الأوفر، واليوم الأنور، واليمن الأنضر، والفجر الأسفر، والفخر الأظهر، والجد الأشم الأشمخ، والمجد الأبلج الابلخ. والعز الاسمق الأسمى، والنور الأنم الانمى. والظفر الأجل الأجلى، والوطر الأحل الأحلى. والشرف الاسنم الأسنى، والعزم الأغنم الأغنى، والسعد الأجد الأجدى، والصيت الأبدى الأبدى.
وهو الفتح الذي تفوح بمحابه مهاب الفتوح، وتبوح بسر روحه وملكه سرائر الملائكة والروح، وتروح وتغدو غوادي النعم وروائحها إلى روض الهدى المروج، وتلوح تباشير بشراه في لوح الدهر لكل مؤمن يتلقاها بالوجه السافر والصدر المشروح، وتنوح ناعية الكفر في كل ناحية ولكل نادبة للأسى على قتيلها وأسيرها ندوب في القلب المقروح.
وهو فتح بيت الله المقدس الذي غلق نيفا وتسعين سنة مع الكفر رهنه، وطال في
أسره سجنه، واستحكم وهنه. وقوى نكره، وضعف ركنه. وزاد حزنه، وزال حسنه، وتجدبت من الهدى أرضه، واخلف مزنه، وواصله خوفه، وفارقه أمنه، واشتغل خاطر الإسلام بسببه، وساء ظنه، وذكر فيه الواحد الأحد، الذي تعالى عن الولد، أن المسيح ابنه، وأربع فيه التثليث فعز صليبه وصلبه، أفرد عنه التوحيد فكاد يهي متنه.
ودرج الملوك الأقدمون على تمني استنفاذه فأبى السلطان غير استيلائه واستحوتذه، وكان في الغيب الإلهي أن معاده في الآخرة إلى معاذه وأن نفاد ليل الشرك بإسفار صبح أمرنا وإشراق مطالع نفاذه. ودخر الله هذه الفضيلة لنا ولهذا العصر، وأنزل على نصلنا نص النصر، واطلع لليل عزمنا فجر الفخر، ووفقنا لوصل أسباب الإسلام وقطع دابر الكفر.
وذلك أنا استفتحنا سنة ثلاث وثمانين بقمع أهل التثليث، وأصرخنا الإسلام بالجد المنجد والعزم المغيث. وخرجنا من دمشق في المحرم، في العزم المصمم، والرعب المجهز إلى الكفر والبأس المقدم. وكنا أشفقنا على طريق الحج من قصد الفرنج فشغلناهم عن القصد بقصدهم، وتصدينا لجهادهم بردهم عن المراد وصدهم. وأقمنا بظاهر بصري مخيمن على ست الكرك، وقدمنا الطلائع إلى المناهل ونظمنا سلك إمدادهم في ذلك المسلك حتى وصل الحاج سالما، وذل الكفر عن قصده راغما.
ولما فرغ القلب من شغله؛ وفاز كل بجمع شمله بأهله؛ سرنا إلى الكرك في الأمراء والمفردين الخواص، وشفعنا للجهاد في سبيل الله الفاتحة بالإخلاص. وقد كنا استدعينا العساكر والجموع للجهاد من جميع الجهات، وترقنا توافيهم بالميقات. وامرنا ولدنا الملك الأفضل أن يقيم برأس الماء. ويكون في خدمته جميع الأمراء. وسرنا إلى الكرك والشوبك فأخربنا عمارتها، واحرقنا غلاتها، وقطعنا ثمراتها.
وأزعجنا ساكنيها، وأخفنا آمنيها، وأجلينا عنها فلاحيها، وأقمنا النوائح عليها في نواحيها.
1 / 105