وصلى الله على سيد الأنبياء محمد المصطفى وعترته الأصفياء صلاة تملأ أقطار الأرض والسماء.
أما بعد فهذا كتاب قواعد الأحكام في معرفة الحلال والحرام، لخصت فيه لب
عند المصنف (1) فكانوا أولى بوصف التكميل.
واعلم أن على العبارة سؤالا مشهورا وهو: «أن إرسال الأنبياء والأوصياء واجب على الله تعالى عند المصنف (2) وفريقة (3) فكيف يجعله تفضلا وتطولا إذ هما دالان على جواز خلافه» (4).
وأجاب المصنف عن ذلك لولده، الإمام فخر الدين حين أورد عليه ذلك: «بأن إرسال الأنبياء موقوف على خلق المكلفين وتكميل عقولهم وخلق الشهوات لهم والقدرة وذلك كله تفضل فلما كان الأصل المبني عليه تفضلا كان الفرع أولى بالتفضل» (5).
وفيه نظر، إذ لا يلزم من التفضل بالأصل التفضل بالفرع، بل كثيرا ما يحصل بينهما الاختلاف في ذلك. وهو يظهر من جميع ما ذهبت المعتزلة (6) والإمامية (7) إلى وجوبه على الله تعالى للمكلفين. وفي غيره من الشواهد أن مملوك الغير وحيوانه لا يجب على غيره نفقته ولا شراؤه فإذا اشتراه وجب ذلك عليه، مع أن الأصل المبني عليه وهو الشراء غير واجب والإنفاق الواجب فرعه، وغير ذلك مما حكمه واضح ، بل لا يندفع السؤال إلا إذا
صفحه ۴