فتح مبین
الفتح المبين بشرح الأربعين
ناشر
دار المنهاج
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٨ م
محل انتشار
جدة - المملكة العربية السعودية
ژانرها
وروى ابن عساكر عن كعب الأحبار: (أن آدم رآه مكتوبًا على ساق العرش، وفي السماوات، وعلى كل قصرٍ وغرفةٍ في الجنة، وعلى نحور الحور العين، وعلى ورق شجرة طوبى (١)، وسدرة المنتهى، وأطراف الحجب، وبين أعين الملائكة) (٢).
ولم يُسمَّ أحد قبله به، لكن لما قَرُب زمنه ﷺ، ونشر أهل الكتاب نعته. . سمى قومٌ أولادَهم به رجاءَ النبوة لهم، واللَّه أعلم حيث يجعل رسالاته، وعِدَّتهم خمسة عشر كما بيَّنه بعض المحققين (٣).
(عبدُهُ) قدَّمه امتثالًا لما في الحديث الصحيح: "ولكن قولوا: عبد اللَّه ورسوله" (٤)؛ ولأنه أحب الأسماء إلى اللَّه ﷾ وأرفعها إليه، ومن ثَمَّ وصفه اللَّه تعالى به في أشرف المقامات، فذكره في إنزال القرآن عليه في: ﴿عَلَى عَبْدِنَا﴾، ﴿أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ﴾، ﴿نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ﴾، وفي مقام الدعوة إليه في: ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ﴾، وفي مقام الإسراء والوحي إليه في: ﴿أَسْرَى بِعَبْدِهِ﴾، ﴿فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (١٠)﴾، فلو كان له وصفٌ أشرف منه. . لذكره به في تلك المقامات العلية، ومن ثَمَّ خُير ﷺ بين أن يكون نبيًا ملكًا، أو نبيًا عبدًا، فاختار الثاني (٥)، وسليمان ﵊ سأل الأول (٦)، فانظر بُعدَ ما بين المرتبتين.
وسبب أشرفية هذا الوصف: أن الألوهية والسيادة والربوبية إنما هي بالحقيقة للَّه ﷾ لا غير، والعبودية بالحقيقة لمن دونه؛ ففي الوصف بها إشارةٌ أيُّ إشارةٍ إلى غاية كماله تعالى وتعاليه، واحتياج غيره إليه في سائر أحواله.
(ورسولُه) تفسيره كالنبي ﷺ بما يعلم منه أن بينهما عمومًا
_________
(١) طوبى: اسم شجرةٍ من أشجار الجنة.
(٢) أخرج نحوه في "تاريخ دمشق" (٢٣/ ٢٨١).
(٣) انظر "فتح الباري" (٦/ ٥٥٦ - ٥٥٧)، و"سبل الهدى والرشاد" للإمام الصالحي الشامي رحمه اللَّه تعالى (١/ ٥٠٣) وما بعدها.
(٤) أخرجه البخاري (٣٤٤٥)، وابن حبان (٤١٣)، والإمام أحمد (١/ ٢٣) عن سيدنا عمر ﵁.
(٥) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٤٨)، وعبد الرزاق في "المصنف" (١٩٥٥٢) عن طاووس ﵀ مرسلًا، والطبراني في "الكبير" (١٠/ ٢٨٨) عن سيدنا ابن عباس ﵄.
(٦) بقوله: ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي﴾.
1 / 83