم. فقال: " خذ بما يقول
صفحه ۴۶
أعدلهما عندك ". (1) وفي رواية عمر بن حنظلة عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: " الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقهما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ولا يلتفت إلى ما حكم به الآخر ". (2) والعنوان فيها وإن كان " الحكم "، لكن يمكن استفادة اعتبار تلك الأوصاف في الراوي عند التعارض منها، إما من سوق الكلام حيث اعتبر في ترجيح الحكم الأصدقية في الحديث، وإما باعتبار أن المراد من القاضي والحكم ليس معناهما المصطلح؛ فتدبر.
بل يظهر من قول ابن حنظلة في ذيل هذا الحديث: الخبران عنكم مشهوران رواهما الثقات عنكم، وقول حسن بن جهم للرضا (عليه السلام): يجيئنا رجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين (3) ونحوهما، أن ترجيح أحد المتعارضين بوثاقة راويه كان مسلما عندهم ومما نص به المعصوم (عليه السلام). ولا ينبغي الريب في أن معرفة هذا الوجه من المرجح لا تحصل إلا بعلم الرجال.
مضافا إلى أن بناء جل المحدثين على ذكر سلسلة السند إما في نفس الكتاب أو في المشيخة، والظاهر من هذا الذكر أن يرجح الوارد على تلك الأخبار صحيحها من سقيمها بملاحظة السند.
وكون ذلك من باب إرادة اتصال السند بالمعصوم تيمنا أو من باب دفع تعيير العامة على الخاصة بأنه لا راوي لكم، مستبعد جدا. سلمنا ظهور الثاني من الشيخ لكن ما تقول فيمن تقدم ولا سيما الكافي؟
والحاصل: أن الحاجة إلى ذلك العلم على هذا المسلك - الذي وجدناه
صفحه ۴۷
مسلك قدماء الأصحاب وساعد عليه الدليل والاعتبار واخترناه - مما لا ينبغي التأمل فيه على وجه الموجبة الجزئية.
ولا يضر في مسلكنا العمومات الناهية عن العمل بالظن ومنطوق قوله تعالى: (إن جاءكم فاسق بنبأ) (1) فإن العام يخصص، والمطلق يقيد بما تحقق من قيام الإجماع من أصحاب الأئمة وقدماء الأصحاب والسيرة المستمرة وبناء العرف في الموالي والعبيد على الاعتماد على ما حصل لهم الوثوق بأنه قول من يجب إطاعته واتباعه.
وكذا لا ريب في الحاجة إلى ذلك العلم على مسلك من يعتمد في حجية الأخبار على مفهوم آية النبأ كما في جملة من الأصحاب.
وكذا على المسلك الجديد بين الخاصة من حجية مطلق الظن في الأحكام الفرعية؛ فإن غالب الأحكام مما يستفاد من الأخبار، والحكم المستفاد من الشهرة فقط والاستقراء في غاية الندرة.
ولا ريب في أن لمعرفة عدالة الراوي وعدمها مدخلية تامة في تحصيل الظن بالحكم الواقعي وعدمه. وما سبق من الاعتراض والجواب جاريان على هذا المسلك.
وأما على مسلك من يعمل بالخبر المنسوب إلى المعصوم (عليه السلام) ولو لم يفد الظن بالحكم ولم يحصل الظن بالصدق - كما هو المنسوب إلى الحشوية (2) - فلا ريب أن في الأخبار المنسوبة لزوم الرجوع إلى رواية الأعدل، فلابد له من التعبد بذلك أيضا، فيتم المطلوب.
صفحه ۴۸
وأما نفس ذلك المسلك، فقد دل العقل والشرع والاعتبار على بطلانه، ولا سيما بعد ملاحظة الأخبار الدالة على كثرة القالة والكذابة على الأئمة.
ولا ريب أنه لا اختصاص في ذلك لخصوص أخبار أصول العقائد - كما توهم - بل يجري في الأصول بالنسبة إلى من يرى الغلو وبالنسبة إلى من يرى إظهار الشنائع على الأئمة لإعراض الناس عنهم، وفي الفروع أيضا نظرا إلى إبداء التناقض والتعارض ومخالفة الكتاب والسنة والإجماع لكي يوجب حطهم عن نظر العوام أو يوجب ترويج الشريعة التي كان مبدعها الشيطان وسول للمفتري نفسه الشقية وأمثال ذلك.
وأما على مسلك من يرى قطعية صدور الأخبار المودعة في الكتب الأربعة ونحوها من الكتب المعتبرة كمدينة العلم (1) والخصال والأمالي وعيون الأخبار كما عن
صفحه ۴۹
بعض الأخبارية لشبهة حصلت لهم.
فربما يقال: إن وجه الحاجة إلى ذلك العلم أن من جملة تلك الأخبار القطعية لزوم الرجوع إلى رواية الأعدل عند التعارض، فلابد من الأخذ به لكونه قطعيا أيضا، والتعارض إنما هو في أكثر هذه الأخبار.
ولكنك خبير: بأن ذلك الإلزام إنما يتم فيما لو كان ذلك العلاج في الأخبار القطعية، وللخصم إنكاره بأن المعصوم إنما بين علاج التعارض في جنس الأخبار ففي القطعي منها يجري سائر العلاجات من الأخذ بموافق الكتاب ومخالف العامة ونحوهما، وفي الظني منها يجري العلاج بأخذ قول الأعدل والأصدق؛ وذلك لظهور مفاد تلك الأخبار في الخبر الظني، وإلا فلا يؤثر الأصدقية في الخبر القطعي كما هو واضح.
فالصواب في ردهم إبطال الصغرى كما سيجيء.
[رد الأخبارية في عدم الحاجة إلى علم الرجال]
وللأخبارية شكوك في إثبات عدم الحاجة على وجه السلب الكلي قرر بعضها أمينهم (1) وبعضها غير أمينهم، وأتقنها صاحب الوسائل في أواخر المجلد السابع منها. (2) ولنذكر المعتمد من الشكوك حتى يكون أنموذجا لما لم نذكره، ويقتدر الناظر من حله على حله؛ فإن التصدي لبيان هذه المقامات وكشف النقاب عن وجهها لعله واجب كي لا يغتر الجاهل بهذه الشكوك.
صفحه ۵۰
فمنها: ما شيد أركانه في المقدمة الثانية من مقدمات الحدائق بعد أن ذكر أن الأصل في تنويع الأخبار إلى الأربعة المعروفة هو العلامة أو شيخه جمال الدين [ابن] طاووس - كما صرح به جملة من أصحابنا المتأخرين - ونقل عن مشرق الشمسين والمنتقى أن السبب الداعي إلى ذلك أنه لما طالت المدة بينهم وبين الصدر الأول وخفيت عليهم القرائن الموجبة لصحة الأخبار عند المتقدمين، التجأوا إلى العمل بالظن بعد فقد العلم؛ لكونه أقرب المجازات إلى الحقيقة عند تعذرها قائلا:
إن لنا على بطلان هذا الاصطلاح وصحة أخبارنا وجوها:
الأول: أن منشأ الاختلاف في الأخبار إنما هو التقية لا دس الأخبار المكذوبة حتى يحتاج إلى هذا الاصطلاح. واستدل عليه بالأخبار الحاكمة على أنا أوقعنا الخلاف؛ لأنه أبقى لنا ولكم، سلمنا لكنه لا ضرورة تلجئ إلى اصطلاحهم؛ لأنهم (عليهم السلام) أمرونا بعرض ما شك فيه من الأخبار على الكتاب والسنة، فالواجب في تميز الخبر الصادق والكاذب مراعاة ذلك واتباع الأئمة أولى من اتباعهم. (1) وفيه: أن مقتضى تلك الأخبار أن التقية منشأ الاختلاف، لا انحصاره فيها وقد ارتكز في الأذهان - حتى عرفه العوام والصبيان - أن إثبات شيء لا يقتضي نفي ما عداه، فكما أن ذلك سبب الاختلاف فكذلك الدس، ولا سيما بعد ملاحظة ما روي عن الصادق (عليه السلام) من " أن لكل رجل منا رجلا يكذب عليه " (2)، ومثله عن النبي (صلى الله عليه وآله)، (3) وما روي عن ابن سنان قال: قال أبو عبد الله: " إنا أهل بيت صادقون لا نخلو من كذاب يكذب علينا فيسقط صدقنا بكذبه علينا عند الناس
صفحه ۵۱
- إلى أن قال: - وكان أبو عبد الله الحسين بن علي قد ابتلى بالمختار ". (1) وهذه الأخبار ونحوها موجودة في الكتب المعتبرة، فما وجه ترجيح تلك الأخبار على هذه، مع ان المفروض أن لا تعارض بينهما فكلاهما من أسباب الاختلاف، والحاجة إلى الرجال تميز الصدوق عن الكذوب.
ثم إن العرض على الكتاب والسنة من أحد وجوه العلاج. ولعل هذا الشيخ نسي سائر الوجوه التي منها الأعدلية.
ثم إن ما وافق الكتاب والسنة وإن كان ملازما للصدق لكن المخالفة لا تستلزم الكذب، وإلا لكان اللازم طرح جميع الأخبار المتخالفة التي في غاية الكثرة ؛ فتدبر.
ثم إن طرح الأخبار الضعاف موافق لمنطوق آية النبأ. (2) ثم إن العلاج - لما لا تعرض له في الكتاب على نحو يصل إليه أفهامنا - ماذا؟
ولا ينافيه عدم مغادرة الكتاب صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها (3)، وكذا لا ينافيه بيان الإمام، فإن الحيلة - فيما إذا شك أن هذا البيان من الإمام أم لا - ما ذا؟
والثاني: أن التوثيق والجرح الذي بنوا عليه تنويع الأخبار إنما أخذوه من كلام القدماء، وكذلك الأخبار التي رويت في أحوال الرواة من المدح والذم، فإذا اعتمدوا عليهم في مثل ذلك، فكيف لا يعتمدون عليهم في تصحيحهم ما صححوه من الأخبار واعتمدوه وضمنوا صحته كما صرح به جملة منهم؟!
كما لا يخفى على من لاحظ ديباجتي الكافي والفقيه وكلام الشيخ (رحمه الله) في العدة وكتابي الأخبار، فإن كانوا عدولا في الإخبار بما أخبروا به ففي الجميع، وإلا فالواجب تحصيل الجرح والتعديل من غير كتبهم وأنى لهم به؟!
صفحه ۵۲
وتوهم أن إخبارهم بصحتها يحتمل الحمل على الظن القوي باستفاضة أو شياع أو شهرة معتد بها أو قرينة أو نحو ذلك مما يخرجه من محوضة الظن.
مدفوع؛ أولا: بما سمعت من تصريح صاحب المنتقى والبهائي (رحمه الله) بكون الأخبار قطعية عند المتقدمين. (1) وثانيا: بما تضمنه تلك العبارات مما هو صريح في صحة الأخبار بمعنى القطع واليقين بثبوتها من المعصومين.
والقول بأن تصحيح ما حكموا بصحته أمر اجتهادي لا يجب تقليدهم فيه، ونقلهم المدح والذم رواية يعتمد عليهم فيها، مدفوع بأن إخبارهم بكون الراوي ثقة أو كذابا أيضا أمر اجتهادي استفادوه من القرائن. (2) وفيه أولا: أن في أول الفقيه: " أني لم أقصد فيه قصد المؤلفين في إيراد ما رووه بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به وأحكم بصحته " (3) ومن البين أن المؤلف المعروف قبل تأليفه كتاب الكافي، فيظهر من مقالته الطعن فيه.
وثانيا: أنا نحصل الجرح والتعديل بالنسبة إلى رواة أخبار الكافي والفقيه من رجال الشيخ والكشي والنجاشي وبالنسبة إلى رواة أخبار التهذيبين من رجال الأخيرين، فأين الإلزام بأنى لهم به ؟!
وثالثا: بأن ذلك التصحيح منهم ممنوع؛ فإن الموجود في الكافي: " أني أرجو أن يكون بحيث توخيت " (4)، ورجاء الصحة غير الحكم بالصحة. وكون ذلك من باب هضم النفس غير معلوم، ولا أقل من إيجابه تزلزلنا في حكمه بالصحة ولا أثر بذلك التصحيح في التهذيب.
نعم، قال في الاستبصار: " إن من القطعي ما وافق الكتاب منطوقا أو مفهوما
صفحه ۵۳
وما خالف العامة ". (1) لكن لا ريب أن ذلك لا يوجب القطع بالصدور والحكم به.
وأما العدة فليست حاضرة عندي، وقال بعضهم: إني تصفحت العدة، فلم أجد ما نسب إليها من القول بأن كل ما أعمل به فهو صحيح.
ورابعا: سلمنا صراحة حكمهم بالصحة، لكن الشأن في أن المراد بالصحة ماذا؟ فإن كان المراد بالصحيح ما كان قطعي الصدور، فدون إثباته خرط القتاد، ولا سيما بعد ملاحظة ما نقلناه من الاستبصار.
ونقل الفاضلين السابقين لا صراحة فيه على ذلك، ومع الصراحة لا حجية فيه.
وإن كان المراد ما كان معتمدا كما هو الظاهر، سواء كان الصدور قطعيا أو ظنيا فنشك في كل خبر أنه من أيهما عندهم والقدر المتيقن كونه ظنيا عندهم، وذلك لا يلازم الظنية عندنا. سلمنا التلازم، لكن من وجوه الترجيح عند التعارض الأخذ بقول الأعدل. وكذا الكلام إن كان المراد قطعي الحجية كما يظهر من الاستبصار.
مضافا إلى أن العمل بقولهم: " يجب العمل بهذه الأخبار " إن كان من باب التقليد فعدم جوازه ظاهر، أو من باب الشهادة فمن البين أن محلها الموضوعات كالشهادة على أن هذا مال زيد، وأما أن ذلك واجب العمل فلا.
سلمنا، لكن الشهادة لابد أن تكون بإخبار جازم، والمقرر في محله أن شهادة الفرع بواسطة أو وسائط غير مسموعة، ولا إخبار في المقام إلا بالكتابة التي يحتمل فيها ألف احتمال. والشهادة العملية في اعتبارها ألف كلام. وشهادة الفرع بعد كونها بوسائط غير معتبرة جزما.
لا يقال: فكيف الاعتبار بالمدح والذم؟! لأنا لعلنا سنشير إلى أن اعتبارهما ليس من باب الرواية والشهادة، بل من باب الظنون الإجتهادية. فاندفع
صفحه ۵۴